الإِنْجِيلُ كَمَا دَوَّنَهُ مَتَّى
شاء الروح القدس، في القرن الأول للميلاد، أن يوحي إلى أربعة رجال أن يُدَوِّنوا الإنجيل وهو البشارة بالمسيح مخلِّص العالم؛ فتولى كل منهم التركيز على جانب معين من جوانب حياة يسوع وشخصيته الفريدة.
فالإنجيل الذي دونه متى يركز على أن المسيح هو الملك الذي كان اليهود ينتظرونه؛ ولكنهم، لما جاء، رفضوه وصلبوه، مع أنه هو ابن داود الذي تمت به نبوءات العهد القديم، وابن إبراهيم الآتي بالبركة للأمم جميعاً.
ويتضمن هذا الإنجيل نخبة من تعاليم المسيح، ولاسيما ما يختص منها بملكوت السماوات، فيكشف أسراره عن طريق الأمثال، ويبين ما سيحدث في نهاية الزمان وعند رجوع المسيح ملكاً ممجداً، وينتهي بالحديث عن آلام المسيح وموته وقيامته.
١
نسب يسوع المسيح
١ هَذَا سِجِلُّ نَسَبِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِ دَاوُدَ ابْنِ إِبْرَاهِيمَ:
٢ إِبْرَاهِيمُ أَنْجَبَ إِسْحَاقَ. وَإِسْحاقُ أَنْجَبَ يَعْقُوبَ. وَيَعْقُوبُ أَنْجَبَ يَهُوذَا وَإِخْوَتَهُ.
٣ وَيَهُوذَا أَنْجَبَ فَارِصَ وَزَارَحَ مِنْ ثَامَارَ. وَفَارِصُ أَنْجَبَ حَصْرُونَ. وَحَصْرُونُ أَنْجَبَ أَرَامَ.
٤ وَأَرَامُ أَنْجَبَ عَمِّينَادَابَ. وَعَمِّينَادَابُ أَنْجَبَ نَحْشُونَ. وَنَحْشُونُ أَنْجَبَ سَلْمُونَ.
٥ وَسَلْمُونُ أَنْجَبَ بُوعَزَ مِنْ رَاحَابَ. وَبُوعَزُ أَنْجَبَ عُوبِيدَ مِنْ رَاعُوثَ. وَعُوبِيدُ أَنْجَبَ يَسَّى.
٦ وَيَسَّى أَنْجَبَ دَاوُدَ الْمَلِكَ. وَدَاوُدُ أَنْجَبَ سُلَيْمَانَ مِنَ الَّتِي كَانَتْ زَوْجَةً لأُورِيَّا.
٧ وَسُلَيْمَانُ أَنْجَبَ رَحَبْعَامَ. وَرَحَبْعَامُ أَنْجَبَ أَبِيَّا. وَأَبِيَّا أَنْجَبَ آسَا.
٨ وَآسَا أَنْجَبَ يَهُوشَافَاطَ. وَيَهُوشَافَاطُ أَنْجَبَ يُورَامَ. وَيُورَامُ أَنْجَبَ عُزِّيَّا.
٩ وَعُزِّيَّا أَنْجَبَ يُوثَامَ. وَيُوثَامُ أَنْجَبَ آحَازَ. وَآحَازُ أَنْجَبَ حِزْقِيَّا.
١٠ وَحِزْقِيَّا أَنْجَبَ مَنَسَّى. وَمَنَسَّى أَنْجَبَ آمُونَ. وَآمُونُ أَنْجَبَ يُوشِيَّا.
١١ وَيُوشِيَّا أَنْجَبَ يَكُنْيَا وَإِخْوَتَهُ فِي أَثْنَاءِ السَّبْيِ إِلَى بَابِلَ.
١٢ وَبَعْدَ السَّبْيِ إِلَى بَابِلَ، يَكُنْيَا أَنْجَبَ شَأَلْتِئِيلَ. وَشَأَلْتِئِيلُ أَنْجَبَ زَرُبَّابِلَ.
١٣ وَزَرُبَّابِلُ أَنْجَبَ أَبِيهُودَ. وَأَبِيهُودُ أَنْجَبَ أَلِيَاقِيمَ. وَأَلِيَاقِيمُ أَنْجَبَ عَازُورَ.
١٤ وَعَازُورُ أَنْجَبَ صَادُوقَ. وَصَادُوقُ أَنْجَبَ أَخِيمَ. وَأَخِيمُ أَنْجَبَ أَلِيُودَ.
١٥ وَأَلِيُودُ أَنْجَبَ أَلِيعَازَرَ. وَأَلِيعَازَرُ أَنْجَبَ مَتَّانَ. وَمَتَّانُ أَنْجَبَ يَعْقُوبَ.
١٦ وَيَعْقُوبُ أَنْجَبَ يُوسُفَ رَجُلَ مَرْيَمَ الَّتِي وُلِدَ مِنْهَا يَسُوعُ الَّذِي يُدْعَى الْمَسِيحَ.
١٧ فَجُمْلَةُ الأَجْيَالِ مِنْ إِبْرَاهِيمَ إِلَى دَاوُدَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ جِيلاً؛ وَمِنْ دَاوُدَ إِلَى السَّبْيِ الْبَابِلِيِّ أَرْبَعَةَ عَشَرَ جِيلاً؛ وَمِنَ السَّبْيِ الْبَابِلِيِّ إِلَى الْمَسِيحِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ جِيلاً.
ميلاد يسوع المسيح
١٨ أَمَّا يَسُوعُ الْمَسِيحُ فَقَدْ تَمَّتْ وِلادَتُهُ هكَذَا: كَانَتْ أُمُّهُ مَرْيَمُ مَخْطُوبَةً لِيُوسُفَ؛ وَقَبْلَ أَنْ يَجْتَمِعَا مَعاً، وُجِدَتْ حُبْلَى مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ.
١٩ وَإِذْ كَانَ يُوسُفُ خَطِيبُهَا رَجُلاً صَالِحاً، وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يُشَهِّرَ بِها، قَرَّرَ أَنْ يَتْرُكَهَا سِرّاً.
٢٠ وَبَيْنَمَا كَانَ يُفَكِّرُ فِي الأَمْرِ، إِذَا مَلاكٌ مِنَ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ لَهُ فِي حُلْمٍ يَقُولُ: «يَا يُوسُفُ ابْنَ دَاوُدَ! لَا تَخَفْ أَنْ تَأْتِيَ بِمَرْيَمَ عَرُوسِكَ إِلَى بَيْتِكَ، لأَنَّ الَّذِي هِيَ حُبْلَى بِهِ إِنَّمَا هُوَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ.
٢١ فَسَتَلِدُ ابْناً، وَأَنْتَ تُسَمِّيهِ يَسُوعَ، لأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ».
٢٢ حَدَثَ هَذَا كُلُّهُ لِيَتِمَّ مَا قَالَهُ الرَّبُّ بِلِسَانِ النَّبِيِّ الْقَائِلِ:
٢٣ «هَا إِنَّ الْعَذْرَاءَ تَحْبَلُ، وَتَلِدُ ابْناً، وَيُدْعَى عِمَّانُوئِيلَ!» أَيِ «اللهُ مَعَنَا».
٢٤ وَلَمَّا نَهَضَ يُوسُفُ مِنْ نَوْمِهِ، فَعَلَ مَا أَمَرَهُ بِهِ مَلاكُ الرَّبِّ؛ فَأَتَى بِعَرُوسِهِ إِلَى بَيْتِهِ.
٢٥ وَلكِنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ بِها حَتَّى وَلَدَتِ ابْناً، فَسَمَّاهُ يَسُوعَ.
٢
زيارة المجوس
١ وَبَعْدَمَا وُلِدَ يَسُوعُ فِي بَيْتِ لَحْمٍ الْوَاقِعَةِ فِي مِنْطَقَةِ الْيَهُودِيَّةِ فِي عَهْدِ الْمَلِكِ هِيرُودُسَ، جَاءَ إِلَى أُورُشَلِيمَ بَعْضُ الْمَجُوسِ الْقَادِمِينَ مِنَ الشَّرْقِ،
٢ يَسْأَلُونَ: «أَيْنَ هُوَ الْمَوْلُودُ مَلِكُ الْيَهُودِ؟ فَقَدْ رَأَيْنَا نَجْمَهُ طَالِعاً فِي الشَّرْقِ، فَجِئْنَا لِنَسْجُدَ لَهُ».
٣ وَلَمَّا سَمِعَ الْمَلِكُ هِيرُودُسُ بِذلِكَ، اضْطَرَبَ وَاضْطَرَبَتْ مَعَهُ أُورُشَلِيمُ كُلُّهَا.
٤ فَجَمَعَ إِلَيْهِ رُؤَسَاءَ كَهَنَةِ الْيَهُودِ وَكَتَبَتَهُمْ جَمِيعاً، وَسَأَلَهُمْ: «أَيْنَ يُوْلَدُ الْمَسِيحُ».
٥ فَأَجَابُوهُ: «فِي بَيْتِ لَحْمٍ بِالْيَهُودِيَّةِ، فَقَدْ جَاءَ فِي الْكِتَابِ عَلَى لِسَانِ النَّبِيِّ:
٦ وَأَنْتِ يَا بَيْتَ لَحْمٍ بِأَرْضِ يَهُوذَا، لَسْتِ صَغِيرَةَ الشَّأْنِ أَبَداً بَيْنَ حُكَّامِ يَهُوذَا، لأَنَّهُ مِنْكِ يَطْلُعُ الْحَاكِمُ الَّذِي يَرْعَى شَعْبِي إِسْرَائِيلَ!»
٧ فَاسْتَدْعَى هِيرُودُسُ الْمَجُوسَ سِرّاً، وَتَحَقَّقَ مِنْهُمْ زَمَنَ ظُهُورِ النَّجْمِ.
٨ ثُمَّ أَرْسَلَهُمْ إِلَى بَيْتِ لَحْمٍ، وَقَالَ: «اذْهَبُوا وَابْحَثُوا جَيِّداً عَنِ الصَّبِيِّ. وَعِنْدَمَا تَجِدُونَهُ أَخْبِرُونِي، لأَذْهَبَ أَنَا أَيْضاً وَأَسْجُدَ لَهُ».
٩ فَلَمَّا سَمِعُوا مَا قَالَهُ الْمَلِكُ، مَضَوْا فِي سَبِيلِهِمْ. وَإذَا النَّجْمُ، الَّذِي سَبَقَ أَنْ رَأَوْهُ فِي الشَّرْقِ، يَتَقَدَّمُهُمْ حَتَّى جَاءَ وَتَوَقَّفَ فَوْقَ الْمَكَانِ الَّذِي كَانَ الصَّبِيُّ فِيهِ.
١٠ فَلَمَّا رَأَوْا النَّجْمَ فَرِحُوا فَرَحاً عَظِيماً جِدّاً؛
١١ وَدَخَلُوا الْبَيْتَ فَوَجَدُوا الصَّبِيَّ مَعَ أُمِّهِ مَرْيَمَ. فَجَثَوْا وَسَجَدُوا لَهُ، ثُمَّ فَتَحُوا كُنُوزَهُمْ وَقَدَّمُوا لَهُ هَدَايَا، ذَهَباً وَبَخُوراً وَمُرّاً.
١٢ ثُمَّ أُوْحِيَ إِلَيْهِمْ فِي حُلْمٍ أَلّا يَرْجِعُوا إِلَى هِيرُودُسَ، فَانْصَرَفُوا إِلَى بِلادِهِمْ فِي طَرِيقٍ أُخْرَى.
الهرب إِلى مصر
١٣ وَبَعْدَمَا انْصَرَفَ الْمَجُوسُ، إِذَا مَلاكٌ مِنَ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ لِيُوسُفَ فِي حُلْمٍ، وَقَالَ لَهُ: «قُمْ وَاهْرُبْ بِالصَّبِيِّ وَأُمِّهِ إِلَى مِصْرَ، وَابْقَ فِيهَا إِلَى أَنْ آمُرَكَ بِالرُّجُوعِ، فَإِنَّ هِيرُودُسَ سَيَبْحَثُ عَنِ الصَّبِيِّ لِيَقْتُلَهُ».
١٤ فَقَامَ يُوسُفُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ، وَهَرَبَ بِالصَّبِيِّ وَأُمِّهِ مُنْطَلِقاً إِلَى مِصْرَ،
١٥ وَبَقِيَ فِيهَا إِلَى أَنْ مَاتَ هِيرُودُسُ، لِيَتِمَّ مَا قَالَهُ الرَّبُّ بِلِسَانِ النَّبِيِّ الْقَائِلِ: «مِنْ مِصْرَ دَعَوْتُ ابْنِي».
١٦ وَعِنْدَمَا أَدْرَكَ هِيرُودُسُ أَنَّ الْمَجُوسَ سَخِرُوا مِنْهُ، اسْتَوْلَى عَلَيْهِ الْغَضَبُ الشَّدِيدُ، فَأَرْسَلَ وَقَتَلَ جَمِيعَ الصِّبْيَانِ فِي بَيْتِ لَحْمٍ وَجُوَارِهَا، مِنِ ابْنِ سَنَتَيْنِ فَمَا دُونَ، بِحَسَبِ زَمَنِ ظُهُورِ النَّجْمِ كَمَا تَحَقَّقَهُ مِنَ الْمَجُوسِ.
١٧ عِنْدَئِذٍ تَمَّ مَا قِيلَ بِلِسَانِ النَّبِيِّ إِرْمِيَا الْقَائِلِ:
١٨ «صُرَاخٌ سُمِعَ مِنَ الرَّامَةِ: بُكَاءٌ وَنَحِيبٌ شَدِيدٌ! رَاحِيلُ تَبْكِي عَلَى أَوْلادِهَا، وَلَا تُرِيدُ أَنْ تَتَعَزَّى، لأَنَّهُمْ قَدْ رَحَلُوا!»
العودة إلى الناصرة
١٩ لَمَّا مَاتَ هِيرُودُسُ، إِذَا مَلاكٌ مِنَ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ فِي حُلْمٍ لِيُوسُفَ فِي مِصْرَ،
٢٠ وَقَالَ لَهُ: «قُمِ ارْجِعْ بِالصَّبِيِّ وَأُمِّهِ إِلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ، فَقَدْ مَاتَ الَّذِينَ كَانُوا يَسْعَوْنَ إِلَى قَتْلِهِ!»
٢١ فَقَامَ وَرَجَعَ بِالصَّبِيِّ وَأُمِّهِ إِلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ.
٢٢ وَلكِنَّهُ حِينَ سَمِعَ أَنَّ أَرْخِيلاوُسَ يَمْلِكُ عَلَى مِنْطَقَةِ الْيَهُودِيَّةِ خَلَفاً لأَبِيهِ هِيرُودُسَ، خَافَ أَنْ يَذْهَبَ إِلَى هُنَاكَ. وَإِذْ أُوْحِيَ إِلَيْهِ فِي حُلْمٍ، تَوَجَّهَ إِلَى نَوَاحِي مِنْطَقَةِ الْجَلِيلِ،
٢٣ فَوَصَلَ بَلْدَةً تُسَمَّى «النَّاصِرَةَ» وَسَكَنَ فِيهَا، لِيَتِمَّ مَا قِيلَ بِلِسانِ الأَنْبِيَاءِ إِنَّهُ سَيُدْعَى نَاصِرِيًّا!
٣
يوحنا المعمدان يعد الطريق
١ فِي تِلْكَ الْفَتْرَةِ مِنَ الزَّمَانِ، ظَهَرَ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ فِي بَرِّيَّةِ الْيَهُودِيَّةِ، يُبَشِّرُ
٢ قَائِلاً: «تُوبُوا، فَقَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ!»
٣ وَيُوحَنَّا هَذَا هُوَ الَّذِي قِيلَ عَنْهُ بِلِسَانِ النَّبِيِّ إِشَعْيَاءَ الْقَائِلِ: «صَوْتُ مُنَادٍ فِي الْبَرِّيَّةِ: أَعِدُّوا طَرِيقَ الرَّبِّ، وَاجْعَلُوا سُبُلَهُ مُسْتَقِيمَةً!»
٤ وَكَانَ يُوحَنَّا يَلْبَسُ ثَوْباً مِنْ وَبَرِ الْجِمَالِ، وَيَشُدُّ وَسَطَهُ بِحِزَامٍ مِنْ جِلْدٍ، وَيَأْكُلُ الْجَرَادَ وَالْعَسَلَ الْبَرِّيَّ.
٥ فَخَرَجَ إِلَيْهِ أَهْلُ أُورُشَلِيمَ وَمِنْطَقَةِ الْيَهُودِيَّةِ كُلِّهَا وَجَمِيعِ الْقُرَى الْمُجَاوِرَةِ لِلأُرْدُنِّ؛
٦ فَكَانُوا يَتَعَمَّدُونَ عَلَى يَدِهِ فِي نَهْرِ الأُرْدُنِّ مُعْتَرِفِينَ بِخَطَايَاهُمْ.
٧ وَلَمَّا رَأَى يُوحَنَّا كَثِيرِينَ مِنَ الْفَرِّيسِيِّينَ وَالصَّدُّوقِيِّينَ يَأْتُونَ إِلَيْهِ لِيَتَعَمَّدُوا، قَالَ لَهُمْ: «يَا أَوْلادَ الأَفَاعِي، مَنْ أَنْذَرَكُمْ لِتَهْرُبُوا مِنَ الْغَضَبِ الآتِي؟
٨ فَأَثْمِرُوا ثَمَراً يَلِيقُ بِالتَّوْبَةِ.
٩ وَلا تَفْتَكِرُوا فِي أَنْفُسِكُمْ قَائِلِينَ: لَنَا إِبْرَاهِيمُ أَباً! فَإِنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ اللهَ قَادِرٌ أَنْ يُطْلِعَ مِنْ هَذِهِ الْحِجَارَةِ أَوْلاداً لإِبْرَاهِيمَ.
١٠ وَهَا إِنَّ الْفَأْسَ قَدْ أُلْقِيَتْ عَلَى أَصْلِ الشَّجَرِ، فَكُلُّ شَجَرَةٍ لَا تُثْمِرُ ثَمَراً جَيِّداً تُقْطَعُ وَتُطْرَحُ فِي النَّارِ.
١١ أَنَا أُعَمِّدُكُمْ بِالْمَاءِ لأَجْلِ التَّوْبَةِ، وَلكِنَّ الآتِيَ بَعْدِي هُوَ أَقْدَرُ مِنِّي، وَأَنَا لَا أَسْتَحِقُّ أَنْ أَحْمِلَ حِذَاءَهُ. هُوَ سَيُعَمِّدُكُمْ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ، وَبِالنَّارِ.
١٢ فَهُوَ يَحْمِلُ الْمِذْرَى بِيَدِهِ، وَسَيُنَقِّي مَا حَصَدَهُ تَمَاماً: فَيَجْمَعُ قَمْحَهُ إِلَى الْمَخْزَنِ، وَأَمَّا التِّبْنُ فَيُحْرِقُهُ بِنَارٍ لَا تُطْفَأُ!»
معمودية يسوع
١٣ ثُمَّ جَاءَ يَسُوعُ مِنْ مِنْطَقَةِ الْجَلِيلِ إِلَى نَهْرِ الأُرْدُنِّ، وَقَصَدَ إِلَى يُوحَنَّا لِيَتَعَمَّدَ عَلَى يَدِهِ.
١٤ لكِنَّ يُوحَنَّا حَاوَلَ مَنْعَهُ قَائِلاً: «أَنَا الْمُحْتَاجُ أَنْ أَتَعَمَّدَ عَلَى يَدِكَ، وَأَنْتَ تَأْتِي إِلَيَّ!»
١٥ وَلكِنَّ يَسُوعَ أَجَابَهُ: «اسْمَحِ الآنَ بِذلِكَ! فَهكَذَا يَلِيقُ بِنَا أَنْ نُتِمَّ كُلَّ صَلاحٍ». عِنْدَئِذٍ سَمَحَ لَهُ.
١٦ فَلَمَّا تَعَمَّدَ يَسُوعُ، صَعِدَ مِنَ الْمَاءِ فِي الْحَالِ، وَإذَا السَّمَاوَاتُ قَدِ انْفَتَحَتْ لَهُ وَرَأَى رُوحَ اللهِ هَابِطاً وَنَازِلاً عَلَيْهِ كَأَنَّهُ حَمَامَةٌ.
١٧ وَإذَا صَوْتٌ مِنَ السَّمَاوَاتِ يَقُولُ: «هَذَا هُوَ ابْنِي الْحَبِيبُ، الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ كُلَّ سُرُورٍ!»
٤
تجربة يسوع في البرية
١ ثُمَّ صَعِدَ الرُّوحُ بِيَسُوعَ إِلَى الْبَرِّيَّةِ، لِيُجَرَّبَ مِنْ قِبَلِ إِبْلِيسَ.
٢ وَبَعْدَمَا صَامَ أَرْبَعِينَ نَهَاراً وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً، جَاعَ أَخِيراً،
٣ فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ الْمُجَرِّبُ وَقَالَ لَهُ: «إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللهِ، فَقُلْ لِهَذِهِ الْحِجَارَةِ أَنْ تَتَحَوَّلَ إِلَى خُبْزٍ!»
٤ فَأَجَابَهُ قَائِلاً: «مَكْتُوبٌ: لَيْسَ بِالْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا الإِنْسَانُ، بَلْ بِكُلِّ كَلِمَةٍ تَخْرُجُ مِنْ فَمِ اللهِ!»
٥ ثُمَّ أَخَذَهُ إِبْلِيسُ إِلَى الْمَدِينَةِ الْمُقَدَّسَةِ، وَأَوْقَفَهُ عَلَى حَافَةِ سَطْحِ الْهَيْكَلِ،
٦ وَقَالَ لَهُ: «إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللهِ، فَاطْرَحْ نَفْسَكَ إِلَى أَسْفَلُ، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: يُوصِي مَلائِكَتَهُ بِكَ، فَيَحْمِلُونَكَ عَلَى أَيْدِيهِمْ لِكَيْ لَا تَصْدِمَ قَدَمَكَ بِحَجَرٍ!»
٧ فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «وَمَكْتُوبٌ أَيْضاً: لَا تُجَرِّبِ الرَّبَّ إِلهَكَ!»
٨ ثُمَّ أَخَذَهُ إِبْلِيسُ أَيْضاً إِلَى قِمَّةِ جَبَلٍ عَالٍ جِدّاً، وَأَرَاهُ جَمِيعَ مَمَالِكِ الْعَالَمِ وَعَظَمَتَهَا،
٩ وَقَالَ لَهُ: «أُعْطِيكَ هَذِهِ كُلَّهَا إِنْ جَثَوْتَ وَسَجَدْتَ لِي!»
١٠ فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «اذْهَبْ يَا شَيْطَانُ! لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: لِلرَّبِّ إِلهِكَ تَسْجُدُ، وَإِيَّاهُ وَحْدَهُ تَعْبُدُ!»
١١ فَتَرَكَهُ إِبْلِيسُ، وَإذَا بَعْضُ الْمَلائِكَةِ جَاءُوا إِلَيْهِ وَأَخَذُوا يَخْدِمُونَهُ.
يسوع يبدأ في التبشير
١٢ وَلَمَّا سَمِعَ يَسُوعُ أَنَّهُ قَدْ أُلْقِيَ الْقَبْضُ عَلَى يُوحَنَّا، عَادَ إِلَى مِنْطَقَةِ الْجَلِيلِ.
١٣ وَإِذْ تَرَكَ النَّاصِرَةَ، تَوَجَّهَ إِلَى كَفْرَنَاحُومَ الْوَاقِعَةِ عَلَى شَاطِئِ الْبُحَيْرَةِ ضِمْنَ حُدُودِ زَبُولُونَ وَنَفْتَالِيمَ، وَسَكَنَ فِيهَا،
١٤ لِيَتِمَّ مَا قِيلَ بِلِسَانِ النَّبِيِّ إِشَعْيَاءَ الْقَائِلِ:
١٥ «أَرْضُ زَبُولُونَ وَأَرْضُ نَفْتَالِيمَ، عَلَى طَرِيقِ الْبُحَيْرَةِ مَا وَرَاءَ نَهْرِ الأُرْدُنِّ، بِلادُ الْجَلِيلِ الَّتِي يَسْكُنُهَا الأَجَانِبُ،
١٦ الشَّعْبُ الْجَالِسُ فِي الظُّلْمَةِ، أَبْصَرَ نُوراً عَظِيماً، وَالْجَالِسُونَ فِي أَرْضِ الْمَوْتِ وَظِلالِهِ، أَشْرَقَ عَلَيْهِمْ نُورٌ!»
١٧ مِنْ ذلِكَ الْحِينِ بَدَأَ يَسُوعُ يُبَشِّرُ قَائِلاً: «تُوبُوا، فَقَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ!»
دعوة التلاميذ الأولين
١٨ وَبَيْنَمَا كَانَ يَسُوعُ يَمْشِي عَلَى شَاطِئِ بُحَيْرَةِ الْجَلِيلِ، رَأَى أَخَوَيْنِ، هُمَا سِمْعَانُ الَّذِي يُدْعَى بُطْرُسَ وَأَنْدَرَاوُسُ أَخُوهُ، يُلْقِيَانِ الشَّبَكَةَ فِي الْبُحَيْرَةِ، إِذْ كَانَا صَيَّادَيْنِ.
١٩ فَقَالَ لَهُمَا: «هَيَّا اتْبَعَانِي، فَأَجْعَلَكُمَا صَيَّادَيْنِ لِلنَّاسِ!»
٢٠ فَتَرَكَا الشِّبَاكَ وَتَبِعَاهُ حَالاً.
٢١ وَسَارَ مِنْ هُنَاكَ فَرَأَى أَخَوَيْنِ آخَرَيْنِ، هُمَا يَعْقُوبُ بْنُ زَبَدِي وَيُوحَنَّا أَخُوهُ، فِي الْقَارِبِ مَعَ أَبِيهِمَا يُصْلِحَانِ شِبَاكَهُمَا، فَدَعَاهُمَا لِيَتْبَعَاهُ.
٢٢ فَتَركَا الْقَارِبَ وَأَبَاهُمَا، وَتَبِعَاهُ حَالاً.
يسوع يشفي المرضى
٢٣ وَكَانَ يَسُوعُ يَتَنَقَّلُ فِي مِنْطَقَةِ الْجَلِيلِ كُلِّهَا، يُعَلِّمُ فِي مَجَامِعِ الْيَهُودِ، وَيُنَادِي بِبِشَارَةِ الْمَلَكُوتِ، وَيَشْفِي كُلَّ مَرَضٍ وَعِلَّةٍ فِي الشَّعْبِ،
٢٤ فَذَاعَ صِيتُهُ فِي سُورِيَّةَ كُلِّهَا. فَحَمَلُوا إِلَيْهِ مَرْضَاهُمُ الْمُصَابِينَ بِأَمْرَاضٍ وَأَوْجَاعٍ مُخْتَلِفَةٍ، وَالْمَسْكُونِينَ بِالشَّيَاطِينِ، وَالْمَصْرُوعِينَ، وَالْمَشْلُولِينَ، فَشَفَاهُمْ جَمِيعاً.
٢٥ فَتَبِعَتْهُ جُمُوعٌ كَبِيرَةٌ مِنْ مَنَاطِقِ الْجَلِيلِ، وَالْمُدُنِ الْعَشْرِ، وَأُورُشَلِيمَ، وَالْيَهُودِيَّةِ، وَمَا وَرَاءَ الأُرْدُنِّ.
٥
مقدمة للموعظة على الجبل
١ وَإِذْ رَأَى جُمُوعَ النَّاسِ، صَعِدَ إِلَى الْجَبَلِ. وَمَا إِنْ جَلَسَ، حَتَّى اقْتَرَبَ إِلَيْهِ تَلامِيذُهُ.
٢ فَتَكَلَّمَ وَأَخَذَ يُعَلِّمُهُمْ.
التطويبات
فَقَالَ:
٣ «طُوبَى لِلْمَسَاكِينِ بِالرُّوحِ، فَإِنَّ لَهُمْ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ.
٤ طُوبَى لِلْحَزَانَى، فَإِنَّهُمْ يَتَعَزَّوْنَ.
٥ طُوبَى لِلْوُدَعَاءِ، فَإِنَّهُمْ سَيَرِثُونَ الأَرْضَ.
٦ طُوبَى لِلْجِيَاعِ وَالْعِطَاشِ إِلَى الْبِرِّ، فَإِنَّهُمْ سَيُشْبَعُونَ.
٧ طُوبَى لِلرُّحَمَاءِ، فَإِنَّهُمْ سَيُرْحَمُونَ.
٨ طُوبَى للأَنْقِيَاءِ الْقَلْبِ، فَإِنَّهُمْ سَيَرَوْنَ اللهَ.
٩ طُوبَى لِصَانِعِي السَّلامِ، فَإِنَّهُمْ سَيُدْعَوْنَ أَبْنَاءَ اللهِ.
١٠ طُوبَى لِلْمُضْطَهَدِينَ مِنْ أَجْلِ الْحَقِّ، فَإِنَّ لَهُمْ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ.
١١ طُوبَى لَكُمْ مَتَى أَهَانَكُمُ النَّاسُ وَاضْطَهَدُوكُمْ، وَقَالُوا عَلَيْكُمْ مِنْ أَجْلِي كُلَّ سُوءٍ كَاذِبِينَ.
١٢ اِفْرَحُوا وَتَهَلَّلُوا، فَإِنَّ مُكَافَأَتَكُمْ فِي السَّمَاوَاتِ عَظِيمَةٌ. فَإِنَّهُمْ هكَذَا اضْطَهَدُوا الأَنْبِيَاءَ مِنْ قَبْلِكُمْ!
ملح الأرض ونور العالم
١٣ أَنْتُمْ مِلْحُ الأَرْضِ. فَإِذَا فَسَدَ الْمِلْحُ، فَمَاذَا يُعِيدُ إِلَيْهِ مُلُوحَتَهُ؟ إِنَّهُ لَا يَعُودُ يَصْلُحُ لِشَيْءٍ إِلّا لأَنْ يُطْرَحَ خَارِجاً لِتَدُوسَهُ النَّاسُ!
١٤ أَنْتُمْ نُورُ الْعَالَمِ. لَا يُمْكِنُ أَنْ تُخْفَى مَدِينَةٌ مَبْنِيَّةٌ عَلَى جَبَلٍ؛
١٥ وَلا يُضِيءُ النَّاسُ مِصْبَاحاً ثُمَّ يَضَعُونَهُ تَحْتَ مِكْيَالٍ، بَلْ يَضَعُونَهُ فِي مَكَانٍ مُرْتَفِعٍ لِيُضِيءَ لِجَمِيعِ مَنْ فِي الْبَيْتِ.
١٦ هكَذَا، فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ أَمَامَ النَّاسِ، لِيَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.
تحقيق وإكمال الشريعة
١٧ لَا تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأُلْغِيَ الشَّرِيعَةَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأُلْغِيَ، بَلْ لأُكَمِّلَ.
١٨ فَالْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ الأَرْضُ وَالسَّمَاءُ، لَنْ يَزُولَ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ الشَّرِيعَةِ، حَتَّى يَتِمَّ كُلُّ شَيْءٍ.
١٩ فَأَيُّ مَنْ خَالَفَ وَاحِدَةً مِنْ هَذِهِ الْوَصَايَا الصُّغْرَى، وَعَلَّمَ النَّاسَ أَنْ يَفْعَلُوا فِعْلَهُ، يُدْعَى الأَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. وَأَمَّا مَنْ عَمِلَ بِها وَعَلَّمَهَا، فَيُدْعَى عَظِيماً فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ.
٢٠ فَإِنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ يَزِدْ صَلاحُكُمْ عَلَى صَلاحِ الْكَتَبَةِ والْفَرِّيسِيِّينَ، فَلَنْ تَدْخُلُوا مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ أَبَداً.
القتل
٢١ سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلأَقْدَمِينَ: لَا تَقْتُلْ! وَمَنْ قَتَلَ يَسْتَحِقُّ الْمُحَاكَمَةَ.
٢٢ أَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: كُلُّ مَنْ يَغْضَبُ عَلَى أَخِيهِ، يَسْتَحِقُّ الْمُحَاكَمَةَ؛ وَمَنْ يَقُولُ لأَخِيهِ: يَا تَافِهُ! يَسْتَحِقُّ الْمُثُولَ أَمَامَ الْمَجْلِسِ الأَعْلَى؛ وَمَنْ يَقُولُ: يَا أَحْمَقُ! يَسْتَحِقُّ نَارَ جَهَنَّمَ!
٢٣ فَإِذَا جِئْتَ بِتَقْدِمَتِكَ إِلَى الْمَذْبَحِ، وَهُنَاكَ تَذَكَّرْتَ أَنَّ لأَخِيكَ شَيْئاً عَلَيْكَ،
٢٤ فَاتْرُكْ تَقْدِمَتَكَ أَمَامَ الْمَذْبَحِ، وَاذْهَبْ أَوَّلاً وَصَالِحْ أَخَاكَ، ثُمَّ ارْجِعْ وَقَدِّمْ تَقْدِمَتَكَ.
٢٥ سَارِعْ إِلَى اسْتِرْضَاءِ خَصْمِكَ وَأَنْتَ مَعَهُ فِي الطَّرِيقِ إِلَى الْمَحْكَمَةِ، قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَكَ الْخَصْمُ إِلَى الْقَاضِي، فَيُسَلِّمَكَ الْقَاضِي إِلَى الشُّرَطِيِّ، فَيُلْقِيَكَ فِي السِّجْنِ.
٢٦ وَالْحَقَّ أَقُولُ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَخْرُجَ مِنَ السِّجْنِ حَتَّى تُوْفِيَ الْفَلْسَ الأَخِيرَ!
الزنى
٢٧ وَسَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ: لَا تَزْنِ!
٢٨ أَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: كُلُّ مَنْ يَنْظُرُ إِلَى امْرَأَةٍ بِقَصْدِ أَنْ يَشْتَهِيَهَا، فَقَدْ زَنَى بِها فِي قَلْبِهِ!
٢٩ فَإِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ الْيُمْنَى فَخّاً لَكَ، فَاقْلَعْهَا وَارْمِهَا عَنْكَ، فَخَيْرٌ لَكَ أَنْ تَفْقِدَ عُضْواً مِنْ أَعْضَائِكَ وَلا يُطْرَحَ جَسَدُكَ كُلُّهُ فِي جَهَنَّمَ!
٣٠ وَإِنْ كَانَتْ يَدُكَ الْيُمْنَى فَخّاً لَكَ، فَاقْطَعْهَا وَارْمِهَا عَنْكَ، فَخَيْرٌ لَكَ أَنْ تَفْقِدَ عُضْواً مِنْ أَعْضَائِكَ وَلا يُطْرَحَ جَسَدُكَ كُلُّهُ فِي جَهَنَّمَ!
الطلاق
٣١ وَقِيلَ أَيْضاً: مَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ، فَلْيُعْطِهَا وَثِيقَةَ طَلاقٍ.
٣٢ أَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: كُلُّ مَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ لِغَيْرِ عِلَّةِ الزِّنَى، فَهُوَ يَجْعَلُهَا تَرْتَكِبُ الزِّنَى. وَمَنْ تَزَوَّجَ بِمُطَلَّقَةٍ، فَهُوَ يَرْتَكِبُ الزِّنَى.
الحلف
٣٣ وَسَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلأَقْدَمِينَ: لَا تُخَالِفْ قَسَمَكَ، بَلْ أَوْفِ لِلرَّبِّ مَا نَذَرْتَهُ لَهُ.
٣٤ أَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: لَا تَحْلِفُوا أَبَداً، لَا بِالسَّمَاءِ لأَنَّهَا عَرْشُ اللهِ،
٣٥ وَلا بِالأَرْضِ لأَنَّهَا مَوْطِئُ قَدَمَيْهِ، وَلا بِأُورُشَلِيمَ لأَنَّهَا مَدِينَةُ الْمَلِكِ الأَعْظَمِ.
٣٦ وَلا تَحْلِفْ بِرَأْسِكَ لأَنَّكَ لَا تَقْدِرُ أَنْ تَجْعَلَ شَعْرَةً وَاحِدَةً فِيهَا بَيْضَاءَ أَوْ سَوْدَاءَ.
٣٧ لِيَكُنْ كَلامُكُمْ: نَعَمْ، إِنْ كَانَ نَعَمْ؛ أَوْ: لا، إِنْ كَانَ لا. وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ مِنَ الشِّرِّيرِ.
عين بعين
٣٨ وَسَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ: عَيْنٌ بِعَيْنٍ وَسِنٌّ بِسِنٍّ.
٣٩ أَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: لَا تُقَاوِمُوا الشَّرَّ بِمِثْلِهِ، بَلْ مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خَدِّكَ الأَيْمَنِ، فَأَدِرْ لَهُ الْخَدَّ الآخَرَ؛
٤٠ وَمَنْ أَرَادَ مُحَاكَمَتَكَ لِيَأْخُذَ ثَوْبَكَ، فَاتْرُكْ لَهُ رِدَاءَكَ أَيْضاً؛
٤١ وَمَنْ سَخَّرَكَ أَنْ تَسِيرَ مِيلاً، فَسِرْ مَعَهُ مِيلَيْنِ.
٤٢ مَنْ طَلَبَ مِنْكَ شَيْئاً، فَأَعْطِهِ. وَمَنْ جَاءَ يَقْتَرِضُ مِنْكَ، فَلا تَرُدَّهُ خَائِباً!
محبة الأعداء
٤٣ وَسَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ: تُحِبُّ قَرِيبَكَ وَتُبْغِضُ عَدُوَّكَ.
٤٤ أَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ، وَبَارِكُوا لاعِنِيكُمْ، وَأَحْسِنُوا مُعَامَلَةَ الَّذِينَ يُبْغِضُونَكُمْ، وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَضْطَهِدُونَكُمْ،
٤٥ فَتَكُونُوا أَبْنَاءَ أَبِيكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ: فَإِنَّهُ يُشْرِقُ بِشَمْسِهِ عَلَى الأَشْرَارِ وَالصَّالِحِينَ، وَيُمْطِرُ عَلَى الأَبْرَارِ وَغَيْرِ الأَبْرَارِ.
٤٦ فَإِنْ أَحْبَبْتُمُ الَّذِينَ يُحِبُّونَكُمْ، فَأَيَّةُ مُكَافَأَةٍ لَكُمْ؟ أَمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ حَتَّى جُبَاةُ الضَّرَائِبِ؟
٤٧ وَإِنْ رَحَّبْتُمْ بِإِخْوَانِكُمْ فَقَطْ، فَأَيَّ شَيْءٍ فَائِقٍ لِلْعَادَةِ تَفْعَلُونَ؟ أَمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ حَتَّى الْوَثَنِيُّونَ؟
٤٨ فَكُونُوا أَنْتُمْ كَامِلِينَ، كَمَا أَنَّ أَبَاكُمُ السَّمَاوِيَّ هُوَ كَامِلٌ!
٦
الصدقة
١ احْذَرُوا مِنْ أَنْ تَعْمَلُوا الْخَيْرَ أَمَامَ النَّاسِ بِقَصْدِ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَيْكُمْ. وَإلَّا، فَلَيْسَ لَكُمْ مُكَافَأَةٌ عِنْدَ أَبِيكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.
٢ فَإِذَا تَصَدَّقْتَ عَلَى أَحَدٍ، فَلا تَنْفُخْ أَمَامَكَ فِي الْبُوقِ، كَمَا يَفْعَلُ الْمُنَافِقُونَ فِي الْمَجَامِعِ وَالشَّوَارِعِ، لِيَمْدَحَهُمُ النَّاسُ. الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُمْ قَدْ نَالُوا مُكَافَأَتَهُمْ.
٣ أَمَّا أَنْتَ، فَعِنْدَمَا تَتَصَدَّقُ عَلَى أَحَدٍ، فَلا تَدَعْ يَدَكَ الْيُسْرَى تَعْرِفُ مَا تَفْعَلُهُ الْيُمْنَى.
٤ لِتَكُونَ صَدَقَتُكَ فِي الْخَفَاءِ، وَأَبُوكَ السَّمَاوِيُّ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ، هُوَ يُكَافِئُكَ.
الصلاة
٥ وَعِنْدَمَا تُصَلُّونَ، لَا تَكُونُوا مِثْلَ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ يُصَلُّوا وَاقِفِينَ فِي الْمَجَامِعِ وَفِي زَوَايَا الشَّوَارِعِ لِيَرَاهُمُ النَّاسُ. الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُمْ قَدْ نَالُوا مُكَافَأَتَهُمْ.
٦ أَمَّا أَنْتَ، فَعِنْدَمَا تُصَلِّي، فَادْخُلْ غُرْفَتَكَ، وَأَغْلِقِ الْبَابَ عَلَيْكَ، وَصَلِّ إِلَى أَبِيكَ الَّذِي فِي الْخَفَاءِ. وَأَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ، هُوَ يُكَافِئُكَ.
٧ وَعِنْدَمَا تُصَلُّونَ، لَا تُكَرِّرُوا كَلاماً فَارِغاً كَمَا يَفْعَلُ الْوَثَنِيُّونَ، ظَنّاً مِنْهُمْ أَنَّهُ بِالإِكْثَارِ مِنَ الْكَلامِ، يُسْتَجَابُ لَهُمْ.
٨ فَلا تَكُونُوا مِثْلَهُمْ، لأَنَّ أَبَاكُمْ يَعْلَمُ مَا تَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ قَبْلَ أَنْ تَسْأَلُوهُ.
٩ فَصَلُّوا أَنْتُمْ مِثْلَ هَذِهِ الصَّلاةِ: أَبَانَا الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، لِيَتَقَدَّسِ اسْمُكَ!
١٠ لِيَأْتِ مَلَكُوتُكَ! لِتَكُنْ مَشِيئَتُكَ عَلَى الأَرْضِ كَمَا هِيَ فِي السَّمَاءِ!
١١ خُبْزَنَا كَفَافَنَا أَعْطِنَا الْيَوْمَ!
١٢ وَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا، كَمَا نَغْفِرُ نَحْنُ لِلْمُذْنِبِينَ إِلَيْنَا!
١٣ وَلا تُدْخِلْنَا فِي تَجْرِبَةٍ، لَكِنْ نَجِّنَا مِنَ الشِّرِّيرِ، لأَنَّ لَكَ الْمُلْكَ وَالْقُوَّةَ وَالْمَجْدَ إِلَى الأَبَدِ. آمِين.
١٤ فَإِنْ غَفَرْتُمْ لِلنَّاسِ زَلّاتِهِمْ، يَغْفِرْ لَكُمْ أَبُوكُمُ السَّمَاوِيُّ زَلّاتِكُمْ.
١٥ وَإِنْ لَمْ تَغْفِرُوا لِلنَّاسِ، لَا يَغْفِرْ لَكُمْ أَبُوكُمُ السَّمَاوِيُّ زَلّاتِكُمْ.
الصوم
١٦ وَعِنْدَمَا تَصُومُونَ، لَا تَكُونُوا عَابِسِي الْوُجُوهِ، الْمُنَافِقُونَ الَّذِينَ يُغَيِّرُونَ وُجُوهَهُمْ لِكَيْ يَظْهَرُوا لِلنَّاسِ صَائِمِينَ. الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُمْ قَدْ نَالُوا مُكَافَأَتَهُمْ.
١٧ أَمَّا أَنْتَ، فَعِنْدَمَا تَصُمْ، فَاغْسِلْ وَجْهَكَ، وَعَطِّرْ رَأْسَكَ،
١٨ لِكَيْ لَا تَظْهَرَ لِلنَّاسِ صَائِماً، بَلْ لأَبِيكَ الَّذِي فِي الْخَفَاءِ. وَأَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ، هُوَ يُكَافِئُكَ.
الكنوز في السماء
١٩ لَا تَكْنِزُوا لَكُمْ كُنُوزاً عَلَى الأَرْضِ، حَيْثُ يُفْسِدُهَا السُّوسُ وَالصَّدَأُ، وَيَنْقُبُ عَنْهَا اللُّصُوصُ وَيَسْرِقُونَ.
٢٠ بَلِ اكْنِزُوا لَكُمْ كُنُوزاً فِي السَّمَاءِ، حَيْثُ لَا يُفْسِدُهَا سُوسٌ وَلا يَنْقُبُ عَنْهَا لُصُوصٌ وَلا يَسْرِقُونَ.
٢١ فَحَيْثُ يَكُونُ كَنْزُكَ، هُنَاكَ أَيْضاً يَكُونُ قَلْبُكَ!
٢٢ الْعَيْنُ مِصْبَاحُ الْجَسَدِ. فَإِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ سَلِيمَةً، يَكُونُ جَسَدُكَ كُلُّهُ مُنَوَّراً.
٢٣ وَإِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ سَيِّئَةً، يَكُونُ جَسَدُكَ كُلُّهُ مُظْلِماً. فَإِذَا كَانَ النُّورُ الَّذِي فِيكَ ظَلاماً، فَمَا أَشَدَّ الظَّلامَ!
٢٤ لَا يُمْكِنُ لأَحَدٍ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِسَيِّدَيْنِ: لأَنَّهُ إِمَّا أَنْ يُبْغِضَ أَحَدَهُمَا وَيُحِبَّ الآخَرَ، وَإِمَّا أَنْ يُلازِمَ أَحَدَهُمَا وَيَهْجُرَ الآخَرَ. لَا يُمْكِنُكُمْ أَنْ تَكُونُوا عَبِيداً لِلهِ وَالْمَالِ مَعاً.
لا تهتموا
٢٥ لِذلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: لَا تَهْتَمُّوا لِمَعِيشَتِكُمْ بِشَأْنِ مَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَشْرَبُونَ، وَلا لأَجْسَادِكُمْ بِشَأْنِ مَا تَلْبَسُونَ. أَلَيْسَتِ الْحَيَاةُ أَكْثَرَ مِنْ مُجَرَّدِ طَعَامٍ، وَالْجَسَدُ أَكْثَرَ مِنْ مُجَرَّدِ كِسَاءٍ؟
٢٦ تَأَمَّلُوا طُيُورَ السَّمَاءِ: إِنَّهَا لَا تَزْرَعُ وَلا تَحْصُدُ وَلا تَجْمَعُ فِي مَخَازِنَ، وَأَبُوكُمُ السَّمَاوِيُّ يَعُولُهَا. أَفَلَسْتُمْ أَنْتُمْ أَفْضَلَ مِنْهَا كَثِيراً؟
٢٧ فَمَنْ مِنْكُمْ إِذَا حَمَلَ الْهُمُومَ يَقْدِرُ أَنْ يُطِيلَ عُمْرَهُ وَلَوْ سَاعَةً وَاحِدَةً؟
٢٨ وَلِمَاذَا تَحْمِلُونَ هَمَّ الْكِسَاءِ؟ تَأَمَّلُوا زَنَابِقَ الْحَقْلِ كَيْفَ تَنْمُو: إِنَّهَا لَا تَتْعَبُ وَلا تَغْزِلُ؛
٢٩ وَلَكِنِّي أَقُولُ لَكُمْ: حَتَّى سُلَيْمَانُ فِي قِمَّةِ مَجْدِهِ لَمْ يَلْبَسْ مَا يُعَادِلُ وَاحِدَةً مِنْهَا جَمَالاً!
٣٠ فَإِنْ كَانَ اللهُ هَكَذَا يُلْبِسُ الأَعْشَابَ الْبَرِّيَّةَ، مَعَ أَنَّهَا تُوْجَدُ الْيَوْمَ وَتُطْرَحُ غَداً فِي النَّارِ، أَفَلَسْتُمْ أَنْتُمْ، يَا قَلِيلِي الإِيمَانِ، أَوْلَى جِدّاً بِأَنْ يَكْسُوَكُمْ؟
٣١ فَلا تَحْمِلُوا الْهَمَّ قَائِلِينَ: مَاذَا نَأْكُلُ؟ أَوْ: مَاذَا نَشْرَبُ؟ أَوْ: مَاذَا نَلْبَسُ؟
٣٢ فَهَذِهِ كُلُّهَا يَسْعَى إِلَيْهَا أَهْلُ الدُّنْيَا. فَإِنَّ أَبَاكُمُ السَّمَاوِيَّ يَعْلَمُ حَاجَتَكُمْ إِلَى هَذِهِ كُلِّهَا.
٣٣ أَمَّا أَنْتُمْ، فَاطْلُبُوا أَوَّلاً مَلَكُوتَ اللهِ وَبِرَّهُ، وَهَذِهِ كُلُّهَا تُزَادُ لَكُمْ.
٣٤ لَا تَهْتَمُّوا بِأَمْرِ الْغَدِ، فَإِنَّ الْغَدَ يَهْتَمُّ بِأَمْرِ نَفْسِهِ. يَكْفِي كُلَّ يَوْمٍ مَا فِيهِ مِنْ سُوءٍ!
٧
الحكم على الآخرين
١ لَا تَدِينُوا لِئَلّا تُدَانُوا.
٢ فَإِنَّكُمْ بِالدَّيْنُونَةِ الَّتِي بِها تَدِينُونَ تُدَانُونَ؛ وَبِالْكَيْلِ الَّذِي بِهِ تَكِيلُونَ يُكَالُ لَكُمْ.
٣ لِمَاذَا تُلاحِظُ الْقَشَّةَ فِي عَيْنِ أَخِيكَ، وَلكِنَّكَ لَا تَتَنَبَّهُ إِلَى الْخَشَبَةِ الْكَبِيرَةِ الَّتِي فِي عَيْنِكَ؟
٤ أَوْ كَيْفَ تَقُولُ لأَخِيكَ: دَعْنِي أُخْرِجُ الْقَشَّةَ مِنْ عَيْنِكَ، وَهَا هِيَ الْخَشَبَةُ فِي عَيْنِكَ أَنْتَ!
٥ يَا مُنَافِقَ! أَخْرِجْ أَوَّلاً الْخَشَبَةَ مِنْ عَيْنِكَ، وَعِنْدَئِذٍ تُبْصِرُ جَيِّداً لِتُخْرِجَ الْقَشَّةَ مِنْ عَيْنِ أَخِيكَ.
٦ لَا تُعْطُوا الْمُقَدَّسَاتِ لِلْكِلابِ، وَلا تَطْرَحُوا جَوَاهِرَكُمْ أَمَامَ الْخَنَازِيرِ، لِكَيْ لَا تَدُوسَهَا بِأَرْجُلِهَا وَتَنْقَلِبَ عَلَيْكُمْ فَتُمَزِّقَكُمْ.
اسألوا، اطلبوا، اقرعوا
٧ اِسْأَلُوا، تُعْطَوْا. اُطْلُبُوا، تَجِدُوا. اِقْرَعُوا، يُفْتَحْ لَكُمْ.
٨ فَكُلُّ مَنْ يَسْأَلْ، يَنَلْ؛ وَمَنْ يَطْلُبْ، يَجِدْ؛ وَمَنْ يَقْرَعْ، يُفْتَحْ لَهُ.
٩ وَإلَّا، فَأَيُّ إِنْسَانٍ مِنْكُمْ يَطْلُبُ مِنْهُ ابْنُهُ خُبْزاً، فَيُعْطِيهِ حَجَراً،
١٠ أَوْ سَمَكَةً، فَيُعْطِيهِ حَيَّةً؟
١١ فَإِنْ كُنْتُمْ وَأَنْتُمْ أَشْرَارٌ، تَعْرِفُونَ أَنْ تُعْطُوا أَوْلادَكُمْ عَطَايَا جَيِّدَةً، فَكَمْ بِالأَوْلَى جِدّاً يُعْطِي أَبُوكُمُ السَّمَاوِيُّ عَطَايَا جَيِّدَةً لِلَّذِينَ يَطْلُبُونَ مِنْهُ؟
١٢ إِذَنْ، كُلُّ مَا تُرِيدُونَ أَنْ يُعَامِلَكُمُ النَّاسُ بِهِ، فَعَامِلُوهُمْ أَنْتُمْ بِهِ أَيْضاً: هَذِهِ خُلاصَةُ تَعْلِيمِ الشَّرِيعَةِ وَالأَنْبِيَاءِ.
الباب الضيق والباب الواسع
١٣ اُدْخُلُوا مِنَ الْبَابِ الضَّيِّقِ! فَإِنَّ الْبَابَ الْمُؤَدِّيَ إِلَى الْهَلاكِ وَاسِعٌ وَطَرِيقَهُ رَحْبٌ؛ وَكَثِيرُونَ هُمُ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ مِنْهُ.
١٤ مَا أَضْيَقَ الْبَابَ وَأَصْعَبَ الطَّرِيقَ الْمُؤَدِّيَ إِلَى الْحَيَاةِ! وَقَلِيلُونَ هُمُ الَّذِينَ يَهْتَدُونَ إِلَيْهِ.
الشجرة وثمرها
١٥ اِحْذَرُوا الأَنْبِيَاءَ الدَّجَّالِينَ الَّذِينَ يَأْتُونَ إِلَيْكُمْ لابِسِينَ ثِيَابَ الْحُمْلانِ، وَلَكِنَّهُمْ مِنَ الدَّاخِلِ ذِئَابٌ خَاطِفَةٌ!
١٦ مِنْ ثِمَارِهِمْ تَعْرِفُونَهُمْ. هَلْ يُجْنَى مِنَ الشَّوْكِ عِنَبٌ، أَوْ مِنَ الْعُلَّيْقِ تِينٌ؟
١٧ هَكَذَا، كُلُّ شَجَرَةٍ جَيِّدَةٍ تُثْمِرُ ثَمَراً جَيِّداً. أَمَّا الشَّجَرَةُ الرَّدِيئَةُ، فَإِنَّهَا تُثْمِرُ ثَمَراً رَدِيئاً.
١٨ لَا يُمْكِنُ أَنْ تُثْمِرَ الشَّجَرَةُ الْجَيِّدَةُ ثَمَراً رَدِيئاً، وَلا الشَّجَرَةُ الرَّدِيئَةُ ثَمَراً جَيِّداً.
١٩ وَكُلُّ شَجَرَةٍ لَا تُثْمِرُ ثَمَراً جَيِّداً، تُقْطَعُ وَتُطْرَحُ فِي النَّارِ.
٢٠ إِذَنْ مِنْ ثِمَارِهِمْ تَعْرِفُونَهُمْ.
التلاميذ الحقيقيون والتلاميذ الزائفون
٢١ لَيْسَ كُلُّ مَنْ يَقُولُ لِي: يَا رَبُّ، يَا رَبُّ! يَدْخُلُ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ، بَلْ مَنْ يَعْمَلُ بِإِرَادَةِ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.
٢٢ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ سَيَقُولُ لِي كَثِيرُونَ: يَا رَبُّ، يَا رَبُّ، أَلَيْسَ بِاسْمِكَ تَنَبَّأْنَا، وَبِاسْمِكَ طَرَدْنَا الشَّيَاطِينَ، وَبِاسْمِكَ عَمِلْنَا مُعْجِزَاتٍ كَثِيرَةً؟
٢٣ وَلَكِنِّي عِنْدَئِذٍ أُصَرِّحُ لَهُمْ: إِنِّي لَمْ أَعْرِفْكُمْ قَطُّ! ابْتَعِدُوا عَنِّي يَا فَاعِلِي الإِثْمِ!
البناء الحكيم والبناء الجاهل
٢٤ فَأَيُّ مَنْ يَسْمَعُ أَقْوَالِي هَذِهِ وَيَعْمَلُ بِها، أُشَبِّهُهُ بِرَجُلٍ حَكِيمٍ بَنَى بَيْتَهُ عَلَى الصَّخْرِ،
٢٥ فَنَزَلَتِ الأَمْطَارُ، وَجَرَتِ السُّيُولُ، وَهَبَّتِ الْعَوَاصِفُ، فَضَرَبَتْ ذَلِكَ الْبَيْتَ، فَلَمْ يَسْقُطْ لأَنَّهُ مُؤَسَّسٌ عَلَى الصَّخْرِ.
٢٦ وَأَيُّ مَنْ يَسْمَعُ أَقْوَالِي هَذِهِ وَلا يَعْمَلُ بِها، يُشَبَّهُ بِرَجُلٍ غَبِيٍّ بَنَى بَيْتَهُ عَلَى الرَّمْلِ،
٢٧ فَنَزَلَتْ الأَمْطَارُ، وَجَرَتْ السُّيُولُ، وَهَبَّتِ الْعَوَاصِفُ، فَضَرَبَتْ ذَلِكَ الْبَيْتَ، فَسَقَطَ، وَكَانَ سُقُوطُهُ عَظِيماً».
٢٨ وَلَمَّا أَنْهَى يَسُوعُ هَذَا الْكَلامَ، ذُهِلَتِ الْجُمُوعُ مِنْ تَعْلِيمِهِ،
٢٩ لأَنَّهُ كَانَ يُعَلِّمُهُمْ كَصَاحِبِ سُلْطَانٍ، وَلَيْسَ مِثْلَ كَتَبَتِهِمْ.
٨
يسوع يشفي رجلاً أبرص
١ وَلَمَّا نَزَلَ مِنَ الْجَبَلِ، تَبِعَتْهُ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ.
٢ وَإذَا رَجُلٌ مُصَابٌ بِالْبَرَصِ، تَقَدَّمَ إِلَيْهِ وَسَجَدَ لَهُ قَائِلاً: «يَا سَيِّدُ، إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ، فَأَنْتَ قَادِرٌ أَنْ تُطَهِّرَنِي!»
٣ فَمَدَّ يَدَهُ وَلَمَسَهُ وَقَالَ: «أُرِيدُ، فَاطْهُرْ!» وَفِي الْحَالِ طَهُرَ الرَجُل مِنْ بَرَصِهِ.
٤ وَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «انْتَبِهْ! لَا تُخْبِرْ أَحَداً، بَلِ اذْهَبْ وَاعْرِضْ نَفْسَكَ عَلَى الْكَاهِنِ، وَقَدِّمِ الْقُرْبَانَ الَّذِي أَمَرَ بِهِ مُوسَى، فَيَكُونَ ذلِكَ شَهَادَةً لَهُمْ!»
إيمان قائد المئة
٥ وَحَالَمَا دَخَلَ يَسُوعُ مَدِينَةَ كَفْرَنَاحُومَ، جَاءَهُ قَائِدُ مِئَةٍ يَتَوَسَّلُ إِلَيْهِ
٦ قَائِلاً: «يَا سَيِّدُ! إِنَّ خَادِمِي مَشْلُولٌ طَرِيحُ الْفِرَاشِ فِي الْبَيْتِ، يُعَانِي أَشَدَّ الآلامِ».
٧ فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «سَأَذْهَبُ وَأَشْفِيهِ!»
٨ فَأَجَابَ قَائِدُ الْمِئَةِ: «يَا سَيِّدُ، أَنَا لَا أَسْتَحِقُّ أَنْ تَدْخُلَ تَحْتَ سَقْفِ بَيْتِي. إِنَّمَا قُلْ كَلِمَةً، فَيُشْفَى خَادِمِي.
٩ فَأَنَا أَيْضاً رَجُلٌ تَحْتَ سُلْطَةٍ أَعْلَى مِنِّي، وَلِي جُنُودٌ تَحْتَ إِمْرَتِي؛ أَقُولُ لأَحَدِهِمْ: اذْهَبْ! فَيَذْهَبُ، وَلِآخَرَ: تَعَالَ! فَيَأْتِي، وَلِعَبْدِي: افْعَلْ هَذَا! فَيَفْعَلُ».
١٠ فَلَمَّا سَمِعَ يَسُوعُ ذلِكَ، تَعَجَّبَ وَقَالَ لِمَنْ يَتْبَعُونَهُ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَمْ أَجِدْ أَحَداً فِي إِسْرَائِيلَ لَهُ هَذَا الإِيمَانُ الْعَظِيمُ!
١١ وَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كَثِيرِينَ سَيَأْتُونَ مِنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَيَتَّكِئُونَ مَعَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ.
١٢ أَمَّا بَنُو الْمَلَكُوتِ، فَيُطْرَحُونَ فِي الظُّلْمَةِ الْخَارِجِيَّةِ، هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ!»
١٣ ثُمَّ قَالَ يَسُوعُ لِقَائِدِ الْمِئَةِ: «اذْهَبْ، وَلْيَكُنْ لَكَ مَا آمَنْتَ بِأَنْ يَكُونَ!» وَفِي تِلْكَ السَّاعَةِ شُفِيَ خَادِمُهُ.
يسوع يشفي كثيرين
١٤ وَذَهَبَ يَسُوعُ إِلَى بَيْتِ بُطْرُسَ، فَوَجَدَ حَمَاتَهُ تَرْقُدُ مَرِيضَةً تُعَانِي مِنَ الْحُمَّى.
١٥ فَلَمَسَ يَدَهَا، فَذَهَبَتْ عَنْهَا الْحُمَّى، وَنَهَضَتْ وَأَخَذَتْ تَخْدِمُهُ.
١٦ وَعِنْدَ حُلُولِ الْمَسَاءِ، أَحْضَرَ إِلَيْهِ النَّاسُ كَثِيرِينَ مِنَ الْمَسْكُونِينَ بِالشَّيَاطِينِ. فَكَانَ يَطْرُدُ الشَّيَاطِينَ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ. وَشَفَى الْمَرْضَى جَمِيعاً،
١٧ لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِلِسَانِ النَّبِيِّ إِشَعْيَاءَ الْقَائِلِ: «هُوَ أَخَذَ أَسْقَامَنَا، وَحَمَلَ أَمْرَاضَنَا».
ثمن اتباع يسوع
١٨ وَحِينَ رَأَى يَسُوعُ أَنَّ الجُمُوعَ قَدِ احْتَشَدَتْ حَوْلَهُ، أَمَرَ تَلامِيذَهُ أَنْ يَعْبُرُوا إِلَى الضَّفَّةِ الْمُقَابِلَةِ.
١٩ فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ أَحَدُ الْكَتَبَةِ وَقَالَ: «يَا مُعَلِّمُ، سَأَتْبَعُكَ حَيْثُمَا تَذْهَبُ!»
٢٠ فَأَجَابَهُ يَسُوعُ: «لِلثَّعَالِبِ أَوْجَارٌ، وَلِطُيُورِ السَّمَاءِ أَوْكَارٌ؛ أَمَّا ابْنُ الإِنْسَانِ، فَلَيْسَ لَهُ مَكَانٌ يُسْنِدُ إِلَيْهِ رَأْسَهُ».
٢١ وَقَالَ لَهُ آخَرُ مِنْ تَلامِيذِهِ: «يَا سَيِّدُ، اسْمَحْ لِي أَنْ أَذْهَبَ أَوَّلاً فَأَدْفِنَ أَبِي!»
٢٢ فَأَجَابَهُ يَسُوعُ: «اتْبَعْنِي الآنَ، وَدَعِ الْمَوْتَى يَدْفِنُونَ مَوْتَاهُمْ!»
يسوع يهدئ العاصفة
٢٣ ثُمَّ رَكِبَ الْقَارِبَ، وَتَبِعَهُ تَلامِيذُهُ.
٢٤ وَإذَا عَاصِفَةٌ شَدِيدَةٌ قَدْ هَبَّتْ عَلَى الْبُحَيْرَةِ، حَتَّى كَادَتِ الْمِيَاهُ أَنْ تَبْتَلِعَ الْقَارِبَ. وَكَانَ هُوَ نَائِماً.
٢٥ فَأَسْرَعَ التَّلامِيذُ إِلَيْهِ يُوْقِظُونَهُ قَائِلِينَ: «يَا سَيِّدُ، نَجِّنَا! إِنَّنَا نَهْلِكُ!»
٢٦ فَقَالَ لَهُمْ: «لِمَاذَا أَنْتُمْ خَائِفُونَ، يَا قَلِيلِي الإِيمَانِ؟» ثُمَّ نَهَضَ وَزَجَرَ الرِّيحَ وَالْبَحْرَ، فَسَادَ هُدُوءٌ تَامٌّ.
٢٧ فَتَعَجَّبَ النَّاسُ وَقَالُوا: «تُرَى، مَنْ هَذَا حَتَّى إِنَّ الرِّيحَ وَالْبَحْرَ يُطِيعَانِهِ؟».
شفاء رجلين تسكنهما الشياطين
٢٨ وَلَمَّا وَصَلَ يَسُوعُ إِلَى الضَّفَّةِ الْمُقَابِلَةِ، فِي بَلْدَةِ الْجَدَرِيِّينَ، لاقَاهُ رَجُلانِ تَسْكُنُهُمَا الشَّيَاطِينُ، كَانَا خَارِجَيْنِ مِنْ بَيْنِ الْقُبُورِ، وَهُمَا شَرِسَانِ جِدّاً حَتَّى لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يَجْرُؤُ عَلَى الْمُرُورِ مِنْ تِلْكَ الطَّرِيقِ.
٢٩ وَفَجْأَةً صَرَخَا قَائِلَيْنِ: «مَا شَأْنُكَ بِنَا يَا يَسُوعُ ابْنَ اللهِ؟ أَجِئْتَ إِلَى هُنَا قَبْلَ الأَوَانِ لِتُعَذِّبَنَا؟»
٣٠ وَكَانَ قَطِيعٌ كَبِيرٌ مِنَ الْخَنَازِيرِ يَرْعَى عَلَى مَسَافَةٍ مِنْهُمَا،
٣١ فَقَالَتِ الشَّيَاطِينُ لِيَسُوعَ: «إِنْ كُنْتَ سَتَطْرُدُنَا، فَأَرْسِلْنَا إِلَى قَطِيعِ الْخَنَازِيرِ».
٣٢ فَقَالَ لَهُمْ: «اذْهَبُوا!» فَخَرَجُوا وَانْتَقَلُوا إِلَى قَطِيعِ الْخَنَازِيرِ، فَانْدَفَعَ الْقَطِيعُ مُسْرِعاً مِنْ عَلَى حَافَةِ الْجَبَلِ إِلَى الْبُحَيْرَةِ، وَمَاتَ فِيهَا غَرَقاً.
٣٣ وَهَرَبَ رُعَاةُ الْخَنَازِيرِ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَنَقَلُوا خَبَرَ كُلِّ مَا جَرَى، وَمَا حَدَثَ لِلْمَسْكُونَيْنِ.
٣٤ وَإذَا الْمَدِينَةُ كُلُّهَا قَدْ خَرَجَتْ لِلِقَاءِ يَسُوعَ. وَلَمَّا وَجَدَهُ أَهْلُهَا، طَلَبُوا إِلَيْهِ أَنْ يَرْحَلَ عَنْ دِيَارِهِمْ.
٩
يسوع يشفي مشلولًا
١ ثُمَّ رَكِبَ يَسُوعُ الْقَارِبَ، وَعَبَرَ الْبُحَيْرَةَ رَاجِعاً إِلَى بَلْدَتِهِ (كَفْرَنَاحُومَ)،
٢ فَجَاءَهُ بَعْضُهُمْ يَحْمِلُونَ مَشْلُولاً مَطْرُوحاً عَلَى فِرَاشٍ. فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ إِيمَانَهُمْ، قَالَ لِلْمَشْلُولِ: «اِطْمَئِنَّ يَا بُنَيَّ! قَدْ غُفِرَتْ لَكَ خَطَايَاكَ»
٣ فَقَالَ بَعْضُ الْكَتَبَةِ فِي أَنْفُسِهِمْ: «إِنَّهُ يُجَدِّفُ!»
٤ وَأَدْرَكَ يَسُوعُ مَا يُفَكِّرُونَ فِيهِ، فَسَأَلَهُمْ: «لِمَاذَا تُفَكِّرُونَ بِالشَّرِّ فِي قُلُوبِكُمْ؟
٥ أَيُّهُمَا الأَسْهَلُ: أَنْ يُقَالَ: قَدْ غُفِرَتْ لَكَ خَطَايَاكَ، أَمْ أَنْ يُقَالَ: قُمْ وَامْشِ؟
٦ وَلَكِنِّي (قُلْتُ ذَلِكَ) لِكَيْ تَعْلَمُوا أَنَّ لابْنِ الإِنْسَانِ عَلَى الأَرْضِ سُلْطَةَ غُفْرَانِ الْخَطَايَا». عِنْدَئِذٍ قَالَ لِلْمَشْلُولِ: «قُمِ احْمِلْ فِرَاشَكَ، وَاذْهَبْ إِلَى بَيْتِكَ!»
٧ فَقَامَ، وَذَهَبَ إِلَى بَيْتِهِ.
٨ فَلَمَّا رَأَتِ الْجُمُوعُ ذَلِكَ، اسْتَوْلَى عَلَيْهِمِ الْخَوْفُ، وَمَجَّدُوا اللهَ الَّذِي أَعْطَى النَّاسَ مِثْلَ هَذِهِ السُّلْطَةِ.
دعوة متى
٩ وَفِيمَا كَانَ يَسُوعُ مَارّاً بِالْقُرْبِ مِنْ مَكْتَبِ جِبَايَةِ الضَّرَائِبِ، رَأَى جَابِياً اسْمُهُ مَتَّى جَالِساً هُنَاكَ. فَقَالَ لَهُ: «اتْبَعْنِي!» فَقَامَ وَتَبِعَهُ.
١٠ وَبَيْنَمَا كَانَ يَسُوعُ مُتَّكِئاً فِي بَيْتِ مَتَّى، حَضَرَ كَثِيرُونَ مِنَ جُبَاةِ الْضَرَائِبِ وَالْخَاطِئِينَ، وَاتَّكَأُوا مَعَ يَسُوعَ وَتَلامِيذِهِ.
١١ وَعِنْدَمَا رَأَى الْفَرِّيسِيُّونَ ذَلِكَ، قَالُوا لِتَلامِيذِهِ: «لِمَاذَا يَأْكُلُ مُعَلِّمُكُمْ مَعَ جُبَاةِ الْضَرَائِبِ وَالْخَاطِئِينَ؟»
١٢ وَإِذْ سَمِعَ يَسُوعُ كَلامَهُمْ، قَالَ: «لا يَحْتَاجُ الأَصِحَّاءُ إِلَى الطَّبِيبِ، بَلِ الْمَرْضَى!
١٣ اِذْهَبُوا وَتَعَلَّمُوا مَعْنَى الْقَوْلِ: إِنِّي أَطْلُبُ رَحْمَةً لَا ذَبِيحَةً. فَإِنِّي مَا جِئْتُ لأَدْعُوَ صَالِحِينَ بَلْ خَاطِئِينَ!»
الحوار حول الصوم
١٤ ثُمَّ تَقَدَّمَ تَلامِيذُ يُوحَنَّا إِلَى يَسُوعَ يَسْأَلُونَهُ: «لِمَاذَا نَصُومُ نَحْنُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ، وَلا يَصُومُ تَلامِيذُكَ؟»
١٥ فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «هَلْ يَقْدِرُ أَهْلُ الْعُرْسِ أَنْ يَحْزَنُوا مَادَامَ الْعَرِيسُ بَيْنَهُمْ؟ وَلَكِنْ، سَتَأْتِي أَيَّامٌ يَكُونُ فِيهَا الْعَرِيسُ قَدْ رُفِعَ مِنْ بَيْنِهِمْ، فَعِنْدَئِذٍ يَصُومُونَ!
١٦ لَا أَحَدَ يَرْقَعُ ثَوْباً عَتِيقاً بِقُمَاشٍ جَدِيدٍ، لأَنَّ الرُّقْعَةَ الْجَدِيدَةَ تَنْكَمِشُ، فَتَأْكُلُ مِنَ الثَّوْبِ الْعَتِيقِ، وَيَصِيرُ الْخَرْقُ أَسْوَأَ!
١٧ وَلا يَضَعُ النَّاسُ الْخَمْرَ الْجَدِيدَةَ فِي قِرَبٍ عَتِيقَةٍ؛ وَإلَّا، فَإِنَّ الْقِرَبَ تَنْفَجِرُ، فَتُرَاقُ الْخَمْرُ وَتَتْلَفُ الْقِرَبُ. وَلَكِنَّهُمْ يَضَعُونَ الْخَمْرَ الْجَدِيدَةَ فِي قِرَبٍ جَدِيدَةٍ، فَتُحْفَظُ الْخَمْرُ وَالْقِرَبُ مَعاً!»
طفلة ميتة وامرأة مريضة
١٨ وَبَيْنَمَا كَانَ يَقُولُ هَذَا، إِذَا رَئِيسٌ لِلْمَجْمَعِ قَدْ تَقَدَّمَ وَسَجَدَ لَهُ قَائِلاً:
١٩ «ابْنَتِي الْآنَ مَاتَتْ. وَلَكِنْ تَعَالَ وَالْمُسْهَا بِيَدِكَ فَتَحْيَا» فَقَامَ يَسُوعُ وَتَبِعَهُ وَمَعَهُ تَلامِيذُهُ.
٢٠ وَإذَا امْرَأَةٌ مُصَابَةٌ بِنَزِيفٍ دَمَوِيٍّ مُنْذُ اثْنَتَيْ عَشَرَةَ سَنَةً، قَدْ تَقَدَّمَتْ إِلَيْهِ مِنْ خَلْفٍ، وَلَمَسَتْ طَرَفَ رِدَائِهِ،
٢١ لأَنَّهَا قَالَتْ فِي نَفْسِهَا: «يَكْفِي أَنْ أَلْمَسَ وَلَوْ ثِيَابَهُ لأُشْفَى!»
٢٢ فَالْتَفَتَ يَسُوعُ وَرَآهَا، فَقَالَ: «اطْمَئِنِّي يَا ابْنَةُ. إِيمَانُكِ قَدْ شَفَاكِ!» فَشُفِيَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ.
٢٣ وَلَمَّا دَخَلَ يَسُوعُ بَيْتَ رَئِيسِ الْمَجْمَعِ، وَرَأَى النَّادِبِينَ بِالْمِزْمَارِ وَالْجَمْعَ فِي اضْطِرَابٍ،
٢٤ قَالَ: «انْصَرِفُوا! فَالصَّبِيَّةُ لَمْ تَمُتْ، وَلكِنَّهَا نَائِمَةٌ!» فَضَحِكُوا مِنْهُ.
٢٥ فَلَمَّا أُخْرِجَ الْجَمْعُ، دَخَلَ وَأَمْسَكَ بِيَدِ الصَّبِيَّةِ، فَنَهَضَتْ.
٢٦ وَذَاعَ خَبَرُ ذَلِكَ فِي تِلْكَ الْبِلادِ كُلِّهَا.
يسوع يشفي أعميين وأخرس
٢٧ وَفِيمَا كَانَ يَسُوعُ رَاحِلاً مِنْ هُنَاكَ، تَبِعَهُ أَعْمَيَانِ يَصْرُخَانِ قَائِلَيْنِ: «ارْحَمْنَا يَا ابْنَ دَاوُدَ!»
٢٨ وَعِنْدَ دُخُولِهِ الْبَيْتَ تَقَدَّمَا إِلَيْهِ. فَسَأَلَهُمَا يَسُوعُ: «أَتُؤْمِنَانِ بِأَنِّي أَقْدِرُ أَنْ أَفْعَلَ هَذَا؟» أَجَابَا: «نَعَمْ يَا سَيِّدُ!»
٢٩ فَلَمَسَ أَعْيُنَهُمَا قَائِلاً: «لِيَكُنْ لَكُمَا بِحَسَبِ إِيمَانِكُمَا!»
٣٠ فَانْفَتَحَتْ أَعْيُنُهُمَا. وَأَنْذَرَهُمَا يَسُوعُ بِشِدَّةٍ قَائِلاً: «اِنْتَبِهَا! لَا تُخْبِرَا أَحَداً!»
٣١ وَلَكِنَّهُمَا انْطَلَقَا وَأَذَاعَا صِيتَهُ فِي تِلْكَ الْبِلادِ كُلِّهَا.
٣٢ وَمَا إِنْ خَرَجَا، حَتَّى جَاءَهُ بَعْضُهُمْ بِأَخْرَسَ يَسْكُنُهُ شَيْطَانٌ.
٣٣ فَلَمَّا طُرِدَ الشَّيْطَانُ، تَكَلَّمَ الأَخْرَسُ. فَتَعَجَّبَتِ الْجُمُوعُ، وَقَالُوا: «لَمْ نُشَاهِدْ مِثْلَ هَذَا قَطُّ فِي إِسْرَائِيلَ».
٣٤ أَمَّا الْفَرِّيسِيُّونَ فَقَالُوا: «إِنَّهُ يَطْرُدُ الشَّيَاطِينَ بِرَئِيسِ الشَّيَاطِينِ!».
العمال قليلون
٣٥ وَأَخَذَ يَسُوعُ يَتَنَقَّلُ فِي الْمُدُنِ وَالْقُرَى كُلِّهَا، يُعَلِّمُ فِي مَجَامِعِ الْيَهُودِ وَيُنَادِي بِبِشَارَةِ الْمَلَكُوتِ، وَيَشْفِي كُلَّ مَرَضٍ وَعِلَّةٍ.
٣٦ وَعِنْدَمَا رَأَى الْجُمُوعَ، أَخَذَتْهُ الشَّفَقَةُ عَلَيْهِمْ، إِذْ كَانُوا مُعَذَّبِينَ وَمُشَرَّدِينَ كَغَنَمٍ لَا رَاعِيَ لَهَا.
٣٧ عِنْدَئِذٍ قَالَ لِتَلامِيذِهِ: «الْحَصَادُ كَثِيرٌ، وَالْعُمَّالُ قَلِيلُونَ.
٣٨ فَاطْلُبُوا مِنْ رَبِّ الْحَصَادِ أَنْ يُرْسِلَ عُمَّالاً إِلَى حَصَادِهِ!»
١٠
يسوع يرسل الاثني عشر رسولاً
١ ثُمَّ دَعَا إِلَيْهِ تَلامِيذَهُ الاثْنَيْ عَشَرَ، وَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانَاً عَلَى الأَرْوَاحِ النَّجِسَةِ لِيَطْرُدُوهَا وَيَشْفُوا كُلَّ مَرَضٍ وَعِلَّةٍ.
٢ وَهَذِهِ أَسْمَاءُ الِاثْنَيْ عَشَرَ رَسُولاً: سِمْعَانُ الَّذِي دُعِيَ بُطْرُسَ، وَأَنْدَرَاوُسُ أَخُوهُ، وَيَعْقُوبُ بْنُ زَبَدِي، وَيُوحَنَّا أَخُوهُ؛
٣ فِيلِبُّسُ، وَبَرْثُلْمَاوُسُ؛ تُومَا، وَمَتَّى جَابِي الضَّرَائِبِ؛ يَعْقُوبُ بْنُ حَلْفَى، وَتَدَّاوُسُ؛
٤ سِمْعَانُ الْقَانَوِيُّ؛ وَيَهُوذَا الإِسْخَرْيُوطِيُّ الَّذِي خَانَهُ.
٥ هؤُلاءِ الاِثْنَا عَشَرَ رَسُولاً، أَرْسَلَهُمْ يَسُوعُ وَقَدْ أَوْصَاهُمْ قَائِلاً: «لا تَسْلُكُوا طَرِيقاً إِلَى الأُمَمِ، وَلا تَدْخُلُوا مَدِينَةً سَامِرِيَّةً.
٦ بَلِ اذْهَبُوا بِالأَوْلَى إِلَى الْخِرَافِ الضَّالَّةِ، إِلَى بَيْتِ إِسْرَائِيلَ.
٧ وَفِيمَا أَنْتُمْ ذَاهِبُونَ، بَشِّرُوا قَائِلِينَ: قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ.
٨ اشْفُوا الْمَرْضَى، وَأَقِيمُوا الْمَوْتَى، وَطَهِّرُوا الْبُرْصَ، وَاطْرُدُوا الشَّيَاطِينَ. مَجَّاناً أَخَذْتُمْ، فَمَجَّاناً أَعْطُوا!
٩ لَا تَحْمِلُوا فِي أَحْزِمَتِكُمْ ذَهَباً وَلا فِضَّةً وَلا نُحَاساً،
١٠ وَلا تَأْخُذُوا لِلطَّرِيقِ زَاداً وَلا ثَوْبَيْنِ وَلا حِذَاءً وَلا عَصاً: فَإِنَّ الْعَامِلَ يَسْتَحِقُّ طَعَامَهُ.
١١ وَكُلَّمَا دَخَلْتُمْ مَدِينَةً أَوْ قَرْيَةً، فَابْحَثُوا فِيهَا عَمَّنْ هُوَ مُسْتَحِقٌّ، وَأَقِيمُوا هُنَاكَ حَتَّى تَرْحَلُوا.
١٢ وَعِنْدَمَا تَدْخُلُونَ بَيْتاً، أَلْقُوا السَّلامَ عَلَيْهِ.
١٣ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ الْبَيْتُ مُسْتَحِقّاً فِعْلاً، فَلْيَحِلَّ سَلامُكُمْ عَلَيْهِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَحِقّاً، فَلْيَرْجِعْ سَلامُكُمْ لَكُمْ
١٤ وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ لَا يَقْبَلُكُمْ وَلا يَسْمَعُ كَلامَكُمْ فِي بَيْتٍ أَوْ مَدِينَةٍ، فَاخْرُجُوا مِنْ هُنَاكَ، وَانْفُضُوا الْغُبَارَ عَنْ أَقَدَامِكُمْ.
١٥ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ حَالَةَ مَدِينَتَيْ سَدُومَ وَعَمُورَةَ سَوْفَ تَكُونُ فِي يَوْمِ الدَّيْنُونَةِ أَخَفَّ وَطْأَةً مِنْ حَالَةِ تِلْكَ الْمَدِينَةِ.
١٦ هَا أَنَا أُرْسِلُكُمْ مِثْلَ الْخِرَافِ بَيْنَ الذِّئَابِ، فَكُونُوا مُتَنَبِّهِينَ كَالْحَيَّاتِ وَمُسَالِمِينَ كالْحَمَامِ.
١٧ احْذَرُوا مِنَ النَّاسِ! فَإِنَّهُمْ سَيُسَلِّمُونَكُمْ إِلَى الْمَحَاكِمِ، وَيَجْلِدُونَكُمْ فِي مَجَامِعِهِمْ؛
١٨ وَتُسَاقُونَ لِلْمُثُولِ أَمَامَ الْحُكَّامِ وَالْمُلُوكِ مِنْ أَجْلِي: فَيَكُونُ ذَلِكَ شَهَادَةً لِي لَدَى الْيَهُودِ وَالأُمَمِ عَلَى السَّوَاءِ.
١٩ فَحِينَ يُسَلِّمُونَكُمْ، لَا تَهْتَمُّوا كَيْفَ تَتَكَلَّمُونَ أَوْ مَاذَا تَقُولُونَ. فَإِنَّكُمْ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ يُعْطَى لَكُمْ مَا تَقُولُونَ.
٢٠ فَلَسْتُمْ أَنْتُمُ الْمُتَكَلِّمِينَ، بَلْ رُوحُ أَبِيكُمْ هُوَ الَّذِي يَتَكَلَّمُ فِيكُمْ.
٢١ وَسَوْفَ يُسَلِّمُ الأَخُ أَخَاهُ إِلَى الْمَوْتِ، وَالأَبُ وَلَدَهُ. وَيَتَمَرَّدُ الأَوْلادُ عَلَى وَالِدِيهِمْ، وَيَقْتُلُونَهُمْ!
٢٢ وَتَكُونُونَ مَكْرُوهِينَ لَدَى الْجَمِيعِ مِنْ أَجْلِ اسْمِي. وَلَكِنَّ الَّذِي يَثْبُتُ إِلَى النِّهَايَةِ، هُوَ الَّذِي يَخْلُصُ.
٢٣ فَإِذَا اضْطَهَدُوكُمْ فِي مَدِينَةٍ مَا، فَاهْرُبُوا إِلَى غَيْرِهَا. فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَنْ تَفْرَغُوا مِنْ مُدُنِ إِسْرَائِيلَ إِلَى أَنْ يَأْتِيَ ابْنُ الإِنْسَانِ.
٢٤ لَيْسَ التِّلْمِيذُ أفْضَلَ مِنَ الْمُعَلِّمِ، وَلا الْعَبْدُ أفْضَلَ مِنْ سَيِّدِهِ.
٢٥ يَكْفِي التِّلْمِيذَ أَنْ يَصِيرَ مِثْلَ مُعَلِّمِهِ، وَالْعَبْدَ مِثْلَ سَيِّدِهِ! إِنْ كَانُوا قَدْ لَقَّبُوا رَبَّ الْبَيْتِ بِبَعْلَزَبُولَ، فَكَمْ بِالأَوْلَى يُلَقِّبُونَ أَهْلَ بَيْتِهِ؟
٢٦ فَلا تَخَافُوهُمْ: لأَنَّهُ مَا مِنْ مَحْجُوبٍ لَنْ يُكْشَفَ، وَمَا مِنْ خَفِيٍّ لَنْ يُعْلَنَ!
٢٧ مَا أَقُولُهُ لَكُمْ فِي الظَّلامِ، قُولُوهُ فِي النُّورِ؛ وَمَا تَسْمَعُونَهُ هَمْساً، نَادُوا بِهِ عَلَى السُّطُوحِ.
٢٨ لَا تَخَافُوا الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الْجَسَدَ، وَلَكِنَّهُمْ يَعْجِزُونَ عَنْ قَتْلِ النَّفْسِ، بَلْ بِالأَحْرَى خَافُوا الْقَادِرَ أَنْ يُهْلِكَ النَّفْسَ وَالْجَسَدَ جَمِيعاً فِي جَهَنَّمَ.
٢٩ أَمَا يُبَاعُ عُصْفُورَانِ بِفَلْسٍ وَاحِدٍ؟ وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَقَعُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا إِلَى الأَرْضِ دُونَ عِلْمِ أَبِيكُمْ.
٣٠ وَأَمَّا أَنْتُمْ فَحَتَّى شَعْرُ رُؤُوسِكُمْ كُلُّهُ مَعْدُودٌ.
٣١ فَلا تَخَافُوا إِذَنْ! أَنْتُمْ أَفْضَلُ مِنْ عَصَافِيرَ كَثِيرَةٍ.
٣٢ كُلُّ مَنْ يَعْتَرِفُ بِي أَمَامَ النَّاسِ، أَعْتَرِفُ أَنَا أَيْضاً بِهِ أَمَامَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.
٣٣ وَكُلُّ مَنْ يُنْكِرُنِي أَمَامَ النَّاسِ، أُنْكِرُهُ أَنَا أَيْضاً أَمَامَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.
٣٤ لَا تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأُرْسِيَ سَلاماً عَلَى الأَرْضِ. مَا جِئْتُ لأُرْسِيَ سَلاماً، بَلْ سَيْفاً.
٣٥ فَإِنِّي جِئْتُ لأَجْعَلَ الإِنْسَانَ عَلَى خِلافٍ مَعَ أَبِيهِ، وَالْبِنْتَ مَعَ أُمِّهَا، وَالْكَنَّةَ مَعَ حَمَاتِهَا.
٣٦ وَهَكَذَا يَصِيرُ أَعْدَاءَ الإِنْسَانِ أَهْلُ بَيْتِهِ.
٣٧ مَنْ أَحَبَّ أَبَاهُ أَوْ أُمَّهُ أَكْثَرَ مِنِّي، فَلا يَسْتَحِقُّنِي. وَمَنْ أَحَبَّ ابْنَهُ أَوِ ابْنَتَهُ أَكْثَرَ مِنِّي، فَلا يَسْتَحِقُّنِي.
٣٨ وَمَنْ لَا يَحْمِلْ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعْنِي، فَهُوَ لَا يَسْتَحِقُّنِي.
٣٩ مَنْ يَتَمَسَّكْ بِحَيَاتِهِ، يَخْسَرْهَا؛ وَمَنْ يَخْسَرْ حَيَاتَهُ مِنْ أَجْلِي، فَإِنَّهُ يَرْبَحُهَا.
٤٠ مَنْ يَقْبَلْكُمْ، يَقْبَلْنِي؛ وَمَنْ يَقْبَلْنِي، يَقْبَلِ الَّذِي أَرْسَلَنِي.
٤١ مَنْ يُرَحِّبْ بِنَبِيٍّ لِكَوْنِهِ نَبِيًّا، فَإِنَّهُ يَنَالُ مُكَافَأَةَ نَبِيٍّ؛ وَمَنْ يُرَحِّبْ بِرَجُلٍ صَالِحٍ لِكَوْنِهِ صَالِحاً، فَإِنَّهُ يَنَالُ مُكَافَأَةَ بَارٍّ.
٤٢ وَأَيُّ مَنْ سَقَى وَاحِداً مِنْ هؤُلاءِ الصِّغَارِ وَلَوْ كَأْسَ مَاءٍ بَارِدٍ، فَقَطْ لأَنَّهُ تِلْمِيذٌ لِي، فَالْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مُكَافَأَتَهُ لَنْ تَضِيعَ أَبَداً».
١١
يسوع ويوحنا المعمدان
١ بَعْدَمَا انْتَهَى يَسُوعُ مِنْ تَوْصِيَةِ تَلامِيذِهِ الاثْنَيْ عَشَرَ، انْتَقَلَ مِنْ هُنَاكَ، وَذَهَبَ يُعَلِّمُ وَيُبَشِّرُ فِي مُدُنِهِمْ.
٢ وَلَمَّا سَمِعَ يُوحَنَّا، وَهُوَ فِي السِّجْنِ، بِأَعْمَالِ الْمَسِيحِ، أَرْسَلَ إِلَيْهِ بَعْضَ تَلامِيذِهِ،
٣ يَسْأَلُهُ: «أَأَنْتَ هُوَ الآتِي، أَمْ نَنْتَظِرُ غَيْرَكَ؟»
٤ فَأَجَابَهُمْ يَسُوعُ قَائِلاً: «اذْهَبُوا أَخْبِرُوا يُوحَنَّا بِمَا تَسْمَعُونَ وَتَرَوْنَ:
٥ الْعُمْيُ يُبْصِرُونَ، وَالْعُرْجُ يَمْشُونَ، وَالْبُرْصُ يُطَهَّرُونَ، وَالصُّمُّ يَسْمَعُونَ، وَالْمَوْتَى يُقَامُونَ، وَالْمَسَاكِينُ يُبَشَّرُونَ.
٦ وَطُوبَى لِمَنْ لَا يَشُكُّ فِيَّ!»
٧ وَمَا إِنِ انْصَرَفَ تَلامِيذُ يُوحَنَّا، حَتَّى أَخَذَ يَسُوعُ يَتَحَدَّثُ إِلَى الْجُمُوعِ عَنْ يُوحَنَّا: «مَاذَا خَرَجْتُمْ إِلَى الْبَرِّيَّةِ لِتَرَوْا؟ أَقَصَبَةً تَهُزُّهَا الرِّيَاحُ؟
٨ بَلْ مَاذَا خَرَجْتُمْ لِتَرَوْا: أَإِنْسَاناً يَلْبَسُ ثِيَاباً نَاعِمَةً؟ هَا إِنَّ لابِسِي الثِّيَابِ النَّاعِمَةِ هُمْ فِي قُصُورِ الْمُلُوكِ!
٩ إِذَنْ، مَاذَا خَرَجْتُمْ لِتَرَوْا؟ أَنَبِيًّا؟ نَعَمْ، أَقُولُ لَكُمْ، وَأَعْظَمَ مِنْ نَبِيٍّ.
١٠ فَهَذَا هُوَ الَّذِي كُتِبَ عَنْهُ: هَا إِنِّي مُرْسِلٌ قُدَّامَكَ رَسُولِي الَّذِي يُمَهِّدُ لَكَ طَرِيقَكَ!
١١ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ بَيْنَ مَنْ وَلَدَتْهُمْ النِّسَاءُ أَعْظَمُ مِنْ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ. وَلَكِنَّ الأَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ أَعْظَمُ مِنْهُ!
١٢ فَمُنْذُ أَنْ بَدَأَ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ خِدْمَتَهُ وَالنَّاسُ يَسْعَوْنَ جَاهِدِينِ لِدُخُولِ مَلَكُوتِ السَّمَوَاتِ وَالسَّاعُونَ يَدْخُلُونَهُ بِمَشَقَّةٍ!
١٣ فَإِنَّ الشَّرِيعَةَ وَالأَنْبِيَاءَ تَنَبَّأُوا جَمِيعاً حَتَّى ظُهُورِ يُوحَنَّا.
١٤ وَإِنْ شِئْتُمْ أَنْ تُصَدِّقُوا، فَإِنَّ يُوحَنَّا هَذَا، هُوَ إِيلِيَّا الَّذِي كَانَ رُجُوعُهُ مُنْتَظَراً.
١٥ وَمَنْ لَهُ أُذُنَانِ، فَلْيَسْمَعْ!
١٦ وَلَكِنْ، بِمَنْ أُشَبِّهُ هَذَا الْجِيلَ؟ إِنَّهُمْ يُشْبِهُونَ أَوْلاداً جَالِسِينَ فِي السَّاحَاتِ الْعَامَّةِ، يُنَادُونَ أَصْحَابَهُمْ قَائِلِينَ:
١٧ زَمَّرْنَا لَكُمْ، فَلَمْ تَرْقُصُوا! وَنَدَبْنَا لَكُمْ، فَلَمْ تَبْكُوا!
١٨ فَقَدْ جَاءَ يُوحَنَّا لَا يَأْكُلُ وَلا يَشْرَبُ، فَقَالُوا: إِنَّ شَيْطَاناً يَسْكُنُهُ!
١٩ ثُمَّ جَاءَ ابْنُ الإِنْسَانِ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ، فَقَالُوا: هَذَا رَجُلٌ شَرِهٌ وَسِكِّيرٌ، صَدِيقٌ لِجُبَاةِ الضَّرَائِبِ وَالْخَاطِئِينَ. وَلَكِنْ تُخْتَبَرُ الْحِكْمَةُ بِأَعْمَالِها».
الويل للمدن التي لم تتب
٢٠ ثُمَّ بَدَأَ يَسُوعُ يُوَبِّخُ الْمُدُنَ الَّتِي جَرَتْ فِيهَا أَكْثَرُ مُعْجِزَاتِهِ، لِكَوْنِ أَهْلِهَا لَمْ يَتُوبُوا.
٢١ فَقَالَ: «الْوَيْلُ لَكِ يَا كُورَزِينُ! الْوَيْلُ لَكِ يَا بَيْتَ صَيْدَا! فَلَوْ أُجْرِيَ فِي صُورَ وَصَيْدَا مَا أُجْرِيَ فِيكُمَا مِنَ الْمُعْجِزَاتِ، لَتَابَ أَهْلُهُمَا مُنْذُ الْقَدِيمِ لابِسِينَ الْمُسُوحَ فِي وَسَطِ الرَّمَادِ.
٢٢ وَلَكِنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ حَالَةَ صُورَ وَصَيْدَا فِي الدَّيْنُونَةِ، سَتَكُونُ أَكْثَرَ احْتِمَالاً مِنْ حَالَتِكُمَا!
٢٣ وَأَنْتِ يَا كَفْرَنَاحُومَ: هَلِ ارْتَفَعْتِ حَتَّى السَّمَاءِ؟ إِنَّكِ إِلَى قَعْرِ الْهَاوِيَةِ سَتُهْبَطِينَ. فَلَوْ جَرَى فِي سَدُومَ مَا جَرَى فِيكِ مِنَ الْمُعْجِزَاتِ، لَبَقِيَتْ حَتَّى الْيَوْمِ.
٢٤ وَلَكِنِّي أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ مَصِيرَ سَدُومَ فِي يَوْمِ الدَّيْنُونَةِ، سَيَكُونُ أَكْثَرَ احْتِمَالاً مِنْ حَالَتِكِ!»
راحة المتعبين
٢٥ وَفِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، تَكَلَّمَ يَسُوعُ فَقَالَ: «أَحْمَدُكَ أَيُّهَا الآبُ، رَبَّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، لأَنَّكَ حَجَبْتَ هَذِهِ الأُمُورَ عَنِ الْحُكَمَاءِ وَالْفُهَمَاءِ، وَكَشَفْتَهَا لِلأَطْفَالِ!
٢٦ نَعَمْ أَيُّهَا الآبُ، لأَنَّهُ هَكَذَا حَسُنَ فِي نَظَرِكَ.
٢٧ كُلُّ شَيْءٍ قَدْ سَلَّمَهُ إِلَيَّ أَبِي. وَلا أَحَدٌ يَعْرِفُ الاِبْنَ إِلّا الآبُ، وَلا أَحَدٌ يَعْرِفُ الآبَ إِلّا الاِبْنُ، وَمَنْ أَرَادَ الاِبْنُ أَنْ يُعْلِنَهُ لَهُ.
٢٨ تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ.
٢٩ اِحْمِلُوا نِيرِي عَلَيْكُمْ، وَتعَلَّمُوا مِنِّي، لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ، فَتَجِدُوا الرَّاحَةَ لِنُفُوسِكُمْ.
٣٠ فَإِنَّ نِيرِي هَيِّنٌ، وَحِمْلِي خَفِيفٌ!»
١٢
رب السبت
١ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مَرَّ يَسُوعُ بَيْنَ الْحُقُولِ فِي يَوْمِ سَبْتٍ. فَجَاعَ تَلامِيذُهُ، فَأَخَذُوا يَقْطِفُونَ سَنَابِلَ الْقَمْحِ وَيَأْكُلُونَ.
٢ وَلَمَّا رَآهُمُ الْفَرِّيسِيُّونَ قَالُوا لَهُ: «هَا إِنَّ تَلامِيذَكَ يَفْعَلُونَ مَا لَا يَحِلُّ فِعْلُهُ فِي السَّبْتِ!»
٣ فَأَجَابَهُمْ: «أَمَا قَرَأْتُمْ مَا فَعَلَهُ دَاوُدُ وَمُرَافِقُوهُ عِنْدَمَا جَاعُوا؟
٤ كَيْفَ دَخَلَ بَيْتَ اللهِ وَأَكَلَ خُبْزَ التَّقْدِمَةِ الَّذِي لَمْ يَكُنْ أَكْلُهُ يَحِلُّ لَهُ وَلا لِمُرَافِقِيهِ بَلْ لِلْكَهَنَةِ فَقَطْ!
٥ أَوَ لَمْ تَقْرَأُوا فِي الشَّرِيعَةِ أَنَّ الْكَهَنَةَ يُخَالِفُونَ شَرِيعَةَ السَّبْتِ (بِالْعَمَلِ) فِي الْهَيْكَلِ أَيَّامَ السَّبْتِ وَلا يُحْسَبُونَ مُذْنِبِينَ؟
٦ وَلكِنِّي أَقُولُ لَكُمْ: هَا هُنَا أَعْظَمُ مِنَ الْهَيْكَلِ!
٧ وَلَوْ فَهِمْتُمْ مَعْنَى الْقَوْلِ: إِنِّي أَطْلُبُ رَحْمَةً لَا ذَبِيحَةً، لَمَا حَكَمْتُمْ عَلَى مَنْ لَا ذَنْبَ عَلَيْهِمْ!
٨ فَإِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ هُوَ رَبُّ السَّبْتِ!»
٩ ثُمَّ انْتَقَلَ مِنْ هُنَاكَ وَدَخَلَ مَجْمَعَهُمْ،
١٠ وَإذَا هُنَاكَ رَجُلٌ يَدُهُ يَابِسَةٌ. وَإِذْ أَرَادَ الْفَرِّيسِيُّونَ أَنْ يَشْتَكُوا عَلَيْهِ بِتُهْمَةٍ مَا، سَأَلُوهُ: «أَيَحِلُّ شِفَاءُ الْمَرْضَى فِي يَوْمِ السَّبْتِ؟»
١١ فَأَجَابَهُمْ: «أَيُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ يَكُونُ عِنْدَهُ خَرُوفٌ وَاحِدٌ، فَإِذَا وَقَعَ فِي حُفْرَةٍ يَوْمَ سَبْتٍ، أَفَلا يُمْسِكُهُ وَيُخْرِجُهُ؟
١٢ فَكَمْ هُوَ الإِنْسَانُ أَفْضَلُ كَثِيراً مِنَ الْخَرُوفِ! إِذَنْ يَحِلُّ فِعْلُ الْخَيْرِ يَوْمَ السَّبْتِ».
١٣ ثُمَّ قَالَ لِلرَّجُلِ: «مُدَّ يَدَكَ!» فَمَدَّهَا، فَعَادَتْ سَلِيمَةً كَالْيَدِ الأُخْرَى.
١٤ وَلكِنَّ الْفَرِّيسِيِّينَ خَرَجُوا وَتَآمَرُوا عَلَى يَسُوعَ لِيَقْتُلُوهُ.
عبد الله المختار
١٥ فَعَلِمَ بِذَلِكَ وَانْسَحَبَ مِنْ هُنَاكَ. وَتَبِعَتْهُ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ، فَشَفَاهُمْ جَمِيعاً،
١٦ وَحَذَّرَهُمْ مِنْ أَنْ يُذِيعُوا أَمْرَهُ،
١٧ لِيَتِمَّ مَا قِيلَ بِلِسَانِ النَّبِيِّ إِشَعْيَاءَ الْقَائِلِ:
١٨ «هَا هُوَ فَتَايَ الَّذِي اخْتَرْتُهُ، حَبِيبِي الَّذِي سُرَّتْ بِهِ نَفْسِي! سَأَضَعُ رُوحِي عَلَيْهِ، فَيُعْلِنُ الْحَقَّ لِلأُمَمِ.
١٩ لَا يُخَاصِمُ وَلا يَصْرُخُ، وَلا يَسْمَعُ أَحَدٌ صَوْتَهُ فِي الشَّوَارِعِ.
٢٠ قَصَبَةً مَرْضُوضَةً لَا يَكْسِرُ، وَفَتِيلَةً مُدَخِّنَةً لَا يُطْفِئُ، حَتَّى يَقُودَ الْعَدْلَ إِلى النَّصْرِ،
٢١ وَعَلَى اسْمِهِ تُعَلِّقُ الأُمَمُ رَجَاءَهَا!»
يسوع وبعلزبول
٢٢ ثُمَّ أُحْضِرَ إِلَيْهِ رَجُلٌ أَعْمَى وَأَخْرَسُ يَسْكُنُهُ شَيْطَانٌ، فَشَفَاهُ حَتَّى أَبْصَرَ وَتَكَلَّمَ.
٢٣ فَدُهِشَ الْجُمُوعُ كُلُّهُمْ، وَقَالُوا: «لَعَلَّ هَذَا هُوَ ابْنُ دَاوُدَ!»
٢٤ أَمَّا الْفَرِّيسِيُّونَ، فَلَمَّا سَمِعُوا بِهَذَا قَالُوا: «إِنَّهُ لَا يَطْرُدُ الشَّيَاطِينَ إِلّا بِبَعْلَزَبُولَ رَئِيسِ الشَّيَاطِينِ!»
٢٥ وَعَلِمَ يَسُوعُ أَفْكَارَهُمْ، فَقَالَ لَهُمْ: «كُلُّ مَمْلَكَةٍ تَنْقَسِمُ عَلَى ذَاتِهَا تَخْرَبُ. وَكُلُّ مَدِينَةٍ أَوْ بَيْتٍ يَنْقَسِمُ عَلَى ذَاتِهِ، لَا يَصْمُدُ.
٢٦ فَإِنْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَطْرُدُ الشَّيْطَانَ، يَكُونُ قَدِ انْقَسَمَ عَلَى ذَاتِهِ، فَكَيْفَ تَصْمُدُ مَمْلَكَتُهُ؟
٢٧ وَإِنْ كُنْتُ أَنَا أَطْرُدُ الشَّيَاطِينَ بِبَعْلَزَبُولَ، فَأَبْنَاؤُكُمْ بِمَنْ يَطْرُدُونَهُمْ؟ لِذَلِكَ هُمْ يَحْكُمُونَ عَلَيْكُمْ؟
٢٨ وَلَكِنْ إِنْ كُنْتُ بِرُوحِ اللهِ أَطْرُدُ الشَّيَاطِينَ، فَقَدْ أَقْبَلَ عَلَيْكُمْ مَلَكُوتُ اللهِ!
٢٩ وَإلَّا، فَكَيْفَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَدْخُلَ بَيْتَ الْقَوِيِّ وَيَنْهَبَ أَمْتِعَتَهُ إِذَا لَمْ يَرْبِطِ الْقَوِيَّ أَوَّلاً؛ وَبَعْدَئِذٍ يَنْهَبُ بَيْتَهُ؟
٣٠ مَنْ لَيْسَ مَعِي، فَهُوَ ضِدِّي؛ وَمَنْ لَا يَجْمَعُ مَعِي، فَهُوَ يُفَرِّقُ.
٣١ لِذَلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ خَطِيئَةٍ وَازْدِرَاءَ يُغْفَرُ لِلنَّاسِ.
٣٢ وَأَمَّا الازْدِرَاءَ بِالرُّوحِ (الْقُدُسِ)، فَلَنْ يُغْفَرَ. وَمَنْ قَالَ كَلِمَةً ضِدَّ ابْنِ الإِنْسَانِ، يُغْفَرُ لَهُ. وَأَمَّا مَنْ قَالَ كَلِمَةً ضِدَّ الرُّوحِ الْقُدُسِ، فَلَنْ يُغْفَرَ لَهُ، لَا فِي هَذَا الزَّمَانِ، وَلا فِي الزَّمَانِ الآتِي.
٣٣ لِتَكُنِ الشَّجَرَةُ جَيِّدَةً، فَتُنْتِجَ ثَمَراً جَيِّداً؛ وَلْتَكُنِ الشَّجَرَةُ رَدِيئَةً، فَتُنْتِجَ ثَمَراً رَدِيئاً! فَمِنَ الثَّمَرِ، تُعْرَفُ الشَّجَرَةُ.
٣٤ يَا أَوْلادَ الأَفَاعِي، كَيْفَ تَقْدِرُونَ، وَأَنْتُمْ أَشْرَارٌ، أَنْ تَتَكَلَّمُوا كَلاماً صَالِحاً؟ لأَنَّ الْفَمَ يَتَكَلَّمُ بِمَا يَفِيضُ بِهِ الْقَلْبُ.
٣٥ فَالإِنْسَانُ الصَّالِحُ، مِنَ الْكَنْزِ الصَّالِحِ فِي قَلْبِهِ، يُصْدِرُ مَا هُوَ صَالِحٌ. وَالإِنْسَانُ الشِّرِّيرُ، يُصْدِرُ مَا هُوَ شِرِّيرٌ.
٣٦ عَلَى أَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ كَلِمَةٍ بَاطِلَةٍ يَتَكَلَّمُ بِها النَّاسُ، سَوْفَ يُؤَدُّونَ عَنْهَا الْحِسَابَ فِي يَوْمِ الدَّيْنُونَةِ.
٣٧ فَإِنَّكَ بِكَلامِكَ تَتَبَرَّرُ، وَبِكَلامِكَ تُدَانُ!»
آية يونان
٣٨ عِنْدَئِذٍ أَجَابَهُ بَعْضُ الْكَتَبَةِ وَالْفَرِّيسِيِّينَ، قَائِلِينَ: «يَا مُعَلِّمُ، نَرْغَبُ فِي أَنْ نُشَاهِدَ آيَةً تُجْرِيهَا!»
٣٩ فَأَجَابَهُمْ: «جِيلٌ شِرِّيرٌ فَاسِقٌ يَطْلُبُ آيَةً؛ وَلَنْ يُعْطَى آيَةً إِلّا آيَةَ يُونَانَ النَّبِيِّ.
٤٠ فَكَمَا بَقِيَ يُونَانُ فِي جَوْفِ الْحُوتِ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاثَ لَيَالٍ، هكَذَا سَيَبْقَى ابْنُ الإِنْسَانِ فِي جَوْفِ الأَرْضِ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاثَ لَيَالٍ.
٤١ سَيَقِفُ أَهْلُ نِينَوَى يَوْمَ الْحِسَابِ مَعَ هَذَا الْجِيلِ وَيَحْكُمُونَ عَلَيْهِ؛ لأَنَّهُمْ تَابُوا لَمَّا أَنْذَرَهُمْ يُونَانُ. وَهَا هُنَا أَعْظَمُ مِنْ يُونَانَ!
٤٢ وَسَتَقُومُ مَلِكَةُ الْجَنُوبِ يَوْمَ الْحِسَابِ مَعَ هَذَا الْجِيلِ وَتَحْكُمُ عَلَيْهِ، لأَنَّهَا جَاءَتْ مِنْ أَقْصَى الأَرْضِ لِتَسْمَعَ حِكْمَةَ سُلَيْمَانَ. وَهَا هُنَا أَعْظَمُ مِنْ سُلَيْمَانَ!
٤٣ وَلكِنْ مَتَى خَرَجَ الرُّوحُ النَّجِسُ مِنْ إِنْسَانٍ يَسْكُنُهُ، فَإِنَّهُ يَهِيمُ فِي الأَمَاكِنِ الْخَرِبَةِ طَالِباً الرَّاحَةَ، فَلا يَجِدُ.
٤٤ فَيَقُولُ: أَرْجِعُ إِلَى مَسْكَنِي الَّذِي فَارَقْتُهُ! وَيَرْجِعُ، فَيَجِدُهُ فَارِغاً مَكْنُوساً مُزَيَّناً.
٤٥ فَيَذْهَبُ، وَيُحْضِرُ مَعَهُ سَبْعَةَ أَرْوَاحٍ أُخْرَى أَكْثَرَ مِنْهُ شَرّاً، فَتَدْخُلُ جَمِيعاً وَتَسْكُنُ ذَلِكَ الإِنْسَانَ، فَتَكُونُ آخِرَتُهُ أَسْوَأَ مِنْ حَالَتِهِ الأُولَى. هكَذَا تَكُونُ حَالُ هَذَا الْجِيلِ الشِّرِّيرِ!»
أم يسوع وإخوته
٤٦ وَبَيْنَمَا كَانَ يُكَلِّمُ الْجُمُوعَ، إِذَا أُمُّهُ وَإخْوَتُهُ قَدْ وَقَفُوا خَارِجاً، يَطْلُبُونَ أَنْ يُكَلِّمُوهُ.
٤٧ فَقَالَ لَهُ وَاحِدٌ مِنَ الْحَاضِرِينَ: «هَا إِنَّ أُمَّكَ وَإِخْوَتَكَ وَاقِفُونَ خَارِجاً يَطْلُبُونَ أَنْ يُكَلِّمُوكَ!»
٤٨ فَأَجَابَ قَائِلاً لِلَّذِي أَخْبَرَهُ: «مَنْ هِيَ أُمِّي؟ وَمَنْ هُمْ إِخْوَتِي؟»
٤٩ ثُمَّ أَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى تَلامِيذِهِ، وَقَالَ: «هَؤُلاءِ هُمْ أُمِّي وَإِخْوَتِي:
٥٠ لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَعْمَلُ بِإِرَادَةِ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ هُوَ أَخِي وَأُخْتِي وَأُمِّي!»
١٣
مَثل الزارع
١ فِي ذَلِكَ الْيَومِ خَرَجَ مِنَ الْبَيْتِ وَجَلَسَ عَلَى شَاطِئِ الْبُحَيْرَةِ.
٢ فَاجْتَمَعَتْ إِلَيْهِ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ، حَتَّى إِنَّهُ صَعِدَ إِلَى الْقَارِبِ وَجَلَسَ، بَيْنَمَا وَقَفَ الْجَمْعُ كُلُّهُ عَلَى الشَّاطِئِ.
٣ فَكَلَّمَهُمْ بِأَمْثَالٍ فِي أُمُورٍ كَثِيرَةٍ، قَالَ: «هَا إِنَّ الزَّارِعَ قَدْ خَرَجَ لِيَزْرَعَ.
٤ وَبَيْنَمَا هُوَ يَزْرَعُ، وَقَعَ بَعْضُ الْبِذَارِ عَلَى الْمَمَرَّاتِ، فَجَاءَتِ الطُّيُورُ وَالتَهَمَتْهُ.
٥ وَوَقَعَ بَعْضُهُ عَلَى أَرْضٍ صَخْرِيَّةٍ رَقِيقَةِ التُّرْبَةِ، فَطَلَعَ سَرِيعاً لأَنَّ تُرْبَتَهُ لَمْ تَكُنْ عَمِيقَةً؛
٦ وَلكِنْ لَمَّا أَشْرَقَتِ الشَّمْسُ، احْتَرَقَ وَيَبِسَ لأَنَّهُ كَانَ بِلا أَصْلٍ.
٧ وَوَقَعَ بَعْضُ الْبِذَارِ بَيْنَ الأَشْوَاكِ، فَطَلَعَ الشَّوْكُ وَخَنَقَهُ.
٨ وَبَعْضُ الْبِذَارِ وَقَعَ فِي الأَرْضِ الْجَيِّدَةِ، فَأَثْمَرَ بَعْضُهُ مِئَةَ ضِعْفٍ وَبَعْضُهُ سِتِّينَ، وَبَعْضُهُ ثَلاثِينَ.
٩ مَنْ لَهُ أُذُنَانِ فَلْيَسْمَعْ!»
١٠ فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ التَّلامِيذُ وَسَأَلُوهُ: «لِمَاذَا تُكَلِّمُهُمْ بِأَمْثَالٍ؟»
١١ فَأَجَابَ: «لأَنَّهُ قَدْ أُعْطِيَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا أَسْرَارَ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ؛ أَمَّا أُولَئِكَ، فَلَمْ يُعْطَ لَهُمْ ذَلِكَ.
١٢ فَإِنَّ مَنْ عِنْدَهُ، يُعْطَى الْمَزِيدَ فَيَفِيضُ؛ وَأَمَّا مَنْ لَيْسَ عِنْدَهُ، فَحَتَّى الَّذِي عِنْدَهُ يُنْتَزَعُ مِنْهُ.
١٣ لِهَذَا السَّبَبِ أُكَلِّمُهُمْ بِأَمْثَالٍ: فَهُمْ يَنْظُرُونَ دُونَ أَنْ يُبْصِرُوا، وَيَسْمَعُونَ دُونَ أَنْ يَسْمَعُوا أَوْ يَفْهَمُوا.
١٤ فَفِيهِمْ قَدْ تَمَّتْ نُبُوءَةُ إِشَعْيَاءَ حَيْثُ يَقُولُ: سَمْعاً تَسْمَعُونَ وَلا تَفْهَمُونَ، وَنَظَراً تَنْظُرُونَ وَلا تُبْصِرُونَ.
١٥ لأَنَّ قَلْبَ هَذَا الشَّعْبِ قَدْ صَارَ غَلِيظاً، وَصَارَتْ آذَانُهُمْ ثَقِيلَةَ السَّمْعِ، وَأَغْمَضُوا عُيُونَهُمْ؛ لِئَلَّا يُبْصِرُوا بِعُيُونِهِمْ، وَيَسْمَعُوا بِآذَانِهِمْ، وَيَفْهَمُوا بِقُلُوبِهِمْ، وَيَرْجِعُوا إِلَيَّ، فَأَشْفِيَهُمْ!
١٦ وَأَمَّا أَنْتُمْ، فَطُوبَى لِعُيُونِكُمْ لأَنَّهَا تُبْصِرُ، وَلِآذَانِكُمْ لأَنَّهَا تَسْمَعُ.
١٧ فَالْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: كَمْ تَمَنَّى أَنْبِيَاءُ وَصَالِحُونَ كَثِيرُونَ أَنْ يَرَوْا مَا أَنْتُمْ تَرَوْنَ وَلَمْ يَرَوْا، وَأَنْ يَسْمَعُوا مَا تَسْمَعُونَ وَلَمْ يَسْمَعُوا!
١٨ فَاسْمَعُوا أَنْتُمْ مَعْنَى مَثَلِ الزَّارِعِ:
١٩ كُلُّ مَنْ يَسْمَعُ كَلِمَةَ الْمَلَكُوتِ وَلا يَفْهَمُهَا، يَأْتِي الشِّرِّيرُ وَيَخْطَفُ مَا قَدْ زُرِعَ فِي قَلْبِهِ: هَذَا هُوَ الْمَزْرُوعُ عَلَى الْمَمَرَّاتِ.
٢٠ أَمَّا الْمَزْرُوعُ عَلَى أَرْضٍ صَخْرِيَّةٍ، فَهُوَ الَّذِي يَسْمَعُ الْكَلِمَةَ وَيَقْبَلُهَا بِفَرَحٍ فِي الْحَالِ،
٢١ وَلكِنَّهُ لَا أَصْلَ لَهُ فِي ذَاتِهِ، وَإِنَّمَا يَبْقَى إِلَى حِينٍ: فَحَالَمَا يَحْدُثُ ضِيقٌ أَوِ اضْطِهَادٌ مِنْ أَجْلِ الْكَلِمَةِ، يَتَعَثَّرُ.
٢٢ أَمَّا الْمَزْرُوعُ بَيْنَ الأَشْوَاكِ، فَهُوَ الَّذِي يَسْمَعُ الْكَلِمَةَ، وَلكِنَّ هَمَّ الزَّمَانِ الْحَاضِرِ وَخِدَاعَ الْغِنَى يَخْنُقَانِ الْكَلِمَةَ، فَلا يُعْطِي ثَمَراً.
٢٣ وَأَمَّا الْمَزْرُوعُ فِي الأَرْضِ الْجَيِّدَةِ فَهُوَ الَّذِي يَسْمَعُ الْكَلِمَةَ وَيَفْهَمُهَا، وَهُوَ الَّذِي يُعْطِي ثَمَراً. فَيُنْتِجُ الْوَاحِدُ مِئَةً، وَالآخَرُ سِتِّينَ، وَغَيْرُهُ ثَلاثِينَ!»
مَثل الحشائش الغريبة
٢٤ وَضَرَبَ لَهُمْ مَثَلاً آخَرَ، قَالَ: «يُشَبَّهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ بِإِنْسَانٍ زَرَعَ زَرْعاً جَيِّداً فِي حَقْلِهِ.
٢٥ وَبَيْنَمَا النَّاسُ نَائِمُونَ، جَاءَ عَدُوُّهُ، وَزَرَعَ حَشَائِشَ غَرِيبَةً فِي وَسَطِ الْقَمْحِ، وَمَضَى.
٢٦ فَلَمَّا نَمَا الْقَمْحُ بِسَنَابِلِهِ، ظَهَرَتِ الحَشَائِشُ مَعَهُ.
٢٧ فَذَهَبَ عَبِيدُ رَبِّ الْبَيْتِ، وَقَالُوا لَهُ: يَا سَيِّدُ، أَمَا زَرَعْتَ حَقْلَكَ زَرْعاً جَيِّداً؟ فَمِنْ أَيْنَ جَاءَتْهُ الحَشَائِشُ؟
٢٨ أَجَابَهُمْ إِنْسَانٌ عَدُوٌّ فَعَلَ هَذَا! فَسَأَلُوهُ: أَتُرِيدُ أَنْ نَذْهَبَ وَنَجْمَعَ الحَشَائشَ؟
٢٩ أَجَابَهُمْ: لا، لِئَلّا تَقْلَعُوا الْقَمْحَ وَأَنْتُمْ تَجْمَعُونَ الحَشَائشَ.
٣٠ اُتْرُكُوهُمَا كِلَيْهِمَا يَنْمُوَانِ مَعاً حَتَّى الْحَصَادِ. وَفِي أَوَانِ الْحَصَادِ، أَقُولُ لِلْحَصَّادِينَ: الحَشَائشَ أَوَّلاً وَارْبِطُوهَا حُزَماً لِتُحْرَقَ. أَمَّا الْقَمْحُ، فَاجْمَعُوهُ إِلَى مَخْزَنِي».
مَثلا بِزرَة الخردل والخميرة
٣١ وَضَرَبَ لَهُمْ مَثَلاً آخَرَ، قَالَ: «يُشَبَّهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ بِبِزْرَةِ خَرْدَلٍ أَخَذَهَا إِنْسَانٌ وَزَرَعَهَا فِي حَقْلِهِ.
٣٢ فَمَعَ أَنَّهَا أَصْغَرُ الْبُذُورِ كُلِّهَا، فَحِينَ تَنْمُو تُصْبِحُ أَكْبَرَ الْبُقُولِ جَمِيعاً، ثُمَّ تَصِيرُ شَجَرَةً، حَتَّى إِنَّ طُيُورَ السَّمَاءِ تَأْتِي وَتَبِيتُ فِي أَغْصَانِهَا».
٣٣ وَضَرَبَ لَهُمْ مَثَلاً آخَرَ، قَالَ: «يُشَبَّهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ بِخَمِيرَةٍ أَخَذَتْهَا امْرَأَةٌ وَأَخْفَتْهَا فِي ثَلاثَةِ مَقَادِيرَ مِنَ الدَّقِيقِ، حَتَّى اخْتَمَرَ الْعَجِينُ كُلُّهُ».
٣٤ هَذِهِ الأُمُورُ كُلُّهَا كَلَّمَ بِها يَسُوعُ الْجُمُوعَ بِأَمْثَالٍ. وَبِغَيْرِ مَثَلٍ لَمْ يَكُنْ يُكَلِّمُهُمْ،
٣٥ لِيَتِمَّ مَا قِيلَ بِلِسَانِ النَّبِيِّ الْقَائِلِ: «سَأَفْتَحُ فَمِي بِأَمْثَالٍ، وَأَكْشِفُ مَا كَانَ مَخْفِيًّا مُنْذُ إِنْشَاءِ الْعَالَمِ».
تفسير مثل الحشائش الغريبة
٣٦ ثُمَّ صَرَفَ يَسُوعُ الْجُمُوعَ وَرَجَعَ إِلَى الْبَيْتِ. فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ تَلامِيذُهُ وَقَالُوا: «فَسِّرْ لَنَا مَثَلَ حَشَائشِ الْحَقْلِ».
٣٧ فَأَجَابَهُمْ: «الزَّارِعُ الزَّرْعَ الْجَيِّدَ هُوَ ابْنُ الإِنْسَانِ.
٣٨ وَالْحَقْلُ هُوَ الْعَالَمُ. وَالزَّرْعُ الْجَيِّدُ هُوَ بَنُو الْمَلَكُوتِ. وَالحَشَائِشُ الْغَرِيبَةُ هُمْ بَنُو الشِّرِّيرِ.
٣٩ أَمَّا الْعَدُوُّ الَّذِي زَرَعَ الحَشَائشَ فَهُوَ إِبْلِيسُ. وَالْحَصَادُ هُوَ نِهَايَةُ الزَّمَانِ. وَالْحَصَّادُونَ هُمُ الْمَلائِكَةُ.
٤٠ وَكَمَا تُجْمَعُ الحَشَائشُ وَتُحْرَقُ بِالنَّارِ، هَكَذَا يَحْدُثُ فِي نِهَايَةِ الزَّمَانِ:
٤١ يُرْسِلُ ابْنُ الإِنْسَانِ مَلائِكَتَهُ، فَيُخْرِجُونَ مِنْ مَلَكُوتِهِ جَمِيعَ الْمُفْسِدِينَ وَمُرْتَكِبِي الإِثْمِ،
٤٢ وَيَطْرَحُونَهُمْ فِي أَتُونِ النَّارِ، هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ.
٤٣ عِنْدَئِذٍ يُضِيءُ الأَبْرَارُ كَالشَّمْسِ فِي مَلَكُوتِ أَبِيهِمْ. مَنْ لَهُ أُذُنَانِ، فَلْيَسْمَعْ!
مَثل الكنز ومَثل اللؤلؤة
٤٤ يُشَبَّهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ بِكَنْزٍ مَطْمُورٍ فِي حَقْلٍ، وَجَدَهُ رَجُلٌ، فَعَادَ وَخَبَأَهُ. وَمِنْ فَرَحِهِ، ذَهَبَ وَبَاعَ كُلَّ مَا كَانَ يَمْلِكُ وَاشْتَرَى ذلِكَ الْحَقْلَ.
٤٥ وَيُشَبَّهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ أَيْضاً بِتَاجِرٍ كَانَ يَبْحَثُ عَنِ اللَّآلِئِ الْجَمِيلَةِ.
٤٦ فَمَا إِنْ وَجَدَ لُؤْلُؤَةً ثَمِينَةً جِدّاً، حَتَّى ذَهَبَ وَبَاعَ كُلَّ مَا يَمْلِكُ، وَاشْتَرَاهَا.
مَثل الشبكة
٤٧ وَيُشَبَّهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ أَيْضاً بِشَبَكَةٍ أُلْقِيَتْ فِي الْبَحْرِ، فَجَمَعَتْ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ.
٤٨ وَلَمَّا امْتَلأَتْ، جَذَبَهَا الصَّيَّادُونَ إِلَى الشَّاطِئِ وَجَلَسُوا، ثُمَّ جَمَعُوا مَا كَانَ جَيِّداً فِي سِلالٍ، وَطَرَحُوا الرَّدِيءَ خَارِجاً.
٤٩ هكَذَا يَحْدُثُ فِي نِهَايَةِ الزَّمَانِ: يَأْتِي الْمَلائِكَةُ فَيُخْرِجُونَ الأَشْرَارَ مِنْ بَيْنِ الأَبْرَارِ،
٥٠ وَيَطْرَحُونَهُمْ فِي أَتُونِ النَّارِ، هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ.
٥١ أَفَهِمْتُمْ هَذِهِ الأُمُورَ كُلَّهَا؟» أَجَابُوهُ: «نَعَمْ!»
٥٢ فَقَالَ: «وَلِهَذَا السَّبَبِ، فَأَيُّ وَاحِدٍ مِنَ الْكَتَبَةِ يَصِيرُ تِلْمِيذاً لِمَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ، يُشَبَّهُ بِإِنْسَانٍ رَبِّ بَيْتٍ يُطْلِعُ مِنْ كَنْزِهِ مَا هُوَ جَدِيدٌ وَمَا هُوَ عَتِيقٌ!»
نبي بلا كرامة
٥٣ وَبَعْدَمَا أَنْهَى يَسُوعُ هَذِهِ الأَمْثَالَ، انْتَقَلَ مِنْ هُنَاكَ.
٥٤ وَلَمَّا عَادَ إِلَى بَلْدَتِهِ، أَخَذَ يُعَلِّمُ الْيَهُودَ فِي مَجَامِعِهِمْ، حَتَّى دُهِشُوا وَتَسَاءَلُوا: «مِنْ أَيْنَ لَهُ هَذِهِ الْحِكْمَةُ وَهَذِهِ الْمُعْجِزَاتُ؟
٥٥ أَلَيْسَ هُوَ ابْنَ النَّجَّارِ؟ أَلَيْسَتْ أُمُّهُ تُدْعَى مَرْيَمَ وَإخْوَتُهُ يَعْقُوبَ وَيُوسُفَ وَسِمْعَانَ وَيَهُوذَا؟
٥٦ أَوَلَيْسَتْ أَخَوَاتُهُ جَمِيعاً عِنْدَنَا؟ فَمِنْ أَيْنَ لَهُ هَذِهِ كُلُّهَا؟»
٥٧ وَكَانُوا يَشُكُّونَ فِيهِ. أَمَّا هُوَ فَقَالَ لَهُمْ: «لا يَكُونُ النَّبِيُّ بِلا كَرَامَةٍ إِلّا فِي بَلْدَتِهِ وَبَيْتِهِ!»
٥٨ وَلَمْ يُجْرِ هُنَاكَ إِلّا مُعْجِزَاتٍ قَلِيلَةً، بِسَبَبِ عَدَمِ إِيمَانِهِمْ بِهِ.
١٤
مقتل يوحنا المعمدان
١ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ سَمِعَ هِيرُودُسُ حَاكِمُ الرُّبْعِ بِأَخْبَارِ يَسُوعَ.
٢ فَقَالَ لِخُدَّامِهِ: «هَذَا هُوَ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ، وَقَدْ قَامَ مِنْ بَيْنِ الأَمْوَاتِ. وَلِذَلِكَ تُجْرَى عَلَى يَدِهِ الْمُعْجِزَاتُ!»
٣ فَإِنَّ هِيرُودُسَ كَانَ قَدْ أَلْقَى الْقَبْضَ عَلَى يُوحَنَّا وَقَيَّدَهُ، وَسَجَنَهُ مِنْ أَجْلِ هِيرُودِيَّا زَوْجَةِ فِيلِبُّسَ أَخِيهِ،
٤ لأَنَّ يُوحَنَّا كَانَ يَقُولُ لَهُ: «لا يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَتَزَوَّجَ بِها!»
٥ وَلَمَّا كَانَ هِيرُودُسُ يُرِيدُ أَنْ يَقْتُلَ يُوحَنَّا، خَافَ مِنَ الشَّعْبِ، لأَنَّهُمْ كَانُوا يَعْتَبِرُونَ يُوحَنَّا نَبِيًّا.
٦ وَفِي أَثْنَاءِ الاِحْتِفَالِ بِذِكْرَى مِيلادِ هِيرُودُسَ، رَقَصَتِ ابْنَةُ هِيرُودِيَّا فِي الْوَسَطِ، فَسَرَّتْ هِيرُودُسَ،
٧ فَأَقْسَمَ لَهَا وَاعِداً بِأَنْ يُعْطِيَهَا أَيَّ شَيْءٍ تَطْلُبُهُ.
٨ فَبَعْدَ اسْتِشَارَةِ أُمِّهَا، قَالَتْ: «أَعْطِنِي هُنَا عَلَى طَبَقٍ رَأْسَ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ!»
٩ فَحَزِنَ الْمَلِكُ؛ وَلَكِنَّهُ أَمَرَ بِأَنْ تُعْطَى مَا تُرِيدُ، مِنْ أَجْلِ مَا أَقْسَمَ بِهِ أَمَامَ الْمُتَّكِئِينَ مَعَهُ.
١٠ وَأَرْسَلَ إِلَى السِّجْنِ فَقَطَعَ رَأْسَ يُوحَنَّا.
١١ وَجِيءَ بِالرَّأْسِ عَلَى طَبَقٍ، فَقُدِّمَ إِلَى الصَّبِيَّةِ، فَحَمَلَتْهُ إِلَى أُمِّهَا.
١٢ وَجَاءَ تَلامِيذُ يُوحَنَّا، فَرَفَعُوا جُثْمَانَهُ، وَدَفَنُوهُ. ثُمَّ ذَهَبُوا وَأَخْبَرُوا يَسُوعَ.
يسوع يطعم الخمسة الآلاف
١٣ فَمَا إِنْ سَمِعَ يَسُوعُ بِذَلِكَ، حَتَّى رَكِبَ قَارِباً وَرَحَلَ عَلَى انْفِرَادٍ إِلَى مَكَانٍ خَالٍ. فَسَمِعَتِ الْجُمُوعُ بِذَلِكَ، وَتَبِعُوهُ مِنَ الْمُدُنِ سَيْراً عَلَى الأَقْدَامِ.
١٤ وَلَمَّا نَزَلَ يَسُوعُ إِلَى الشَّاطِئِ، رَأَى جَمْعاً كَبِيراً، فَأَخَذَتْهُ الشَّفَقَةُ عَلَيْهِمْ وَشَفَى مَرْضَاهُمْ.
١٥ وَعِنْدَمَا حَلَّ الْمَسَاءُ، اقْتَرَبَ التَّلامِيذُ إِلَيْهِ وَقَالُوا: «هَذَا الْمَكَانُ مُنْعَزِلٌ، وَقَدْ فَاتَ الْوَقْتُ. فَاصْرِفِ الْجُمُوعَ لِيَذْهَبُوا إِلَى الْقُرَى وَيَشْتَرُوا طَعَاماً لأَنْفُسِهِمْ».
١٦ وَلَكِنَّ يَسُوعَ قَالَ لَهُمْ: «لا حَاجَةَ لَهُمْ أَنْ يَذْهَبُوا. أَعْطُوهُمْ أَنْتُمْ لِيَأْكُلُوا!»
١٧ فَقَالُوا: «لَيْسَ عِنْدَنَا هُنَا سِوَى خَمْسَةِ أَرْغِفَةٍ وَسَمَكَتَيْنِ».
١٨ فَقَالَ: «أَحْضِرُوهَا إِلَيَّ هُنَا!»
١٩ وَأَمَرَ الْجُمُوعَ أَنْ يَجْلِسُوا عَلَى الْعُشْبِ. ثُمَّ أَخَذَ الأَرْغِفَةَ الْخَمْسَةَ وَالسَّمَكَتَيْنِ، وَرَفَعَ نَظَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ، وَبَارَكَ وَكَسَّرَ الأَرْغِفَةَ، وَأَعْطَاهَا لِلتَّلامِيذِ، فَوَزَّعُوهَا عَلَى الْجُمُوعِ.
٢٠ فَأَكَلَ الْجَمِيعُ وَشَبِعُوا. ثُمَّ رَفَعَ التَّلامِيذُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ قُفَّةً مَلأُوهَا بِمَا فَضَلَ مِنَ الْكِسَرِ.
٢١ وَكَانَ عَدَدُ الآكِلِينَ نَحْوَ خَمْسَةِ آلافِ رَجُلٍ، مَاعَدَا النِّسَاءَ وَالأَوْلادَ.
يسوع يمشي على الماء
٢٢ وَفِي الْحَالِ أَلْزَمَ يَسُوعُ التَّلامِيذَ أَنْ يَرْكَبُوا الْقَارِبَ وَيَسْبِقُوهُ إِلَى الضَّفَّةِ الْمُقَابِلَةِ مِنَ الْبُحَيْرَةِ، حَتَّى يَصْرِفَ هُوَ الْجُمُوعَ.
٢٣ وَبَعْدَمَا صَرَفَ الْجُمُوعَ، صَعِدَ إِلَى الْجَبَلِ لِيُصَلِّيَ عَلَى انْفِرَادٍ. وَحَلَّ الْمَسَاءُ وَهُوَ وَحْدَهُ هُنَاكَ.
٢٤ وَكَانَ قَارِبُ التَّلامِيذِ قَدْ بَلَغَ وَسَطَ الْبُحَيْرَةِ وَالأَمْوَاجُ تَضْرِبُهُ، لأَنَّ الرِّيحَ كَانَتْ مُعَاكِسَةً لَهُ.
٢٥ وَفِي الرُّبْعِ الأَخِيرِ مِنَ اللَّيْلِ جَاءَ يَسُوعُ إِلَى التَّلامِيذِ مَاشِياً عَلَى مَاءِ الْبُحَيْرَةِ.
٢٦ فَلَمَّا رَآهُ التَّلامِيذُ مَاشِياً عَلَى الْمَاءِ، اضْطَرَبُوا قَائِلِينَ: «إِنَّهُ شَبَحٌ!» وَمِنْ خَوْفِهِمْ صَرَخُوا.
٢٧ وَفِي الْحَالِ كَلَّمَهُمْ يَسُوعُ قَائِلاً: «تَشَجَّعُوا! أَنَا هُوَ. لَا تَخَافُوا!»
٢٨ فَقَالَ لَهُ بُطْرُسُ: «إِنْ كُنْتَ أَنْتَ هُوَ، فَمُرْنِي أَنْ آتِيَ إِلَيْكَ مَاشِياً عَلَى الْمَاءِ!»
٢٩ فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «تَعَالَ!» فَنَزَلَ بُطْرُسُ مِنَ الْقَارِبِ وَمَشَى عَلَى الْمَاءِ مُتَّجِهاً نَحْوَ يَسُوعَ.
٣٠ وَلَكِنَّهُ عِنْدَمَا شَعَرَ بِشِدَّةِ الرِّيحِ، خَافَ وَبَدَأَ يَغْرَقُ، فَصَرَخَ: «يَا رَبُّ نَجِّنِي!»
٣١ فَمَدَّ يَسُوعُ يَدَهُ فِي الْحَالِ وَأَمْسَكَهُ وَقَالَ لَهُ: «يَا قَلِيلَ الإِيمَانِ، لِمَاذَا شَكَكْتَ؟»
٣٢ وَمَا إِنْ صَعِدَا إِلَى الْقَارِبِ، حَتَّى سَكَنَتِ الرِّيحُ.
٣٣ فَتَقَدَّمَ الَّذِينَ فِي الْقَارِبِ، وَسَجَدُوا لَهُ قَائِلِينَ: «أَنْتَ حَقّاً ابْنُ اللهِ!»
٣٤ وَلَمَّا عَبَرُوا إِلَى الضَّفَّةِ الْمُقَابِلَةِ مِنَ الْبُحَيْرَةِ، نَزَلُوا فِي بَلْدَةِ جَنِّيسَارَتَ.
٣٥ فَعَرَفَهُ أَهْلُ تِلْكَ الْمِنْطَقَةِ، وَأَرْسَلُوا الْخَبَرَ إِلَى الْبِلادِ الْمُجَاوِرَةِ، فَأَحْضَرُوا إِلَيْهِ جَمِيعَ الْمَرْضَى،
٣٦ وَطَلَبُوا مِنْهُ أَنْ يَسْمَحَ لَهُمْ بِلَمْسِ طَرَفِ رِدَائِهِ فَقَطْ. وَجَمِيعُ الَّذِينَ لَمَسُوهُ نَالُوا الشِّفَاءَ التَّامَّ.
١٥
الطاهر والنجس
١ وَتَقَدَّمَ إِلَى يَسُوعَ بَعْضُ الْكَتَبَةِ وَالْفَرِّيسِيِّينَ مِنْ أُورُشَلِيمَ، وَسَأَلُوهُ:
٢ «لِمَاذَا يُخَالِفُ تَلامِيذُكَ تَقَالِيدَ الشُّيُوخِ، فَلا يَغْسِلُونَ أَيْدِيَهُمْ قَبْلَ أَنْ يَأْكُلُوا؟»
٣ فَأَجَابَهُمْ «وَلِمَاذَا تُخَالِفُونَ أَنْتُمْ وَصِيَّةَ اللهِ مِنْ أَجْلِ الْمُحَافَظَةِ عَلَى تَقَالِيدِكُمْ؟
٤ فَقَدْ أَوْصَى اللهُ قَائِلاً: أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ. وَمَنْ أَهَانَ أَبَاهُ أَوْ أُمَّهُ، فَلْيَكُنِ الْمَوْتُ عِقَاباً لَهُ.
٥ وَلَكِنَّكُمْ أَنْتُمْ تَقُولُونَ: مَنْ قَالَ لأَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ: إِنَّ مَا أَعُولُكَ بِهِ قَدْ قَدَّمْتُهُ قُرْبَاناً لِلْهَيْكَلِ،
٦ فَهُوَ فِي حِلٍّ مِنْ إِكْرَامِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ. وَأَنْتُمْ، بِهَذَا، تُلْغُونَ مَا أَوْصَى بِهِ اللهُ، مُحَافَظَةً عَلَى تَقَالِيدِكُمْ.
٧ أَيُّهَا الْمُنَافِقُونَ! أَحْسَنَ إِشَعْيَاءُ إِذْ تَنَبَّأَ عَنْكُمْ فَقَالَ:
٨ هَذَا الشَّعْبُ يُكْرِمُنِي بِشَفَتَيْهِ، أَمَّا قَلْبُهُ فَبَعِيدٌ عَنِّي جِدّاً!
٩ إِنَّمَا بَاطِلاً يَعْبُدُونَنِي وَهُمْ يُعَلِّمُونَ تَعَالِيمَ لَيْسَتْ إِلّا وَصَايَا النَّاسِ».
ما ينجس الإِنسان
١٠ ثُمَّ دَعَا الْجَمْعَ إِلَيْهِ وَقَالَ لَهُمْ: «اِسْمَعُوا وَافْهَمُوا:
١١ لَيْسَ مَا يَدْخُلُ الْفَمَ يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ، بَلْ مَا يَخْرُجُ مِنَ الْفَمِ هُوَ الَّذِي يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ».
١٢ فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ تَلامِيذُهُ وَقَالُوا لَهُ: «أَتَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ قَدْ أَثَارَ غَيْظَ الْفَرِّيسِيِّينَ؟»
١٣ فَأَجَابَهُمْ: «كُلُّ نَبَاتٍ لَمْ يَزْرَعْهُ أَبِي السَّمَاوِيُّ، لابُدَّ أَنْ يُقْلَعَ.
١٤ دَعُوهُمْ وَشَأْنَهُمْ، فَهُمْ عُمْيَانٌ يَقُودُونَ عُمْيَاناً. وَإذَا كَانَ الأَعْمَى يَقُودُ أَعْمَى، يَسْقُطَانِ مَعاً فِي حُفْرَةٍ».
١٥ وَقَالَ لَهُ بُطْرُسُ: «فَسِّرْ لَنَا ذَاكَ الْمَثَلَ!»
١٦ فَأَجَابَ: «وَهَلْ أَنْتُمْ أَيْضاً بِلا فَهْمٍ؟
١٧ أَلا تُدْرِكُونَ بَعْدُ أَنَّ الطَّعَامَ الَّذِي يَدْخُلُ الْفَمَ يَنْزِلُ إِلَى الْبَطْنِ، ثُمَّ يُطْرَحُ إِلَى الْخَلاءِ؟
١٨ أَمَّا مَا يَخْرُجُ مِنَ الْفَمِ، فَإِنَّهُ مِنَ الْقَلْبِ يَصْدُرُ، وَهُوَ الَّذِي يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ.
١٩ فَمِنَ الْقَلْبِ تَنْبُعُ الأَفْكَارُ الشِّرِّيرَةُ، الْقَتْلُ، الزِّنَى، الْفِسْقُ، السَّرِقَةُ، شَهَادَةُ الزُّورِ، الازْدِرَاءُ.
٢٠ هَذِهِ هِيَ الأُمُورُ الَّتِي تُنَجِّسُ الإِنْسَانَ. وَأَمَّا تَنَاوُلُ الطَّعَامِ بِأَيْدٍ غَيْرِ مَغْسُولَةٍ، فَلا يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ!»
إيمان المرأة الكنعانية
٢١ ثُمَّ غَادَرَ يَسُوعُ تِلْكَ الْمِنْطَقَةَ، وَذَهَبَ إِلَى نَوَاحِي صُورَ وَصَيْدَا.
٢٢ فَإِذَا امْرَأَةٌ كَنْعَانِيَّةٌ مِنْ تِلْكَ النَّوَاحِي، قَدْ تَقَدَّمَتْ إِلَيْهِ صَارِخَةً: «ارْحَمْنِي يَا سَيِّدُ، يَا ابْنَ دَاوُدَ! اِبْنَتِي مُعَذَّبَةٌ جِدّاً، يَسْكُنُهَا شَيْطَانٌ».
٢٣ لكِنَّهُ لَمْ يُجِبْهَا بِكَلِمَةٍ. فَجَاءَ تَلامِيذُهُ يُلِحُّونَ عَلَيْهِ قَائِلِينَ: «اصْرِفْهَا عَنَّا. فَهِيَ تَصْرُخُ وَرَاءنَا!»
٢٤ فَأَجَابَ: «مَا أُرْسِلْتُ إِلّا إِلَى الْخِرَافِ الضَّالَّةِ، إِلَى بَيْتِ إِسْرَائِيلَ!»
٢٥ وَلكِنَّ الْمَرْأَةَ اقْتَرَبَتْ إِلَيْهِ، وَسَجَدَتْ لَهُ، وَقَالَتْ: «أَعِنِّي يَا سَيِّدُ!»
٢٦ فَأَجَابَ: «لَيْسَ مِنَ الصَّوَابِ أَنْ يُؤْخَذَ خُبْزُ الْبَنِينَ وَيُطْرَحَ لِلْكِلابِ!»
٢٧ فَقَالَتْ: «صَحِيحٌ يَا سَيِّدُ؛ وَلكِنَّ جِرَاءَ الْكِلابِ تَأْكُلُ مِنَ الْفُتَاتِ الَّذِي يَسْقُطُ مِنْ مَوَائِدِ أَصْحَابِهَا!»
٢٨ فَأَجَابَهَا يَسُوعُ: «أَيَّتُهَا الْمَرْأَةُ، عَظِيمٌ إِيمَانُكِ! فَلْيَكُنْ لَكِ مَا تَطْلُبِينَ!» فَشُفِيَتِ ابْنَتُهَا مِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ.
يسوع يطعم أربعة آلاف
٢٩ ثُمَّ انْتَقَلَ يَسُوعُ مِنْ تِلْكَ الْمِنْطَقَةِ، مُتَّجِهاً إِلَى بُحَيْرَةِ الْجَلِيلِ. فَصَعِدَ إِلَى الْجَبَلِ وَجَلَسَ هُنَاكَ.
٣٠ فَجَاءتْ إِلَيْهِ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ وَمَعَهُمْ عُرْجٌ وَمَشْلُولُونَ وَعُمْيٌ وَخُرْسٌ وَغَيْرُهُمْ كَثِيرُونَ، وَطَرَحُوهُمْ عِنْدَ قَدَمَيْهِ، فَشَفَاهُمْ.
٣١ فَدُهِشَتِ الْجُمُوعُ إِذْ رَأَوْا الْخُرْسَ يَنْطِقُونَ، وَالْمَشْلُولِينَ أَصِحَّاءَ، وَالْعُرْجَ يَمْشُونَ، وَالْعُمْيَ يُبْصِرُونَ؛ وَمَجَّدُوا إِلهَ إِسْرَائِيلَ.
٣٢ وَلكِنَّ يَسُوعَ دَعَا تَلامِيذَهُ إِلَيْهِ وَقَالَ: «إِنِّي أُشْفِقُ عَلَى الْجَمْعِ لأَنَّهُمْ مَازَالُوا مَعِي مُنْذُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ وَلَيْسَ عِنْدَهُمْ مَا يَأْكُلُونَهُ. وَلا أُرِيدُ أَنْ أَصْرِفَهُمْ صَائِمِينَ لِئَلّا يُصِيبُهُمْ الإعْيَاءُ فِي الطَّرِيقِ».
٣٣ فَقَالَ التَّلامِيذُ: «مِنْ أَيْنَ لَنَا فِي هَذِهِ الْبَرِّيَّةِ خُبْزٌ كَثِيرٌ حَتَّى يَكْفِيَ هَذَا الْجَمْعَ الْكَثِيرَ؟»
٣٤ فَسَأَلَهُمْ: «كَمْ رَغِيفاً عِنْدَكُمْ؟» أَجَابُوا: «سَبْعَةٌ وَبَعْضُ سَمَكَاتٍ صِغَارٍ!»
٣٥ فَأَمَرَ الْجَمْعَ أَنْ يَجْلِسُوا عَلَى الأَرْضِ،
٣٦ ثُمَّ أَخَذَ الأَرْغِفَةَ السَّبْعَةَ وَالسَّمَكَاتِ، وَشَكَرَ وَكَسَّرَ، وَأَعْطَى التَّلامِيذَ، فَوَزَّعُوهَا عَلَى الْجُمُوعِ.
٣٧ فَأَكَلَ الْجَمِيعُ حَتَّى شَبِعُوا. ثُمَّ رَفَعَ التَّلامِيذُ سَبْعَةَ سِلالٍ مَلأُوهَا بِمَا فَضَلَ مِنَ الْكِسَرِ.
٣٨ وَكَانَ عَدَدُ الآكِلِينَ أَرْبَعَةَ آلافِ رَجُلٍ، مَاعَدَا النِّسَاءَ وَالأَوْلادَ.
٣٩ ثُمَّ صَرَفَ يَسُوعُ الْجُمُوعَ، وَرَكِبَ الْقَارِبَ، وَجَاءَ إِلَى نَوَاحِي مَجَدَانَ.
١٦
الفريسيون يطلبون آية
١ وَجَاءَ بَعْضُ الْفَرِّيسِيِّينَ وَالصَّدُّوقِيِّينَ إِلَى يَسُوعَ لِيُوْقِعُوا بِهِ، فَطَلَبُوا إِلَيْهِ أَنْ يُرِيَهُمْ مُعْجِزَةً مِنَ السَّمَاءِ.
٢ فَأَجَابَهُمْ: «إِذَا كَانَتِ السَّمَاءُ حَمْرَاءَ صَافِيَةً عِنْدَ الْغُرُوبِ، تَقُولُونَ: سَيَكُونُ الْجَوُّ صَحْواً!
٣ وَإذَا كَانَتِ السَّمَاءُ حَمْرَاءَ مُلَبَّدَةً بِالْغُيُومِ فِي الصَّبَاحِ، تَقُولُونَ: الْيَوْمَ مَطَرٌ! إِنَّكُمْ تَسْتَدِلُّونَ عَلَى حَالَةِ الطَّقْسِ مِنْ مَنْظَرِ السَّمَاءِ. أَمَّا عَلامَاتُ الأَزْمِنَةِ، فَلا تَسْتَطِيعُونَ الِاسْتِدْلالَ عَلَيْهَا!
٤ جِيلٌ شِرِّيرٌ خَائِنٌ يَطْلُبُ آيَةً، وَلَنْ يُعْطَى آيَةً إِلّا مَا حَدَثَ لِلنَّبِيِّ يُونَانَ». ثُمَّ فَارَقَهُمْ وَمَضَى.
خمير الفريسيين والصدوقيين
٥ وَلَمَّا وَصَلَ تَلامِيذُهُ إِلَى الشَّاطِئِ الآخَرِ، كَانُوا قَدْ نَسُوا أَنْ يَتَزَوَّدُوا خُبْزاً.
٦ وَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «انْتَبِهُوا! خُذُوا حِذْرَكُمْ مِنْ خَمِيرِ الْفَرِّيسِيِّينَ وَالصَّدُّوقِيِّينَ!»
٧ فَبَدَأُوا يُحَاوِرُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً، قَائِلِينَ: «هَذَا لأَنَّنَا لَمْ نَأْخُذْ خُبْزاً!»
٨ وَعَلِمَ يَسُوعُ بِذَلِكَ، فَقَالَ لَهُمْ: «يَا قَلِيلِي الإِيمَانِ، لِمَاذَا تُحَاوِرُونَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً لأَنَّكُمْ لَمْ تَأْخُذُوا خُبْزاً؟
٩ أَلا تَفْهَمُونَ بَعْدُ؟ أَمْ نَسِيتُمُ الأَرْغِفَةَ الْخَمْسَةَ الَّتِي أَشْبَعَتِ الْخَمْسَةَ الآلافِ، وَكَمْ قُفَّةً رَفَعْتُمْ مِنْهَا؟
١٠ أَوَ نَسِيتُمُ الأَرْغِفَةَ السَّبْعَةَ الَّتِي أَشْبَعَتِ الأَرْبَعَةَ الآلافِ، وَكَمْ سَلًّا رَفَعْتُمْ مِنْهَا؟
١١ كَيْفَ لَا تَفْهَمُونَ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَعْنِي الْخُبْزَ حِينَ قُلْتُ لَكُمْ: خُذُوا حِذْرَكُمْ مِنْ خَمِيرِ الْفَرِّيسِيِّينَ وَالصَّدُّوقِيِّينَ؟»
١٢ عِنْدَئِذٍ أَدْرَكَ التَّلامِيذُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُحَذِّرُهُمْ مِنْ خَمِيرِ الْخُبْزِ، بَلْ مِنْ تَعْلِيمِ الْفَرِّيسِيِّينَ وَالصَّدُّوقِيِّينَ.
اعتراف بطرس بالمسيح
١٣ وَلَمَّا وَصَلَ يَسُوعُ إِلَى نَوَاحِي قَيْصَرِيَّةِ فِيلِبُّسَ، سَأَلَ تَلامِيذَهُ: «مَنْ يَقُولُ النَّاسُ إِنِّي أَنَا، ابْنَ الإِنْسَانِ؟»
١٤ فَأَجَابُوهُ: «يَقُولُ بَعْضُهُمْ إِنَّكَ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ، وَغَيْرُهُمْ إِنَّكَ النَّبِيُّ إِيلِيَّا، وآخَرُونَ إِنَّكَ إِرْمِيَا، أَوْ وَاحِدٌ مِنَ الأَنْبِيَاءِ».
١٥ فَسَأَلَهُمْ: «وَأَنْتُمْ، مَنْ تَقُولُونَ إِنِّي أَنَا؟»
١٦ فَأَجَابَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ قَائِلاً: «أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ الْحَيِّ!»
١٧ فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «طُوبَى لَكَ يَا سِمْعَانَ بْنَ يُونَا. فَمَا أَعْلَنَ لَكَ هَذَا لَحْمٌ وَدَمٌ، بَلْ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.
١٨ وَأَنَا أَيْضاً أَقُولُ لَكَ: أَنْتَ صَخْرٌ. وَعَلَى هَذِهِ الصَّخْرَةِ أَبْنِي كَنِيسَتِي وَقُوَّاتُ الْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا!
١٩ وَأُعْطِيكَ مَفَاتِيحَ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ: فَكُلُّ مَا تَرْبِطُهُ عَلَى الأَرْضِ، يَكُونُ قَدْ رُبِطَ فِي السَّمَاءِ؛ وَمَا تَحُلُّهُ عَلَى الأَرْضِ، يَكُونُ قَدْ حُلَّ فِي السَّمَاءِ!»
٢٠ ثُمَّ حَذَّرَ تَلامِيذَهُ مِنْ أَنْ يَقُولُوا لأَحَدٍ إِنَّهُ هُوَ الْمَسِيحُ.
المسيح يعلن عن موته وقيامته
٢١ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ، بَدَأَ يَسُوعُ يُعْلِنُ لِتَلامِيذِهِ أَنَّهُ لابُدَّ أَنْ يَمْضِيَ إِلَى أُورُشَلِيمَ، وَيَتَأَلَّمَ عَلَى أَيْدِي الشُّيُوخِ وَرُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ، وَيُقْتَلَ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يُقَامُ.
٢٢ فَانْتَحَى بِهِ بُطْرُسُ جَانِباً، وَأَخَذَ يَلُومُهُ، قَائِلاً: «حَاشَا لَكَ يَا رَبُّ أَنْ يَحْدُثَ لَكَ هَذَا!»
٢٣ فَالْتَفَتَ يَسُوعُ إِلَى بُطْرُسَ وَقَالَ لَهُ: «اغْرُبْ مِنْ أَمَامِي يَا شَيْطَانُ! أَنْتَ عَقَبَةٌ أَمَامِي، لأَنَّكَ تُفَكِّرُ لَا بِأُمُورِ اللهِ، بَلْ بِأُمُورِ النَّاسِ!»
٢٤ ثُمَّ قَالَ يَسُوعُ لِتَلامِيذِهِ: «إِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَسِيرَ وَرَائِي، فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعْنِي.
٢٥ فَأَيُّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ، يَخْسَرُهَا؛ وَلكِنَّ مَنْ يَخْسَرُ نَفْسَهُ لأَجْلِي، فَإِنَّهُ يَجِدُهَا.
٢٦ فَمَاذَا يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ رَبِحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ؟ أَوْ مَاذَا يُقَدِّمُ الإِنْسَانُ فِدَاءً عَنْ نَفْسِهِ؟
٢٧ فَإِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ سَوْفَ يَعُودُ فِي مَجْدِ أَبِيهِ مَعَ مَلائِكَتِهِ، فَيُجَازِي كُلَّ وَاحِدٍ حَسَبَ أَعْمَالِهِ.
٢٨ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ بَعْضاً مِنَ الْوَاقِفِينَ هُنَا لَنْ يَذُوقُوا الْمَوْتَ، قَبْلَ أَنْ يَرَوْا ابْنَ الإِنْسَانِ آتِياً فِي مَلَكُوتِهِ».
١٧
التجلي
١ وَبَعْدَ سِتَّةِ أَيَّامٍ، أَخَذَ يَسُوعُ بُطْرُسَ وَيَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا أَخَاهُ، وَصَعِدَ بِهِمْ عَلَى انْفِرَادٍ إِلَى جَبَلٍ عَالٍ،
٢ وَتَجَلَّى أَمَامَهُمْ، فَشَعَّ وَجْهُهُ كَالشَّمْسِ، وَصَارَتْ ثِيَابُهُ بَيْضَاءَ كَالنُّورِ.
٣ وَإذَا مُوسَى وَإِيلِيَّا قَدْ ظَهَرَا لَهُمْ يَتَحَدَّثَانِ مَعَهُ.
٤ فَبَدَأَ بُطْرُسُ يَقُولُ لِيَسُوعَ: «يَا رَبُّ، مَا أَحْسَنَ أَنْ نَبْقَى هُنَا! فَإِذَا شِئْتَ، أَنْصُبُ هُنَا ثَلاثَ خِيَامٍ: وَاحِدَةً لَكَ، وَوَاحِدَةً لِمُوسَى، وَوَاحِدَةً لإِيلِيَّا».
٥ وَبَيْنَمَا كَانَ يَتَكَلَّمُ، إِذَا سَحَابَةٌ مُنِيرَةٌ قَدْ ظَلَّلَتْهُمْ، وَجَاءَ صَوْتٌ مِنَ السَّحَابَةِ قَائِلاً: «هَذَا هُوَ ابْنِي الْحَبِيبُ الَّذِي سُرِرْتُ بِهِ كُلَّ سُرُورٍ. لَهُ اسْمَعُوا!»
٦ فَلَمَّا سَمِعَ التَّلامِيذُ الصَّوْتَ، وَقَعُوا عَلَى وُجُوهِهِمْ مُرْتَعِبِينَ جِدّاً.
٧ فَاقْتَرَبَ مِنْهُمْ يَسُوعُ وَلَمَسَهُمْ وَقَالَ: «انْهَضُوا وَلا تَرْتَعِبُوا!»
٨ فَرَفَعُوا أَنْظَارَهُمْ، فَلَمْ يَرَوْا إِلّا يَسُوعَ وَحْدَهُ.
٩ وَفِيمَا هُمْ نَازِلُونَ مِنَ الْجَبَلِ، أَوْصَاهُمْ يَسُوعُ قَائِلاً: «لا تُخْبِرُوا أَحَداً بِمَا رَأَيْتُمْ حَتَّى يَقُومَ ابْنُ الإِنْسَانِ مِنْ بَيْنِ الأَمْوَاتِ».
١٠ فَسَأَلَهُ تَلامِيذُهُ: «لِمَاذَا إِذَنْ يَقُولُ الْكَتَبَةُ إِنَّ إِيلِيَّا لابُدَّ أَنْ يَأْتِيَ أَوَّلاً؟»
١١ فَأَجَابَهُمْ قَائِلاً: «حَقّاً، إِنَّ إِيلِيَّا يَأْتِي أَوَّلاً وَيُصْلِحُ كُلَّ شَيْءٍ.
١٢ عَلَى أَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: قَدْ جَاءَ إِيلِيَّا، وَلَمْ يَعْرِفُوهُ، بَلْ فَعَلُوا بِهِ كُلَّ مَا شَاءُوا. كَذَلِكَ ابْنُ الإِنْسَانِ أَيْضاً عَلَى وَشْكِ أَنْ يَتَأَلَّمَ عَلَى أَيْدِيهِمْ».
١٣ عِنْدَئِذٍ فَهِمَ التَّلامِيذُ أَنَّهُ كَلَّمَهُمْ عَنْ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ.
شفاء صبي به شيطان
١٤ وَلَمَّا وَصَلُوا إِلَى الْجَمْعِ، تَقَدَّمَ رَجُلٌ إِلَى يَسُوعَ، وَجَثَا أَمَامَهُ،
١٥ وَقَالَ: «يَا سَيِّدُ، ارْحَمِ ابْنِي لأَنَّهُ مُصَابٌ بِالصَّرْعِ، وَهُوَ يَتَعَذَّبُ عَذَاباً شَدِيداً. وَكَثِيراً مَا يَسْقُطُ فِي النَّارِ أَوْ فِي الْمَاءِ.
١٦ وَقَدْ أَحْضَرْتُهُ إِلَى تَلامِيذِكَ، فَلَمْ يَسْتَطِيعُوا أَنْ يَشْفُوهُ».
١٧ فَأَجَابَ يَسُوعُ قَائِلاً: «أَيُّهَا الْجِيلُ غَيْرُ الْمُؤْمِنِ وَالأَعْوَجُ، إِلَى مَتَى أَبْقَى مَعَكُمْ؟ إِلَى مَتَى أَحْتَمِلُكُمْ؟ أَحْضِرُوهُ إِلَيَّ هُنَا!»
١٨ وَزَجَرَ يَسُوعُ الشَّيْطَانَ، فَخَرَجَ مِنَ الصَّبِيِّ، وَشُفِيَ الصَّبِيُّ مِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ.
١٩ ثُمَّ تَقَدَّمَ التَّلامِيذُ إِلَى يَسُوعَ عَلَى انْفِرَادٍ وَسَأَلُوهُ: «لِمَاذَا عَجَزْنَا نَحْنُ أَنْ نَطْرُدَ الشَّيْطَانَ؟»
٢٠ أَجَابَهُمْ: «لِقِلَّةِ إِيمَانِكُمْ. فَالْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَوْ كَانَ لَكُمْ إِيمَانٌ مِثْلُ بِزْرَةِ خَرْدَلٍ، لَكُنْتُمْ تَقُولُونَ لِهَذَا الْجَبَلِ: اِنْتَقِلْ مِنْ هُنَا إِلَى هُنَاكَ، فَيَنْتَقِلُ، وَلا يَسْتَحِيلُ عَلَيْكُمْ شَيْءٌ.
٢١ أَمَّا هَذَا النَّوْعُ مِنَ الشَّيَاطِينِ، فَلا يُطْرَدُ إِلّا بِالصَّاللاةِ وَالصَّوْمِ».
يسوع يتنبأ ثانية بموته
٢٢ وَفِيمَا كَانُوا يَتَجَمَّعُونَ فِي الْجَلِيلِ، قَالَ يَسُوعُ لِتَلامِيذِهِ: «اِبْنُ الإِنْسَانِ عَلَى وَشْكِ أَنْ يُسَلَّمَ إِلَى أَيْدِي النَّاسِ،
٢٣ فَيَقْتُلُونَهُ. وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يُقَامُ». فَحَزِنُوا حُزْناً شَدِيداً.
ضريبة الهيكل
٢٤ وَلَمَّا وَصَلُوا إِلَى كَفْرَنَاحُومَ، جَاءَ جُبَاةُ ضَرِيبَةِ الدِّرْهَمَيْنِ لِلْهَيْكَلِ إِلَى بُطْرُسَ، وَقَالُوا: «أَلا يُؤَدِّي مُعَلِّمُكُمُ الدِّرْهَمَيْنِ؟» فَأَجَابَ: «بَلَى!»
٢٥ وَمَا إِنْ دَخَلَ بُطْرُسُ الْبَيْتَ، حَتَّى سَأَلَهُ يَسُوعُ: «مَا رَأْيُكَ يَا سِمْعَانُ: مِمَّنْ يَسْتَوْفِي مُلُوكُ الأَرْضِ الْجِزْيَةَ أَوِ الضَّرِيبَةَ؟ أَمِنْ أَبْنَاءِ بِلادِهِمْ، أَمْ مِنَ الأَجَانِبِ؟»
٢٦ أَجَابَ بُطْرُسُ: «مِنَ الأَجَانِبِ». فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «إِذَنِ الأَبْنَاءُ أَحْرَارٌ،
٢٧ وَلكِنْ لِكَيْ لَا نَضَعَ لَهُمْ عَثْرَةً، اذْهَبْ إِلَى الْبُحَيْرَةِ، وَأَلْقِ صِنَّارَةَ الصَّيْدِ؛ وَأَمْسِكِ السَّمَكَةَ الَّتِي تَطْلُعُ أَوَّلاً، ثُمَّ افْتَحْ فَمَهَا تَجِدْ فِيهِ قِطْعَةَ نَقْدٍ بِقِيمَةِ أَرْبَعَةِ دَرَاهِمَ، فَخُذْهَا وَادْفَعْ الضَّرِيبَةَ عَنِّي وَعَنْكَ!»
١٨
الأعظم في ملكوت السماوات
١ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ، تَقَدَّمَ التَّلامِيذُ إِلَى يَسُوعَ يَسْأَلُونَهُ: «مَنْ هُوَ الأَعْظَمُ، إِذَنْ، فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ؟»
٢ فَدَعَا إِلَيْهِ وَلَداً صَغِيراً وَأَوْقَفَهُ وَسْطَهُمْ،
٣ وَقَالَ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَتَحَوَّلُونَ وَتَصِيرُونَ مِثْلَ الأَوْلادِ الصِّغَارِ، فَلَنْ تَدْخُلُوا مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ أَبَداً.
٤ فَمَنِ اتَّضَعَ فَصَارَ مِثْلَ هَذَا الْوَلَدِ الصَّغِيرِ، فَهُوَ الأَعْظَمُ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ.
٥ وَمَنْ قَبِلَ بِاسْمِي وَلَداً صَغِيراً مِثْلَ هَذَا، فَقَدْ قَبِلَنِي.
مسببو العثرات
٦ وَمَنْ كَانَ عَثْرَةً لأَحَدِ هَؤُلاءِ الصِّغَارِ الْمُؤْمِنِينَ بِي، فَأَفْضَلُ لَهُ لَوْ عُلِّقَ فِي عُنُقِهِ حَجَرُ الرَّحَى وَأُغْرِقَ فِي أَعْمَاقِ الْبَحْرِ.
٧ الْوَيْلُ لِلْعَالَمِ مِنَ الْعَثَرَاتِ! فَلابُدَّ أَنْ تَأْتِيَ الْعَثَرَاتُ؛ وَلكِنِ الْوَيْلُ لِمَنْ تَأْتِي الْعَثَرَاتُ عَلَى يَدِهِ!
٨ فَإِنْ كَانَتْ يَدُكَ أَوْ رِجْلُكَ فَخّاً لَكَ، فَاقْطَعْهَا وَأَلْقِهَا عَنْكَ: أَفْضَلُ لَكَ أَنْ تَدْخُلَ الْحَيَاةَ وَيَدُكَ أَوْ رِجْلُكَ مَقْطُوعَةٌ، مِنْ أَنْ تُطْرَحَ فِي النَّارِ الأَبَدِيَّةِ.
٩ وَإِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ فَخّاً لَكَ، فَاقْلَعْهَا وَأَلْقِهَا عَنْكَ: أَفْضَلُ لَكَ أَنْ تَدْخُلَ الْحَيَاةَ وَعَيْنُكَ مَقْلُوعَةٌ، مِنْ أَنْ تُطْرَحَ فِي جَهَنَّمِ النَّارِ وَلَكَ عَيْنَانِ.
١٠ إِيَّاكُمْ أَنْ تَحْتَقِرُوا أَحَداً مِنْ هَؤُلاءِ الصِّغَارِ! فَإِنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلائِكَتَهُمْ فِي السَّمَاءِ يُشَاهِدُونَ كُلَّ حِينٍ وَجْهَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.
مَثل الخروف الضائع
١١ فَإِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ قَدْ جَاءَ لِكَيْ يُخَلِّصَ الْهَالِكِينَ.
١٢ مَا رَأْيُكُمْ فِي إِنْسَانٍ كَانَ عِنْدَهُ مِئَةُ خَرُوفٍ، فَضَلَّ وَاحِدٌ مِنْهَا: أَفَلا يَتْرُكُ التِّسْعَةَ وَالتِّسْعِينَ فِي الْجِبَالِ، وَيَذْهَبُ يَبْحَثُ عَنِ الضَّالِّ؟
١٣ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ إِذَا وَجَدَهُ، فَإِنَّهُ يَفْرَحُ بِهِ أَكْثَرَ مِنْ فَرَحِهِ بِالتِّسْعَةِ وَالتِّسْعِينَ الَّتِي لَمْ تَضِلّ!
١٤ وَهكَذَا، لَا يَشَاءُ أَبُوكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ أَنْ يَهْلِكَ وَاحِدٌ مِنْ هَؤُلاءِ الصِّغَارِ.
إن أخطأ إليك أخوك
١٥ إِنْ أَخْطَأَ إِلَيْكَ أَخُوكَ، فَاذْهَبْ إِلَيْهِ وَعَاتِبْهُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَلَى انْفِرَادٍ. فَإِذَا سَمِعَ لَكَ، تَكُونُ قَدْ رَبِحْتَ أَخَاكَ.
١٦ وَإذَا لَمْ يَسْمَعْ، فَخُذْ مَعَكَ أَخاً آخَرَ أَوِ اثْنَيْنِ، حَتَّى يَثْبُتَ كُلُّ أَمْرٍ بِشَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ أَوْ ثَلاثَةٍ.
١٧ فَإِذَا لَمْ يَسْمَعْ لَهُمَا، فَاعْرِضِ الأَمْرَ عَلَى الْكَنِيسَةِ. فَإِذَا لَمْ يَسْمَعْ لِلْكَنِيسَةِ أَيْضاً، فَلْيَكُنْ عِنْدَكَ كَالْوَثَنِيِّ وَجَابِي الضَّرَائِبِ.
١٨ فَالْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَا تَرْبِطُونَهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ قَدْ رُبِطَ فِي السَّمَاءِ، وَمَا تَحُلُّونَهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ قَدْ حُلَّ فِي السَّمَاءِ.
١٩ وَأَيْضاً أَقُولُ لَكُمْ: إِذَا اتَّفَقَ اثْنَانِ مِنْكُمْ عَلَى الأَرْضِ في أَيِّ أَمْرٍ، مَهْمَا كَانَ مَا يَطْلُبَانِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ لَهُمَا مِنْ قِبَلِ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.
٢٠ فَإِنَّهُ حَيْثُمَا اجْتَمَعَ اثْنَانِ أَوْ ثَلاثَةٌ بِاسْمِي، فَأَنَا أَكُونُ فِي وَسَطِهِمْ».
مثل العبد الذي لم يرحم
٢١ عِنْدَئِذٍ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ بُطْرُسُ وَسَأَلَهُ: «يَا رَبُّ، كَمْ مَرَّةً يُخْطِئُ إِلَيَّ أَخِي فَأَغْفِرَ لَهُ؟ هَلْ إِلَى سَبْعِ مَرَّاتٍ؟»
٢٢ فَأَجَابَهُ يَسُوعُ: «لا إِلَى سَبْعِ مَرَّاتٍ، بَلْ إِلَى سَبْعِينَ سَبْعَ مَرَّاتٍ!
٢٣ لِهَذَا السَّبَبِ، يُشَبَّهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ بِإِنْسَانٍ مَلِكٍ أَرَادَ أَنْ يُحَاسِبَ عَبِيدَهُ.
٢٤ فَلَمَّا شَرَعَ يُحَاسِبُهُمْ، أُحْضِرَ إِلَيْهِ وَاحِدٌ مَدْيُونٌ بِعَشَرَةِ آلافِ وَزْنَةٍ.
٢٥ وَإِذْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَا يُوفِي بِهِ دَيْنَهُ، أَمَرَ سَيِّدُهُ بِأَنْ يُبَاعَ هُوَ وَزَوْجَتُهُ وَأَوْلادُهُ وَكُلُّ مَا يَمْلِكُ لِيُوفِيَ الدَّيْنَ.
٢٦ لكِنَّ الْعَبْدَ خَرَّ أَمَامَهُ سَاجِداً وَقَائِلاً: يَا سَيِّدُ، أَمْهِلْنِي فَأُوفِيَ لَكَ الدَّيْنَ كُلَّهُ.
٢٧ فَأَشْفَقَ سَيِّدُ ذَلِكَ الْعَبْدِ عَلَيْهِ، فَأَطْلَقَ سَرَاحَهُ، وَسَامَحَهُ بِالدَّيْنِ.
٢٨ وَلكِنْ لَمَّا خَرَجَ ذَلِكَ الْعَبْدُ، قَصَدَ وَاحِداً مِنْ زُمَلائِهِ الْعَبِيدِ كَانَ مَدْيُوناً لَهُ بِمِئَةِ دِينَارٍ. فَقَبَضَ عَلَيْهِ وَأَخَذَ بِخِنَاقِهِ قَائِلاً: أَوْفِنِي مَا عَلَيْكَ!
٢٩ فَرَكَعَ زَمِيلُهُ الْعَبْدُ أَمَامَهُ وَقَالَ مُتَوَسِّلاً: أَمْهِلْنِي فَأُوْفِيَكَ!
٣٠ فَلَمْ يَقْبَلْ بَلْ مَضَى وَأَلْقَاهُ فِي السِّجْنِ حَتَّى يُوفِيَ مَا عَلَيْهِ.
٣١ وَإِذْ شَاهَدَ زُمَلاؤُهُ الْعَبِيدُ مَا جَرَى، حَزِنُوا جِدّاً، فَمَضَوْا وَأَخْبَرُوا سَيِّدَهُمْ بِكُلِّ مَا جَرَى.
٣٢ فَاسْتَدْعَاهُ سَيِّدُهُ وَقَالَ لَهُ: أَيُّهَا الْعَبْدُ الشِّرِّيرُ، ذَلِكَ الدَّيْنُ كُلُّهُ سَامَحْتُكَ بِهِ لأَنَّكَ تَوَسَّلْتَ إِلَيَّ.
٣٣ أَفَمَا كَانَ يَجِبُ أَنْ تَرْحَمَ زَمِيلَكَ الْعَبْدَ كَمَا رَحِمْتُكَ أَنَا؟
٣٤ وَإِذْ ثَارَ غَضَبُ سَيِّدِهِ عَلَيْهِ، دَفَعَهُ إِلَى الْجَلّادِينَ لِيُعَذِّبُوهُ حَتَّى يُوفِيَ كُلَّ مَا عَلَيْهِ.
٣٥ هَكَذَا يَفْعَلُ بِكُمْ أَبِي السَّمَاوِيُّ إِنْ لَمْ يَغْفِرْ كُلٌّ مِنْكُمْ لأَخِيهِ مِنْ قَلْبِهِ!»
١٩
الطلاق
١ بَعْدَمَا أَنْهَى يَسُوعُ هَذَا الْكَلامَ، انْتَقَلَ مِنَ الْجَلِيلِ ذَاهِباً إِلَى نَوَاحِي مِنْطَقَةِ الْيَهُودِيَّةِ مَا وَرَاءَ نَهْرِ الأُرْدُنِّ.
٢ وَتَبِعَتْهُ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ، فَشَفَى مَرْضَاهُمْ هُنَاكَ.
٣ وَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ بَعْضُ الْفَرِّيسِيِّينَ يُجَرِّبُونَهُ، فَسَأَلُوهُ: «هَلْ يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُطَلِّقَ زَوْجَتَهُ لأَيِّ سَبَبٍ؟»
٤ فَأَجَابَهُمْ قَائِلاً: «أَلَمْ تَقْرَأُوا أَنَّ الْخَالِقَ جَعَلَ الإِنْسَانَ مُنْذُ الْبَدْءِ ذَكَراً وَأُنْثَى،
٥ وَقَالَ: لِذَلِكَ يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَتَّحِدُ بِزَوْجَتِهِ، فَيَصِيرُ الاثْنَانِ جَسَداً وَاحِداً؟
٦ فَلَيْسَا فِيمَا بَعْدُ اثْنَيْنِ، بَلْ جَسَداً وَاحِداً. فَلا يُفَرِّقَنَّ الإِنْسَانُ مَا جَمَعَهُ اللهُ!»
٧ فَسَأَلُوهُ: «فَلِمَاذَا أَوْصَى مُوسَى بِأَنْ تُعْطَى الزَّوْجَةُ وَثِيقَةَ طَلاقٍ فَتُطَلَّقُ؟»
٨ أَجَابَ: «بِسَبَبِ قَسَاوَةِ قُلُوبِكُمْ، سَمَحَ لَكُمْ مُوسَى بِتَطْلِيقِ زَوْجَاتِكُمْ. وَلَكِنَّ الأَمْرَ لَمْ يَكُنْ هَكَذَا مُنْذُ الْبَدْءِ.
٩ وَلَكِنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ الَّذِي يُطَلِّقُ زَوْجَتَهُ لِغَيْرِ عِلَّةِ الزِّنَى، وَيَتَزَوَّجُ بِغَيْرِهَا، فَإِنَّهُ يَرْتَكِبُ الزِّنَى. وَالَّذِي يَتَزَوَّجُ بِمُطَلَّقَةٍ، يَرْتَكِبُ الزِّنَى».
١٠ فَقَالَ لَهُ تَلامِيذُهُ: «إِنْ كَانَتْ هَذِهِ حَالَةَ الزَّوْجِ مَعَ الزَّوْجَةِ، فَعَدَمُ الزَّوَاجِ أَفْضَلُ!»
١١ فَأَجَابَهُمْ: «هَذَا الْكَلامُ لَا يَقْبَلُهُ الْجَمِيعُ، بَلِ الَّذِينَ أُنْعِمَ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ.
١٢ فَإِنَّ بَعْضَ الْخِصْيَانِ يُوْلَدُونَ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِهِمْ خِصْيَاناً؛ وَبَعْضُهُمْ قَدْ خَصَاهُمُ النَّاسُ؛ وَغَيْرُهُمْ قَدْ خَصَوْا أَنْفُسَهُمْ مِنْ أَجْلِ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. فَمَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَقْبَلَ هَذَا، فَلْيَقْبَلْهُ!»
يسوع والأطفال
١٣ ثُمَّ قَدَّمَ إِلَيْهِ بَعْضُهُمْ أَوْلاداً صِغَاراً لِيَضَعَ يَدَيْهِ عَلَيْهِمْ وَيُصَلِّيَ، فَزَجَرَهُمُ التَّلامِيذُ.
١٤ وَلَكِنَّ يَسُوعَ قَالَ: «دَعُوا الصِّغَارَ يَأْتُونَ إِلَيَّ وَلا تَمْنَعُوهُمْ، لأَنَّ لِمِثْلِ هَؤُلاءِ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ!»
١٥ وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ ذَهَبَ مِنْ هُنَاكَ.
الشاب الغني
١٦ وَإذَا شَابٌّ يَتَقَدَّمُ إِلَيْهِ وَيَسْأَلُ: «أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ، أَيَّ صَلاحٍ أَعْمَلُ لأَحْصُلَ عَلَى الْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ؟»
١٧ فَأَجَابَهُ: «لِمَاذَا تَسْأَلُنِي عَنِ الصَّالِحِ؟ وَاحِدٌ هُوَ الصَّالِحُ. وَلكِنْ، إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَدْخُلَ الْحَيَاةَ، فَاعْمَلْ بِالْوَصَايَا».
١٨ فَسَأَلَ: «أَيَّةِ وَصَايَا؟» أَجَابَهُ يَسُوعُ: «لا تَقْتُلْ؛ لَا تَزْنِ؛ لَا تَسْرِقْ؛ لَا تَشْهَدْ بِالزُّورِ؛
١٩ أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ؛ وَأَحِبَّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ.»
٢٠ قَالَ لَهُ الشَّابُّ: «هَذِهِ كُلُّهَا عَمِلْتُ بِها مُنْذُ صِغَرِي، فَمَاذَا يَنْقُصُنِي بَعْدُ؟»
٢١ فَأَجَابَهُ يَسُوعُ: «إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَكُونَ كَامِلاً، فَاذْهَبْ وَبِعْ كُلَّ مَا تَمْلِكُ، وَوَزِّعْ عَلَى الْفُقَرَاءِ، فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي السَّمَاوَاتِ. وَتَعَالَ اتْبَعْنِي!»
٢٢ فَلَمَّا سَمِعَ الشَّابُّ هَذَا الْكَلامَ، مَضَى حَزِيناً لأَنَّهُ كَانَ صَاحِبَ ثَرْوَةٍ كَبِيرَةٍ.
٢٣ فَقَالَ يَسُوعُ لِتَلامِيذِهِ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ مِنَ الصَّعْبِ عَلَى الْغَنِيِّ أَنْ يَدْخُلَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ.
٢٤ وَأَيْضاً أَقُولُ: إِنَّهُ لأَسْهَلُ أَنْ يَدْخُلَ الْجَمَلُ فِي ثَقْبِ إِبْرَةٍ مِنْ أَنْ يَدْخُلَ الْغَنِيُّ مَلَكُوتَ اللهِ».
٢٥ فَدُهِشَ التَّلامِيذُ جِدّاً لَمَّا سَمِعُوا ذَلِكَ، وَسَأَلُوا: «إِذَنْ، مَنْ يَقْدِرُ أَنْ يَنْجُوَ؟»
٢٦ فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ وَقَالَ لَهُمْ: «هَذَا مُسْتَحِيلٌ عِنْدَ النَّاسِ. أَمَّا عِنْدَ اللهِ، فَكُلُّ شَيْءٍ مُسْتَطَاعٌ!»
٢٧ عِنْدَئِذٍ قَالَ بُطْرُسُ: «هَا نَحْنُ قَدْ تَرَكْنَا كُلَّ شَيْءٍ وَتَبِعْنَاكَ، فَمَاذَا يَكُونُ نَصِيبُنَا؟»
٢٨ فَأَجَابَهُمْ يَسُوعُ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ فِي زَمَنِ التَّجْدِيدِ، عِنْدَمَا يَجْلِسُ ابْنُ الإِنْسَانِ عَلَى عَرْشِ مَجْدِهِ، تَجْلِسُونَ أَنْتُمُ الَّذِينَ تَبِعْتُمُونِي عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ عَرْشاً لِتَدِينُوا أَسْبَاطَ إِسْرَائِيلَ الاثْنَيْ عَشَرَ.
٢٩ فَأَيُّ مَنْ تَرَكَ بُيُوتاً أَوْ إِخْوَةً أَوْ أَخَوَاتٍ أَوْ أَباً أَوْ أُمّاً أَوْ أَوْلاداً أَوْ أَرَاضِيَ مِنْ أَجْلِ اسْمِي، فَإِنَهُ يَنَالُ مِئَةَ ضِعْفٍ وَيَرِثُ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ.
٣٠ وَلكِنْ أَوَّلُونَ كَثِيرُونَ يَصِيرُونَ آخِرِينَ، وَآخِرُونَ كَثِيرُونَ يَصِيرُونَ أَوَّلِينَ.
٢٠
مَثل العمال في الكرم
١ فَإِنَّ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ يُشَبَّهُ بِإِنْسَانٍ رَبِّ بَيْتٍ خَرَجَ فِي الصَّبَاحِ الْبَاكِرِ لِيَسْتَأْجِرَ عُمَّالاً لِكَرْمِهِ،
٢ وَاتَّفَقَ مَعَ الْعُمَّالِ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ دِينَاراً فِي الْيَوْمِ، وَأَرْسَلَهُمْ إِلَى كَرْمِهِ.
٣ ثُمَّ خَرَجَ نَحْوَ السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ صَبَاحاً، فَلَقِيَ فِي سَاحَةِ الْمَدِينَةِ عُمَّالاً آخَرِينَ بِلا عَمَلٍ،
٤ فَقَالَ لَهُمْ: اذْهَبُوا أَنْتُمْ أَيْضاً وَاعْمَلُوا فِي كَرْمِي فَأُعْطِيَكُمْ مَا يَحِقُّ لَكُمْ! فَذَهَبُوا.
٥ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى السَّاحَةِ أَيْضاً نَحْوَ السَّاعَةِ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ ظُهْراً. ثُمَّ نَحْوَ الثَّالِثَةِ بَعْدَ الظُّهْرِ، أَرْسَلَ مَزِيداً مِنَ الْعُمَّالِ إِلَى كَرْمِهِ.
٦ وَنَحْوَ السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ بَعْدَ الظُّهْرِ، خَرَجَ أَيْضاً فَلَقِيَ عُمَّالاً آخَرِينَ بِلا عَمَلٍ، فَسَأَلَهُمْ: لِمَاذَا تَقِفُونَ هُنَا طُولَ النَّهَارِ بِلا عَمَلٍ؟
٧ أَجَابُوهُ: لأَنَّهُ لَمْ يَسْتَأْجِرْنَا أَحَدٌ. فَقَالَ: اذْهَبُوا أَنْتُمْ أَيْضاً إِلَى كَرْمِي!
٨ وَعِنْدَمَا حَلَّ المَسَاءُ، قَالَ رَبُّ الْكَرْمِ لِوَكِيلِهِ: ادْعُ الْعُمَّالَ وَادْفَعِ الأُجْرَةَ مُبْتَدِئاً بِالآخِرِينَ وَمُنْتَهِياً إِلَى الأَوَّلِينَ.
٩ فَجَاءَ الَّذِينَ عَمِلُوا مِنَ السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ وَأَخَذَ كُلٌّ مِنْهُمْ دِينَاراً.
١٠ فَلَمَّا جَاءَ الأَوَّلُونَ، ظَنُّوا أَنَّهُمْ سَيَأْخُذُونَ أَكْثَرَ. وَلَكِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ نَالَ دِينَاراً وَاحِداً.
١١ وَفِيمَا هُمْ يَقْبِضُونَ الدِّينَارَ، تَذَمَّرُوا عَلَى رَبِّ الْبَيْتِ،
١٢ قَائِلِينَ: هَؤُلاءِ الآخِرُونَ عَمِلُوا سَاعَةً وَاحِدَةً فَقَطْ، وَأَنْتَ قَدْ سَاوَيْتَهُمْ بِنَا نَحْنُ الَّذِينَ عَمِلْنَا طُولَ النَّهَارِ تَحْتَ حَرِّ الشَّمْسِ!
١٣ فَأَجَابَ وَاحِداً مِنْهُمْ: يَا صَاحِبِي، أَنَا مَا ظَلَمْتُكَ؛ أَلَمْ تَتَّفِقْ مَعِي عَلَى دِينَارٍ؟
١٤ خُذْ مَا هُوَ لَكَ وَامْضِ فِي سَبِيلِكَ: فَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُعْطِيَ هَذَا الأَخِيرَ مِثْلَكَ.
١٥ أَمَا يَحِقُّ لِي أَنْ أَتَصَرَّفَ بِمَالِي كَمَا أُرِيدُ؟ أَمْ أَنَّ عَيْنَكَ شِرِّيرَةٌ لأَنَّنِي أَنَا صَالِحٌ؟
١٦ فَهَكَذَا يَصِيرُ الآخِرُونَ أَوَّلِينَ، وَالأَوَّلُونَ آخِرِينَ».
يسوع يتنبأ مرة ثالثة بموته
١٧ وَفِيمَا كَانَ يَسُوعُ صَاعِداً إِلَى أُورُشَلِيمَ، انْفَرَدَ بِالتَّلامِيذِ الاثْنَيْ عَشَرَ فِي الطَّرِيقِ، وَقَالَ لَهُمْ:
١٨ «هَا نَحْنُ صَاعِدُونَ إِلَى أُورُشَلِيمَ، حَيْثُ يُسَلَّمُ ابْنُ الإِنْسَانِ إِلَى رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ، وَالْكَتَبَةِ، فَيَحْكُمُونَ عَلَيْهِ بِالْمَوْتِ،
١٩ وَيُسَلِّمُونَهُ لأَيْدِي الأُمَمِ، فَيَسْخَرُونَ مِنْهُ وَيَجْلِدُونَهُ وَيَصْلِبُونَهُ. وَلكِنَّهُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومُ».
طلب أم
٢٠ فَتَقَدَّمَتْ إِلَيْهِ أُمُّ ابْنَيْ زَبَدِي وَهُمَا مَعَهَا، وَسَجَدَتْ لَهُ تَطْلُبُ مِنْهُ مَعْرُوفاً.
٢١ فَقَالَ لَهَا: «مَاذَا تُرِيدِينَ؟» أَجَابَتْ: «قُلْ أَنْ يَجْلِسَ ابْنَايَ هَذَانِ: أَحَدُهُمَا عَنْ يَمِينِكَ، وَالآخَرُ عَنْ يَسَارِكَ، فِي مَمْلَكَتِكَ!»
٢٢ فَأَجَابَ يَسُوعُ قَائِلاً لِيَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا: «أَنْتُمَا لَا تَدْرِيَانِ مَا تَطْلُبَانِ! أَتَقْدِرَانِ أَنْ تَشْرَبَا الْكَأْسَ الَّتِي سَأَشْرَبُهَا؟» أَجَابَاهُ: «نَعَمْ، نَقْدِرُ!»
٢٣ فَقَالَ لَهُمَا: «كَأْسِي سَوْفَ تَشْرَبَانِ. أَمَّا الْجُلُوسُ عَنْ يَمِينِي وَعَنْ يَسَارِي، فَلَيْسَ لِي أَنْ أَمْنَحَهُ إِلّا لِلَّذِينَ أَعَدَّهُ أَبِي لَهُمْ!»
٢٤ وَعِنْدَمَا سَمِعَ التَّلامِيذُ العَشَرَةُ بِذلِكَ، اغْتَاظُوا مِنَ الأَخَوَيْنِ
٢٥ فَاسْتَدْعَاهُمْ يَسُوعُ جَمِيعاً وَقَالَ: «تَعْلَمُونَ أَنَّ حُكَّامَ الأُمَمِ يَسُودُونَهُمْ، وَعُظَمَاءَهُمْ يَتَسَلَّطُونَ عَلَيْهِمْ.
٢٦ وَأَمَّا أَنْتُمْ، فَلا يَكُنْ ذلِكَ بَيْنَكُمْ، وَإِنَّمَا أَيُّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَصِيرَ عَظِيماً بَيْنَكُمْ، فَلْيَكُنْ لَكُمْ خَادِماً،
٢٧ وَأَيُّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَصِيرَ أَوَّلاً فِيكُمْ، فَلْيَكُنْ لَكُمْ عَبْداً،
٢٨ فَهَكَذَا ابْنُ الإِنْسَانِ: قَدْ جَاءَ لَا لِيُخْدَمَ، بَلْ لِيَخْدِمَ وَيَبْذُلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً عَنْ كَثِيرِينَ».
شفاء أعميين
٢٩ وَفِيمَا كَانَ يَسُوعُ وَتَلامِيذُهُ يُغَادِرُونَ أَرِيحَا، تَبِعَهُ جَمْعٌ كَبِيرٌ.
٣٠ وَإذَا أَعْمَيَانِ كَانَا جَالِسَيْنِ عَلَى جَانِبِ الطَّرِيقِ، مَا إِنْ سَمِعَا أَنَّ يَسُوعَ يَمُرُّ مِنْ هُنَاكَ، حَتَّى صَرَخَا: «ارْحَمْنَا يَا رَبُّ، يَا ابْنَ دَاوُدَ!»
٣١ وَلَكِنَّ الْجَمْعَ زَجَرَهُمَا لِيَسْكُتَا، فَأَخَذَا يَزِيدَانِ الصُّرَاخَ: «ارْحَمْنَا يَا رَبُّ، يَا ابْنَ دَاوُدَ!»
٣٢ فَتَوَقَّفَ يَسُوعُ وَدَعَاهُمَا إِلَيْهِ، وَسَأَلَهُمَا: «مَاذَا تُرِيدَانِ أَنْ أَفْعَلَ لَكُمَا؟»
٣٣ أَجَابَاهُ: «أَنْ تَفْتَحَ لَنَا أَعْيُنَنَا، يَا رَبُّ».
٣٤ فَأَخَذَتْهُ الشَّفَقَةُ عَلَيْهِمَا، وَلَمَسَ أَعْيُنَهُمَا، فَفِي الْحَالِ عَادَتْ أَعْيُنُهُمَا تُبْصِرُ وَانْطَلَقَا يَتْبَعَانِهِ.
٢١
الدخول الانتصاري
١ وَلَمَّا اقْتَرَبُوا مِنْ أُورُشَلِيمَ، وَوَصَلُوا إِلَى قَرْيَةِ بَيْتِ فَاجِي عِنْدَ جَبَلِ الزَّيْتُونِ، أَرْسَلَ يَسُوعُ اثْنَيْنِ مِنْ تَلامِيذِهِ،
٢ قَائِلاً لَهُمَا: «ادْخُلا الْقَرْيَةَ الْمُقَابِلَةَ لَكُمَا، تَجِدَا فِي الْحَالِ أَتَاناً مَرْبُوطَةً وَمَعَهَا جَحْشٌ، فَحُلّا رِبَاطَهُمَا وَأَحْضِرَاهُمَا إِلَيَّ.
٣ فَإِنِ اعْتَرَضَكُمَا أَحَدٌ، قُولا: الرَّبُّ بِحَاجَةٍ إِلَيْهِمَا. وَفِي الْحَالِ يُرْسِلُهُمَا».
٤ وَقَدْ حَدَثَ هَذَا لِيَتِمَّ مَا قِيلَ بِلِسَانِ النَّبِيِّ الْقَائِلِ:
٥ «بَشِّرُوا ابْنَةَ صِهْيَوْنَ: هَا هُوَ مَلِكُكِ قَادِمٌ إِلَيْكِ وَدِيعاً يَرْكَبُ عَلَى أَتَانٍ وَجَحْشٍ ابْنِ أَتَانٍ!»
٦ فَذَهَبَ التِّلْمِيذَانِ، وَفَعَلا مَا أَمَرَهُمَا بِهِ يَسُوعُ،
٧ فَأَحْضَرَا الأَتَانَ وَالْجَحْشَ، وَوَضَعَا عَلَيْهِمَا ثِيَابَهُمَا، فَرَكِبَ.
٨ وَأَخَذَ جَمْعٌ كَبِيرٌ جِدّاً يَفْرُشُونَ الطَّرِيقَ بِثِيَابِهِمْ، وَأَخَذَ آخَرُونَ يَقْطَعُونَ أَغْصَانَ الشَّجَرِ وَيَفْرُشُونَ بِها الطَّرِيقَ.
٩ وَكَانَتِ الْجُمُوعُ الَّتِي تَقَدَّمَتْ يَسُوعَ وَالَّتِي مَشَتْ خَلْفَهُ تَهْتِفُ قَائِلَةً: «أُوصَنَّا لاِبْنِ دَاوُدَ! مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ! أُوصَنَّا فِي الأَعَالِي!»
١٠ وَلَمَّا دَخَلَ يَسُوعُ أُورُشَلِيمَ، ضَجَّتِ الْمَدِينَةُ كُلُّهَا، وَتَسَاءَلَ أَهْلُهَا: «مَنْ هُوَ هَذَا؟»
١١ فَأَجَابَتِ الْجُمُوعُ: «هَذَا هُوَ يَسُوعُ النَّبِيُّ الَّذِي مِنَ النَّاصِرَةِ بِالْجَلِيلِ».
يسوع في الهيكل
١٢ ثُمَّ دَخَلَ يَسُوعُ الْهَيْكَلَ، وَطَرَدَ مِنْ سَاحَتِهِ جَمِيعَ الَّذِينَ كَانُوا يَبِيعُونَ وَيَشْتَرُونَ؛ وَقَلَبَ مَوَائِدَ الصَّيَارِفَةِ وَمَقَاعِدَ بَاعَةِ الْحَمَامِ.
١٣ وَقَالَ لَهُمْ: «مَكْتُوبٌ: إِنَّ بَيْتِي بَيْتاً لِلصَّلاةِ يُدْعَى. أَمَّا أَنْتُمْ فَجَعَلْتُمُوهُ مَغَارَةَ لُصُوصٍ!»
١٤ وَبَيْنَمَا هُوَ فِي الْهَيْكَلِ، تَقَدَّمَ إِلَيْهِ عُمْيٌ وَعُرْجٌ، فَشَفَاهُمْ.
١٥ فَتَضَايَقَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ، وَالْكَتَبَةُ، عِنْدَمَا رَأَوْا الْعَجَائِبَ الَّتِي أَجْرَاهَا، وَالأَوْلادَ فِي الْهَيْكَلِ يَهْتِفُونَ: «أُوْصَنَّا لاِبْنِ دَاوُدَ!»
١٦ فَسَأَلُوهُ: «أَتَسْمَعُ مَا يَقُولُهُ هؤُلاءِ؟» فَأَجَابَهُمْ يَسُوعُ: «نَعَمْ! أَلَمْ تَقْرَأُوا قَطُّ: مِنْ أَفْوَاهِ الأَطْفَالِ وَالرُّضَّعِ أَعْدَدْتَ تَسْبِيحاً؟»
١٧ ثُمَّ فَارَقَهُمْ وَانْطَلَقَ خَارِجاً مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى قَرْيَةِ بَيْتَ عَنْيَا، وَبَاتَ فِيهَا.
شجرة التين تيبس
١٨ وَفِي صَبَاحِ الْيَوْمِ التَّالِي، وَهُوَ رَاجِعٌ إِلَى الْمَدِينَةِ، جَاعَ.
١٩ وَإِذْ رَأَى شَجَرَةَ تِينٍ عَلَى جَانِبِ الطَّرِيقِ اتَّجَهَ إِلَيْهَا، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَجِدْ عَلَيْهَا إِلّا الْوَرَقَ، فَقَالَ لَهَا: «لا يَكُنْ مِنْكِ ثَمَرٌ بَعْدُ إِلَى الأَبَدِ!» فَيَبِسَتِ التِّينَةُ فِي الْحَالِ.
٢٠ فَلَمَّا رَأَى التَّلامِيذُ ذَلِكَ، دُهِشُوا وَقَالُوا: «مَا أَسْرَعَ مَا يَبِسَتِ التِّينَةُ!»
٢١ فَأَجَابَهُمْ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ كَانَ لَكُمْ إِيمَانٌ وَلا تَشُكُّونَ، فَإِنَّكُمْ تَعْمَلُونَ لَا مِثْلَ مَا عَمِلْتُ بِالتِّينَةِ وَحَسْبُ، بَلْ إِنْ كُنْتُمْ تَقُولُونَ لِهَذَا الْجَبَلِ: انْقَلِعْ وَانْطَرِحْ فِي الْبَحْرِ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَحْدُثُ.
٢٢ وَكُلُّ مَا تَطْلُبُونَهُ فِي الصَّلاةِ بِإِيمَانٍ، تَنَالُونَهُ».
سؤال عن سلطة يسوع
٢٣ وَلَمَّا وصَلَ إِلَى الْهَيْكَلِ وَأَخَذَ يُعَلِّمُ، تَقَدَّمَ إِلَيْهِ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَشُيُوخُ الشَّعْبِ، وَسَأَلُوهُ: «بِأَيَّةِ سُلْطَةٍ تَفْعَلُ مَا تَفْعَلُهُ؟ وَمَنْ مَنَحَكَ هَذِهِ السُّلْطَةَ؟»
٢٤ فَأَجَابَهُمْ يَسُوعُ قَائِلاً: «وَأَنَا أَيْضاً أَسْأَلُكُمْ أَمْراً وَاحِداً، فَإِنْ أَجَبْتُمُونِي، أَقُولُ لَكُمْ أَنَا أَيْضَاً بِأَيَّةِ سُلْطَةٍ أَفْعَلُ مَا أَفْعَلُهُ:
٢٥ مِنْ أَيْنَ كَانَتْ مَعْمُودِيَّةُ يُوحَنَّا؟ مِنَ السَّمَاءِ أَمْ مِنَ النَّاسِ؟» فَتَشَاوَرُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ قَائِلِينَ: «إِنْ قُلْنَا لَهُ إِنَّهَا مِنَ السَّمَاءِ، يَقُولُ لَنَا: فَلِمَاذَا لَمْ تُصَدِّقُوهُ؟
٢٦ وَإِنْ قُلْنَا: مِنَ النَّاسِ، نَخْشَى أَنْ يَثُورَ عَلَيْنَا جُمْهُورُ الشَّعْبِ، لأَنَّهُمْ كُلَّهُمْ يَعْتَبِرُونَ يُوحَنَّا نَبِيًّا».
٢٧ فَأَجَابُوهُ: «لا نَدْرِي!» فَرَدَّ قَائِلاً: «وَلا أَنَا أَقُولُ لَكُمْ بأَيَّةِ سُلْطَةٍ أَفْعَلُ مَا أَفْعَلُهُ».
مثل الابنين
٢٨ «مَا رَأْيُكُمْ؟ كَانَ لإِنْسَانٍ وَلَدَانِ. فَقَصَدَ أَوَّلَهُمَا وَقَالَ لَهُ: يَا وَلَدِي، اذْهَبِ الْيَوْمَ وَاعْمَلْ فِي كَرْمِي!
٢٩ فَأَجَابَ: لَا أُرِيدُ. وَلَكِنَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ نَدِمَ وَذَهَبَ.
٣٠ ثُمَّ قَصَدَ الرَّجُلُ وَلَدَهُ الثَّانِي وَقَالَ لَهُ مَا قَالَهُ لِلأَوَّلِ. فَأَجَابَ: لَبَّيْكَ يَا سَيِّدِي! وَلَكِنَّهُ لَمْ يَذْهَبْ.
٣١ فَأَيُّ الاِثْنَيْنِ عَمِلَ بِإِرَادَةِ الأَبِ؟» فَقَالُوا: «الأَوَّلُ!» فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ جُبَاةَ الضَّرَائِبِ وَالزَّانِيَاتِ سَيَسْبِقُونَكُمْ فِي الدُّخُولِ إِلَى مَلَكُوتِ اللهِ.
٣٢ فَقَدْ جَاءَ يُوحَنَّا إِلَيْكُمْ سَالِكاً طَرِيقَ الْحَقِّ، فَلَمْ تُصَدِّقُوهُ. أَمَّا جُبَاةُ الضَّرَائِبِ وَالزَّانِيَاتُ فَصَدَّقُوهُ. وَلَمَّا رَأَيْتُمْ أَنْتُمْ هَذَا، لَمْ تَنْدَمُوا بَعْدَ ذَلِكَ لِتُصَدِّقُوهُ!
مَثل المزارعين
٣٣ اسْمَعُوا مَثَلاً آخَرَ: غَرَسَ إِنْسَانٌ رَبُّ بَيْتٍ كَرْماً، وَأَقَامَ حَوْلَهُ سُوراً، وَحَفَرَ فِيهِ مِعْصَرَةً، وَبَنَى فِيهِ بُرْجَ حِرَاسَةٍ. ثُمَّ سَلَّمَ الْكَرْمَ إِلَى مُزَارِعِينَ وَسَافَرَ.
٣٤ وَلَمَّا حَانَ أَوَانُ الْحَصَادِ، أَرْسَلَ عَبِيدَهُ إِلَى الْمُزَارِعِينَ لِتَسَلُّمِ ثَمَرَ الْكَرْمِ.
٣٥ فَقَبَضَ الْمُزَارِعُونَ عَلَى الْعَبِيدِ، فَضَرَبُوا أَحَدَهُمْ، وَقَتَلُوا غَيْرَهُ، وَرَجَمُوا الآخَرَ بِالْحِجَارَةِ.
٣٦ ثُمَّ أَرْسَلَ رَبُّ الْبَيْتِ ثَانِيَةً عَبِيداً آخَرِينَ أَكْثَرَ عَدَداً مِنَ الأَوَّلِينَ. فَفَعَلَ الْمُزَارِعُونَ بِهَؤُلاءِ مَا فَعَلُوهُ بِأُولئِكَ.
٣٧ وَأَخِيراً أَرْسَلَ إِلَيْهِمِ ابْنَهُ، قَائِلاً: سَيَهَابُونَ ابْنِي!
٣٨ فَمَا إِنْ رَأَى الْمُزَارِعُونَ الاِبْنَ حَتَّى قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: هَذَا هُوَ الْوَرِيثُ! تَعَالَوْا نَقْتُلُهُ لِنَسْتَوْلِيَ عَلَى مِيرَاثِهِ.
٣٩ ثُمَّ قَبَضُوا عَلَيْهِ، وَطَرَحُوهُ خَارِجَ الْكَرْمِ، وَقَتَلُوهُ!
٤٠ فَعِنْدَمَا يَعُودُ رَبُّ الْكَرْمِ، مَاذَا يَفْعَلُ بِأُولئِكَ الْمُزَارِعِينَ؟»
٤١ أَجَابُوهُ: «أُولئِكَ الأَشْرَارُ، يُهْلِكُهُمْ شَرَّ هَلاكٍ. ثُمَّ يُسَلِّمُ الْكَرْمَ إِلَى مُزَارِعِينَ آخَرِينَ يُؤَدُّونَ لَهُ الثَّمَرَ فِي أَوَانِهِ».
٤٢ فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَلَمْ تَقْرَأُوا فِي الْكِتَابِ: الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبُنَاةُ، هُوَ نَفْسُهُ صَارَ حَجَرَ الزَّاوِيَةِ الأَسَاسَ. مِنَ الرَّبِّ كَانَ هَذَا، وَهُوَ عَجِيبٌ فِي أَنْظَارِنَا!
٤٣ لِذلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلَكُوتَ اللهِ سَيُنْزَعُ مِنْ أَيْدِيكُمْ وَيُسَلَّمُ إِلَى شَعْبٍ يُؤَدِّي ثَمَرَهُ.
٤٤ فَأَيُّ مَنْ يَقَعُ عَلَى هَذَا الْحَجَرِ يَتَكَسَّرُ، وَمَنْ يَقَعُ الْحَجَرُ عَلَيْهِ يَسْحَقُهُ سَحْقاً!»
٤٥ وَلَمَّا سَمِعَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمَثَلَيْنِ اللَّذَيْنِ ضَرَبَهُمَا يَسُوعُ، أَدْرَكُوا أَنَّهُ كَانَ يَعْنِيهِمْ هُمْ.
٤٦ وَمَعَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَسْعَوْنَ إِلَى الْقَبْضِ عَلَيْهِ، فَقَدْ كَانُوا خَائِفِينَ مِنَ الْجُمُوعِ لأَنَّهُمْ كَانُوا يَعْتَبِرُونَهُ نَبِيًّا.
٢٢
مَثل وليمة الملك
١ وَعَادَ يَسُوعُ يَتَكَلَّمُ بِالأَمْثَالِ، فَقَالَ:
٢ «يُشَبَّهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ بِإِنْسَانٍ مَلِكٍ أَقَامَ وَلِيمَةً فِي عُرْسِ ابْنِهِ،
٣ وَأَرْسَلَ عَبِيدَهُ يَسْتَدْعِي الْمَدْعُوِّينَ إِلَى الْعُرْسِ، فَلَمْ يَرْغَبُوا فِي الْحُضُورِ.
٤ فَأَرْسَلَ الْمَلِكُ ثَانِيَةً عَبِيداً آخَرِينَ قَائِلاً لَهُمْ: قُولُوا لِلْمَدْعُوِّينَ: هَا أَنَا قَدْ أَعْدَدْتُ وَلِيمَتِي؛ ثِيرَانِي وَعُجُولِي الْمُسَمَّنَةُ قَدْ ذُبِحَتْ وَكُلُّ شَيْءٍ جَاهِزٌ، فَتَعَالَوْا إِلَى الْعُرْسِ!
٥ وَلكِنَّ الْمَدْعُوِّينَ تَهَاوَنُوا، فَذَهَبَ وَاحِدٌ إِلَى حَقْلِهِ، وَآخَرُ إِلَى مَتْجَرِهِ؛
٦ وَالْبَاقُونَ قَبَضُوا عَلَى عَبِيدِ الْمَلِكِ وَأَهَانُوهُمْ وَقَتَلُوهُمْ.
٧ فَغَضِبَ الْمَلِكُ وَأَرْسَلَ جُيُوشَهُ، فَأَهْلَكَ أُولئِكَ الْقَتَلَةَ وَأَحْرَقَ مَدِينَتَهُمْ.
٨ ثُمَّ قَالَ لِعَبِيدِهِ: إِنَّ وَلِيمَةَ الْعُرْسِ جَاهِزَةٌ، وَلكِنَّ الْمَدْعُوِّينَ لَمْ يَكُونُوا مُسْتَحِقِّينَ.
٩ فَاذْهَبُوا إِلَى مَفَارِقِ الطُّرُقِ، وَكُلُّ مَنْ تَجِدُونَهُ ادْعُوهُ إِلَى وَلِيمَةِ الْعُرْسِ!
١٠ فَخَرَجَ الْعَبِيدُ إِلَى الطُّرُقِ، وَجَمَعُوا كُلَّ مَنْ وَجَدُوا، أَشْرَاراً وَصَالِحِينَ، حَتَّى امْتَلأَتْ قَاعَةُ الْعُرْسِ بِالضُّيُوفِ.
١١ وَدَخَلَ الْمَلِكُ لِيَنْظُرَ الضُّيُوفَ، فَرَأَى إِنْسَاناً لَا يَلْبَسُ ثَوْبَ الْعُرْسِ.
١٢ فَقَالَ لَهُ: يَا صَاحِبِي، كَيْفَ دَخَلْتَ إِلَى هُنَا وَأَنْتَ لَا تَلْبَسُ ثَوْبَ الْعُرْسِ؟ فَظَلَّ صَامِتاً.
١٣ فَأَمَرَ الْمَلِكُ خُدَّامَهُ قَائِلاً: قَيِّدُوا رِجْلَيْهِ وَيَدَيْهِ، وَاطْرَحُوهُ فِي الظَّلامِ الْخَارِجِيِّ، هُنَالِكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ!
١٤ لأَنَّ الْمَدْعُوِّينَ كَثِيرُونَ، وَلكِنَّ الْمُخْتَارِينَ قَلِيلُونَ!»
دفع الجزية للقيصر
١٥ فَذَهَبَ الْفَرِّيسِيُّونَ وَتَآمَرُوا كَيْفَ يُوْقِعُونَهُ بِكَلِمَةٍ يَقُولُهَا.
١٦ فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ بَعْضَ تَلامِيذِهِمْ مَعَ أَعْضَاءِ حِزْبِ هِيرُودُسَ، يَقُولُونَ لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ، نَعْلَمُ أَنَّكَ صَادِقٌ وَتُعَلِّمُ النَّاسَ طَرِيقَ اللهِ فِي الْحَقِّ، وَلا تُبَالِي بِأَحَدٍ لأَنَّكَ لَا تُرَاعِي مَقَامَاتِ النَّاسِ،
١٧ فَقُلْ لَنَا إِذَنْ مَا رَأْيُكَ؟ أَيَحِلُّ أَنْ تُدْفَعَ الْجِزْيَةُ لِلْقَيْصَرِ أَمْ لا؟»
١٨ فَأَدْرَكَ يَسُوعُ مَكْرَهُمْ وَقَالَ: «أَيُّهَا الْمُنَافِقُونَ، لِمَاذَا تُحَاوِلُونَ الإيقَاعَ بِي؟
١٩ أَرُونِي عُمْلَةَ الْجِزْيَةِ!» فَقَدَّمُوا لَهُ دِينَاراً.
٢٠ فَسَأَلَهُمْ: «لِمَنْ هَذِهِ الصُّورَةُ وَهَذَا النَّقْشُ؟»
٢١ أَجَابُوهُ: «لِلْقَيْصَرِ!» فَقَالَ لَهُمْ: «إِذَنْ، أَعْطُوا مَا لِلْقَيْصَرِ لِلْقَيْصَرِ، وَمَا لِلهِ لِلهِ»
٢٢ فَتَرَكُوهُ وَمَضَوْا، مَدْهُوشِينَ مِمَّا سَمِعُوا.
الزواج في القيامة
٢٣ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ بَعْضُ الصَّدُّوقِيِّينَ الَّذِينَ لَا يَؤْمِنُونَ بالْقِيَامَةِ، وَسَأَلُوهُ
٢٤ قَائِلِينَ: «يَا مُعَلِّمُ، قَالَ مُوسَى: إِنْ مَاتَ رَجُلٌ دُونَ أَنْ يُخَلِّفَ أَوْلاداً، فَعَلَى أَخِيهِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأَرْمَلَتِهِ، وَيُقِيمَ نَسْلاً عَلَى اسْمِ أَخِيهِ.
٢٥ فَقَدْ كَانَ عِنْدَنَا سَبْعَةُ إِخْوَةٍ، تَزَوَّجَ أَوَّلُهُمْ ثُمَّ مَاتَ وَلَيْسَ لَهُ نَسْلٌ، فَتَرَكَ زَوْجَتَهُ لأَخِيهِ؛
٢٦ وَكَذلِكَ الثَّانِي ثُمَّ الثَّالِثُ، حَتَّى السَّابِعِ.
٢٧ وَمِنْ بَعْدِهِمْ جَمِيعاً، مَاتَتِ الْمَرْأَةُ أَيْضاً.
٢٨ فَفِي الْقِيَامَةِ، لِمَنْ مِنَ السَّبْعَةِ تَكُونُ الْمَرْأَةُ زَوْجَةً، لأَنَّهَا كَانَتْ زَوْجَةً لِكُلٍّ مِنْهُمْ؟»
٢٩ فَرَدَّ عَلَيْهِمْ يَسُوعُ قَائِلاً: «أَنْتُمْ فِي ضَلالٍ لأَنَّكُمْ لَا تَفْهَمُونَ الْكِتَابَ وَلا قُدْرَةَ اللهِ.
٣٠ فَالنَّاسُ فِي الْقِيَامَةِ لَا يَتَزَوَّجُونَ وَلا يُزَوِّجُونَ، بَلْ يَكُونُونَ كَمَلائِكَةِ اللهِ فِي السَّمَاءِ.
٣١ أَمَّا عَنْ قِيَامَةِ الأَمْوَاتِ، أَفَمَا قَرَأْتُمْ مَا قِيلَ لَكُمْ عَلَى لِسَانِ اللهِ:
٣٢ أَنَا إِلهُ إِبْرَاهِيمَ وَإِلَهُ إِسْحَاقَ وَإِلَهُ يَعْقُوبَ؟ وَلَيْسَ اللهُ بِإِلَهِ أَمْوَاتٍ، بِلْ هُوَ إِلهُ أَحْيَاءَ».
٣٣ فَلَمَّا سَمِعَ الْجُمُوعُ، ذُهِلُوا مِنْ تَعْلِيمِهِ.
الوصية العظمى
٣٤ وَلكِنْ لَمَّا سَمِعَ الْفَرِّيسِيُّونَ أَنَّ يَسُوعَ أَفْحَمَ الصَّدُّوقِيِّينَ، اجْتَمَعُوا مَعاً،
٣٥ وَسَأَلَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ، وَهُوَ مِنْ عُلَمَاءِ الشَّرِيعَةِ، يُحَاوِلُ أَنْ يَسْتَدْرِجَهُ:
٣٦ «يَا مُعَلِّمُ، مَا هِيَ الْوَصِيَّةُ الْعُظْمَى فِي الشَّرِيعَةِ؟»
٣٧ فَأَجَابَهُ: «أَحِبّ الرَّبَّ إِلهَكَ بِكُلِّ قَلْبِكَ وَكُلِّ نَفْسِكَ وَكُلِّ فِكْرِكَ!
٣٨ هَذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ الْعُظْمَى الأُولَى.
٣٩ وَالثَّانِيَةُ مِثْلُهَا: أَحِبّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ!
٤٠ بِهَاتَيْنِ الْوَصِيَّتَيْنِ تَتَعَلَّقُ الشَّرِيعَةُ وَكُتُبُ الأَنْبِيَاءِ!»
المسيح وداود
٤١ وَفِيمَا كَانَ الْفَرِّيسِيُّونَ مُجْتَمِعِينَ، سَأَلَهُمْ يَسُوعُ:
٤٢ «مَا رَأْيُكُمْ فِي الْمَسِيحِ: ابْنُ مَنْ هُوَ؟» أَجَابُوهُ: «ابْنُ دَاوُدَ!»
٤٣ فَسَأَلَهُمْ: «إِذَنْ، كَيْفَ يَدْعُوهُ دَاوُدُ بِالرُّوحِ رَبّاً لَهُ إِذْ يَقُولُ:
٤٤ قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي: اجْلِسْ عَنْ يَمِينِي حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئاً لِقَدَمَيْكَ؟
٤٥ فَإِنْ كَانَ دَاوُدُ يَدْعُوهُ رَبَّهُ، فَكَيْفَ يَكُونُ ابْنَهُ؟»
٤٦ فَلَمْ يَقْدِرْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ أَنْ يُجِيبَهُ وَلَوْ بِكَلِمَةٍ. وَمِنْ ذلِكَ الْيَوْمِ، لَمْ يَجْرُؤْ أَحَدٌ أَنْ يَسْتَدْرِجَهُ بِأَيِّ سُؤَالٍ.
٢٣
تحذير من النفاق
١ عِنْدَئِذٍ خَاطَبَ يَسُوعُ الْجُمُوعَ وَتَلامِيذَهُ،
٢ وَقَالَ: «اعْتَلَى الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ كُرْسِيَّ مُوسَى:
٣ فَاحْفَظُوا كُلَّ مَا يَقُولُونَهُ لَكُمْ وَاعْمَلُوا بِهِ. وَلَكِنْ لَا تَعْمَلُوا مِثْلَ مَا يَعْمَلُونَ؛ لأَنَّهُمْ يَقُولُونَ وَلا يَفْعَلُونَ،
٤ بَلْ يَحْزِمُونَ أَحْمَالاً ثَقِيلَةً لَا تُطَاقُ وَيَضَعُونَهَا عَلَى أَكْتَافِ النَّاسِ، وَلَكِنَّهُمْ هُمْ لَا يُرِيدُونَ أَنْ يُحَرِّكُوهَا بِطَرَفِ الإِصْبَعِ.
٥ وَكُلُّ مَا يَعْمَلُونَهُ، فَإِنَّمَا يَعْمَلُونَهُ لِكَيْ يَلْفِتُوا نَظَرَ النَّاسِ إِلَيْهِمْ. فَهُمْ يَجْعَلُونَ عَصَائِبَهُمْ عَرِيضَةً وَيُطِيلُونَ أَطْرَافَ أَثْوَابِهِمْ؛
٦ وَيُحِبُّونَ أَمَاكِنَ الصَّدَارَةِ فِي الْوَلائِمِ، وَالأَمَاكِنَ الْمُتَقَدِّمَةَ فِي الْمَجَامِعِ،
٧ وَأَنْ تُلْقَى عَلَيْهِمِ التَّحِيَّاتُ فِي السَّاحَاتِ، وَأَنْ يَدْعُوَهُمُ النَّاسُ: ’يَا مُعَلِّمُ، يَا مُعَلِّمُ.‘
٨ أَمَّا أَنْتُمْ، فَلا تَقْبَلُوا أَنْ يَدْعُوَكُمْ أَحَدٌ: يَا مُعَلِّمُ! لأَنَّ مُعَلِّمَكُمْ وَاحِدٌ، وَأَنْتُمْ جَمِيعاً إِخْوَةٌ.
٩ وَلا تَدْعُوا أَحَداً عَلَى الأَرْضِ أَباً لَكُمْ؛ لأَنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، وَهُوَ الآبُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.
١٠ وَلا تَقْبَلُوا أَنْ يَدْعُوَكُمْ أَحَدٌ رُؤَسَاءَ، لأَنَّ رَئِيسَكُمْ وَاحِدٌ، وَهُوَ الْمَسِيحُ.
١١ وَلْيَكُنْ أَكْبَرُكُمْ خَادِماً لَكُمْ.
١٢ فَإِنَّ كُلَّ مَنْ يُرَفِّعُ نَفْسَهُ يُوْضَعُ، وَمَنْ يَضَعُ نَفْسَهُ يُرَفَّعُ.
سبع ويلات على الكتبة والفريسيين
١٣ لَكِنِ الْوَيْلُ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُنَافِقُونَ! فَإِنَّكُمْ تُغْلِقُونَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ فِي وُجُوهِ النَّاسِ، فَلا أَنْتُمْ تَدْخُلُونَ، وَلا تَدَعُونَ الدَّاخِلِينَ يَدْخُلُونَ!
١٤ الْوَيْلُ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُنَافِقُونَ! فَإِنَّكُمْ تَلْتَهِمُونَ بُيُوتَ الأَرَامِلِ وَتَتَبَاهُونَ بِإِطَالَةِ صَلَوَاتِكُمْ. لِذَلِكَ سَتَنْزِلُ بِكُمْ دَيْنُونَةٌ أَقْسَى!
١٥ الْوَيْلُ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! فَإِنَّكُمْ تَطُوفُونَ الْبَحْرَ وَالْبَرَّ لِتَكْسَبُوا مُتَهَوِّداً وَاحِداً؛ فَإِذَا تَهَوَّدَ جَعَلْتُمُوهُ أَهْلاً لِجَهَنَّمَ ضِعْفَ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ!
١٦ الْوَيْلُ لَكُمْ أَيُّهَا الْقَادَةُ الْعُمْيَانُ! تَقُولُونَ: مَنْ أَقْسَمَ بِالْهَيْكَلِ، فَقَسَمُهُ غَيْرُ مُلْزِمٍ؛ أَمَّا مَنْ أَقْسَمَ بِذَهَبِ الْهَيْكَلِ، فَقَسَمُهُ مُلْزِمٌ!
١٧ أَيُّهَا الْجُهَّالُ وَالْعُمْيَانُ! أَيُّ الاِثْنَيْنِ أَعْظَمُ: الذَّهَبُ أَمِ الْهَيْكَلُ الَّذِي يَجْعَلُ الذَّهَبَ مُقَدَّساً؟
١٨ وَتَقُولُونَ: مَنْ أَقْسَمَ بِالْمَذْبَحِ، فَقَسَمُهُ غَيْرُ مُلْزِمٍ؛ أَمَّا مَنْ أَقْسَمَ بِالْقُرْبَانِ الَّذِي عَلَى الْمَذْبَحِ، فَقَسَمُهُ مُلْزِمٌ!
١٩ أَيُّهَا الْعُمْيَانُ! أَيُّ الاِثْنَيْنِ أَعْظَمُ: الْقُرْبَانِ أَمِ الْمَذْبَحُ الَّذِي يَجْعَلُ الْقُرْبَانَ مُقَدَّسَاً؟
٢٠ فَإِنَّ مَنْ أَقْسَمَ بِالْمَذْبَحِ، فَقَدْ أَقْسَمَ بِهِ وَبِكُلِّ مَا عَلَيْهِ؛
٢١ وَمَنْ أَقْسَمَ بِالْهَيْكَلِ، فَقَدْ أَقْسَمَ بِهِ وَبِالسَّاكِنِ فِيهِ؛
٢٢ وَمَنْ أَقْسَمَ بِالسَّمَاءِ، فَقَدْ أَقْسَمَ بِعَرْشِ اللهِ وَبِالْجَالِسِ عَلَيْهِ!
٢٣ الْوَيْلُ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُنَافِقُونَ! فَإِنَّكُمْ تُقَدِّمُونَ حَتَّى عُشُورَ النَّعْنَعِ وَالشِّبِثِّ وَالْكَمُّونِ، وَقَدْ أَهْمَلْتُمْ أَهَمَّ مَا فِي الشَّرِيعَةِ: الْعَدْلَ وَالرَّحْمَةَ وَالأَمَانَةَ. كَانَ يَجِبُ أَنْ تَفْعَلُوا هَذِهِ وَلا تُغْفِلُوا تِلْكَ!
٢٤ أَيُّهَا الْقَادَةُ الْعُمْيَانُ! إِنَّكُمْ تُصَفُّونَ الْمَاءَ مِنَ الْبَعُوضَةِ، وَلَكِنَّكُمْ تَبْلَعُونَ الْجَمَلَ!
٢٥ الْوَيْلُ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُنَافِقُونَ! فَإِنَّكُمْ تُنَظِّفُونَ الْكَأْسَ وَالصَّحْنَ مِنَ الْخَارِجِ، وَلَكِنْ دَاخِلَهُمَا مُمْتَلِئٌ بِمَا كَسَبْتُمْ بِالنَّهْبِ وَالطَّمَعِ!
٢٦ أَيُّهَا الْفَرِّيسِيُّ الأَعْمَى، نَظِّفْ أَوَّلاً دَاخِلَ الْكَأْسِ لِيَصِيرَ خَارِجُهَا أَيْضاً نَظِيفاً!
٢٧ الْوَيْلُ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُنَافِقُونَ! فَإِنَّكُمْ كَالْقُبُورِ الْمُبَيَّضَةِ: تَبْدُو جَمِيلَةً مِنَ الْخَارِجِ، وَلَكِنَّهَا مِنَ الدَّاخِلِ مُمْتَلِئَةٌ بِعِظَامِ الْمَوْتَى وَكُلِّ نَجَاسَةٍ!
٢٨ كَذَلِكَ أَنْتُمْ أَيْضاً، تَبْدُونَ لِلنَّاسِ صَالِحِينَ، وَلَكِنَّكُمْ مِنَ الدَّاخِلِ مُمْتَلِئُونَ بِالنِّفَاقِ وَالْفِسْقِ!
٢٩ الْوَيْلُ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُنَافِقُونَ! فَإِنَّكُمْ تَبْنُونَ قُبُورَ الأَنْبِيَاءِ وَتُزَيِّنُونَ مَدَافِنَ الصَّالِحِينَ،
٣٠ وَتَقُولُونَ: لَوْ عِشْنَا فِي زَمَنِ آبَائِنَا لَمَا شَارَكْنَاهُمْ فِي سَفْكِ دَمِ الأَنْبِيَاءِ.
٣١ فَبِهَذَا تَشْهَدُونَ عَلَى أَنْفُسِكُمْ بِأَنَّكُمْ أَبْنَاءُ قَاتِلِي الأَنْبِيَاءِ!
٣٢ فَأَكْمِلُوا مَا بَدَأَهُ آبَاؤُكُمْ لِيَطْفَحَ الْكَيْلُ!
٣٣ أَيُّهَا الْحَيَّاتُ، أَوْلادَ الأَفَاعِي! كَيْفَ تُفْلِتُونَ مِنْ عِقَابِ جَهَنَّمَ؟
٣٤ لِذَلِكَ: هَا أَنَا أُرْسِلُ إِلَيْكُمْ أَنْبِيَاءَ وَحُكَمَاءَ وَمُعَلِّمِينَ، فَبَعْضَهُمْ تَقْتُلُونَ وَتَصْلِبُونَ، وَبَعْضَهُمْ تَجْلِدُونَ فِي مَجَامِعِكُمْ، وَتُطَارِدُونَهُمْ مِنْ مَدِينَةٍ إِلَى أُخْرَى.
٣٥ وَبِهَذَا يَقَعُ عَلَيْكُمْ كُلُّ دَمٍ زَكِيٍّ سُفِكَ عَلَى الأَرْضِ: مِنْ دَمِ هَابِيلَ الْبَارِّ إِلَى دَمِ زَكَرِيَّا بْنِ بَرَخِيَّا الَّذِي قَتَلْتُمُوهُ بَيْنَ الْهَيْكَلِ وَالْمَذْبَحِ.
٣٦ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ عِقَابَ ذلِكَ كُلِّهِ سَيَنْزِلُ بِهَذَا الْجِيلِ.
٣٧ يَا أُورُشَلِيمُ، يَا أُورُشَلِيمُ، يَا قَاتِلَةَ الأَنْبِيَاءِ وَرَاجِمَةَ الْمُرْسَلِينَ إِلَيْهَا! كَمْ مَرَّةٍ أَرَدْتُ أَنْ أَجْمَعَ أَوْلادَكِ كَمَا تَجْمَعُ الدَّجَاجَةُ فِرَاخَهَا تَحْتَ جَنَاحَيْهَا، فَلَمْ تُرِيدُوا!
٣٨ هَا إِنَّ بَيْتَكُمْ يُتْرَكُ لَكُمْ خَرَاباً!
٣٩ فَإِنِّي أَقُولُ لَكُمْ إِنَّكُمْ لَنْ تَرَوْنِي مِنَ الآنَ، حَتَّى تَقُولُوا: مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ!»
٢٤
علامات نهاية الزمان
١ ثُمَّ خَرَجَ يَسُوعُ مِنَ الْهَيْكَلِ، وَلَمَّا غَادَرَهُ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ تَلامِيذُهُ، وَلَفَتُوا نَظَرَهُ إِلَى مَبَانِي الْهَيْكَلِ.
٢ فَقَالَ لَهُمْ: «أَمَا تَرَوْنَ هَذِهِ الْمَبَانِيَ كُلَّهَا؟ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَنْ يُتْرَكَ هُنَا حَجَرٌ فَوْقَ حَجَرٍ إِلّا وَيُهْدَمُ!»
٣ وَبَيْنَمَا كَانَ جَالِساً عَلَى جَبَلِ الزَّيْتُونِ، تَقَدَّمَ إِلَيْهِ التَّلامِيذُ عَلَى انْفِرَادٍ وَقَالُوا لَهُ: «أَخْبِرْنَا مَتَى يَحْدُثُ هَذَا. وَمَا هِيَ عَلامَةُ رُجُوعِكَ وَانْتِهَاءِ الزَّمَانِ؟»
٤ فَأَجَابَ يَسُوعُ: «انْتَبِهُوا! لَا يُضَلِّلْكُمْ أَحَدٌ!
٥ فَإِنَّ كَثِيرِينَ سَيَأْتُونَ بِاسْمِي قَائِلِينَ إِنِّي أَنَا هُوَ الْمَسِيحُ، فَيُضَلِّلُونَ كَثِيرِينَ.
٦ وَسَوْفَ تَسْمَعُونَ بِحُرُوبٍ وَأَخْبَارِ حُرُوبٍ. فَإِيَّاكُمْ أَنْ تَرْتَعِبُوا! فَلابُدَّ أَنْ يَحْدُثَ هَذَا كُلُّهُ، وَلَكِنْ لَيْسَتِ النِّهَايَةُ بَعْدُ.
٧ فَسَوْفَ تَنْقَلِبُ أُمَّةٌ عَلَى أُمَّةٍ، وَمَمْلَكَةٌ عَلَى مَمْلَكَةٍ، وَتَحْدُثُ مَجَاعَاتٌ وَزَلازِلُ فِي عِدَّةِ أَمَاكِنَ.
٨ وَلَكِنَّ هَذِهِ كُلَّهَا لَيْسَتْ إِلّا أَوَّلَ الآلَامِ.
٩ عِنْدَئِذٍ يُسَلِّمُكُمُ النَّاسُ إِلَى الْعَذَابِ، وَيَقْتُلُونَكُمْ، وَتَكُونُونَ مَكْرُوهِينَ لَدَى جَمِيعِ الأُمَمِ مِنْ أَجْلِ اسْمِي؛
١٠ فَيَرْتَدُّ كَثِيرُونَ وَيُسَلِّمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً وَيُبْغِضُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً،
١١ وَيَظْهَرُ كَثِيرُونَ مِنَ الأَنْبِيَاءِ الدَّجَّالِينَ وَيُضَلِّلُونَ كَثِيرِينَ.
١٢ وَإِذْ يَعُمُّ الإِثْمُ، تَبْرُدُ الْمَحَبَّةُ لَدَى الْكَثِيرِينَ.
١٣ وَلَكِنَّ الَّذِي يَثْبُتُ حَتَّى النِّهَايَةِ، فَهُوَ يَنْجُو.
١٤ فَسَوْفَ يُنَادَى بِبِشَارَةِ الْمَلَكُوتِ هَذِهِ فِي الْعَالَمِ كُلِّهِ، شَهَادَةً لِي لَدَى الأُمَمِ جَمِيعاً. وَبَعْدَ ذَلِكَ تَأْتِي النِّهَايَةُ.
١٥ فَعِنْدَمَا تَرَوْنَ رَجَاسَةَ الْخَرَابِ، الَّتِي قِيلَ عَنْهَا بِلِسَانِ دَانِيالَ النَّبِيِّ، قَائِمَةً فِي الْمَكَانِ الْمُقَدَّسِ، لِيَفْهَمِ الْقَارِئُ!
١٦ عِنْدَئِذٍ لِيَهْرُبِ الَّذِينَ فِي مِنْطَقَةِ الْيَهُودِيَّةِ إِلَى الْجِبَالِ؛
١٧ وَمَنْ كَانَ عَلَى السَّطْحِ، فَلا يَنْزِلْ لِيَأْخُذَ مَا فِي بَيْتِهِ؛
١٨ وَمَنْ كَانَ فِي الْحَقْلِ، فَلا يَرْجِعْ لِيَأْخُذَ ثَوْبَهُ!
١٩ وَالْوَيْلُ لِلْحَبَالَى وَالْمُرْضِعَاتِ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ!
٢٠ فَصَلُّوا لِكَيْ لَا يَكُونَ هَرَبُكُمْ فِي شِتَاءٍ أَوْ فِي سَبْتٍ،
٢١ فَسَوْفَ تَحْدُثُ عِنْدَئِذٍ ضِيقَةٌ عَظِيمَةٌ لَمْ يَحْدُثْ مِثْلُهَا مُنْذُ بَدْءِ الْعَالَمِ إِلَى الآنَ، وَلَنْ يَحْدُثَ.
٢٢ وَلَوْلا أَنَّ تِلْكَ الأَيَّامَ سَتُخْتَصَرُ، لَمَا كَانَ أَحَدٌ مِنَ الْبَشَرِ يَنْجُو. وَلَكِنْ مِنْ أَجْلِ الْمُخْتَارِينَ سَتُخْتَصَرُ تِلْكَ الأَيَّامُ.
٢٣ فَإِنْ قَالَ لَكُمْ أَحَدٌ عِنْدَئِذٍ: هَا إِنَّ الْمَسِيحَ هُنَا، أَوْ هُنَاكَ، فَلا تُصَدِّقُوا!
٢٤ فَسَوْفَ يَبْرُزُ أَكْثَرُ مِنْ مَسِيحٍ دَجَّالٍ وَنَبِيٍّ دَجَّالٍ، وَيُقَدِّمُونَ آيَاتٍ عَظِيمَةً وَأَعَاجِيبَ، لِيُضَلِّلُوا حَتَّى الْمُخْتَارِينَ، لَوِ اسْتَطَاعُوا.
٢٥ هَا أَنَا قَدْ أَخْبَرْتُكُمْ بِالأَمْرِ قَبْلَ حُدُوثِهِ.
٢٦ فَإِذَا قَالَ لَكُمُ النَّاسُ: هَا هُوَ الْمَسِيحُ فِي الْبَرِّيَّةِ! فَلا تَخْرُجُوا إِلَيْهَا؛ أَوْ: هَا هُوَ فِي الْغُرَفِ الدَّاخِلِيَّةِ! فَلا تُصَدِّقُوا.
٢٧ فَكَمَا أَنَّ الْبَرْقَ يُومِضُ مِنَ الشَّرْقِ فَيُضِيءُ فِي الْغَرْبِ، هَكَذَا يَكُونُ رُجُوعُ ابْنِ الإِنْسَانِ.
٢٨ فَحَيْثُ تُوْجَدُ الْجِيفَةُ، تَتَجَمَّعُ النُّسُورُ!
٢٩ وَحَالاً بَعْدَ الضِّيقَةِ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ، تُظْلِمُ الشَّمْسُ، وَيَحْجُبُ الْقَمَرُ ضَوْءَهُ، وَتَتَهَاوَى النُّجُومُ مِنَ السَّمَاءِ، وَتَتَزَعْزَعُ أَجْرَامُ السَّمَاوَاتِ.
٣٠ وَعِنْدَئِذٍ تَظْهَرُ آيَةُ ابْنِ الإِنْسَانِ فِي السَّمَاءِ، فَتَنْتَحِبُ قَبَائِلُ الأَرْضِ كُلُّهَا، وَيَرَوْنَ ابْنَ الإِنْسَانِ آتِياً عَلَى سُحُبِ السَّمَاءِ بِقُدْرَةٍ وَمَجْدٍ عَظِيمٍ.
٣١ وَيُرْسِلُ مَلائِكَتَهُ بِصَوْتِ بُوقٍ عَظِيمٍ لِيَجْمَعُوا مُخْتَارِيهِ مِنَ الْجِهَاتِ الأَرْبَعِ، مِنْ أَقَاصِي السَّمَاوَاتِ إِلَى أَقَاصِيهَا.
٣٢ وَتَعَلَّمُوا هَذَا الْمَثَلَ مِنْ شَجَرَةِ التِّينِ: عِنْدَمَا تَلِينُ أَغْصَانُهَا، وَتُطْلِعُ وَرَقاً، تَعْرِفُونَ أَنَّ الصَّيْفَ قَرِيبٌ.
٣٣ هَكَذَا أَيْضاً حِينَ تَرَوْنَ هَذِهِ الأُمُورَ جَمِيعَهَا تَحْدُثُ، فَاعْلَمُوا أَنَّهُ قَرِيبٌ بَلْ عَلَى الأَبْوَابِ!
٣٤ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَا يَزُولُ هَذَا الْجِيلُ أَبَداً، حَتَّى تَحْدُثَ هَذِهِ الأُمُورُ كُلُّهَا.
٣٥ إِنَّ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ تَزُولانِ؛ وَلكِنَّ كَلامِي لَا يَزُولُ أَبَداً.
اليوم والساعة غير معروفين
٣٦ أَمَّا ذَلِكَ الْيَوْمُ وَتِلْكَ السَّاعَةُ، فَلا يَعْرِفُهُمَا أَحَدٌ، وَلا مَلائِكَةُ السَّمَاوَاتِ، إِلّا الآبُ وَحْدَهُ.
٣٧ وَكَمَا كَانَتِ الْحَالُ فِي زَمَنِ نُوحٍ، كَذَلِكَ سَتَكُونُ عِنْدَ رُجُوعِ ابْنِ الإِنْسَانِ:
٣٨ فَقَدْ كَانَ النَّاسُ فِي الأَيَّامِ السَّابِقَةِ لِلطُّوفَانِ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ وَيَتَزَوَّجُونَ وَيُزَوِّجُونَ، حَتَّى فَاجَأَهُمُ الْيَوْمُ الَّذِي دَخَلَ فِيهِ نُوحٌ السَّفِينَةَ،
٣٩ وَنَزَلَ الطُّوفَانُ وَهُمْ لاهُونَ فَأَخَذَ الْجَمِيعَ. هَكَذَا سَتَكُونُ الْحَالُ عِنْدَ رُجُوعِ ابْنِ الإِنْسَانِ:
٤٠ عِنْدَئِذٍ يَكُونُ رَجُلانِ فِي الْحَقْلِ، فَيُؤْخَذُ أَحَدُهُمَا وَيُتْرَكُ الآخَرُ،
٤١ وَامْرَأَتَانِ تَطْحَنَانِ عَلَى الرَّحَى، فَتُؤْخَذُ إِحْدَاهُمَا، وَتُتْرَكُ الأُخْرَى.
٤٢ فَاسْهَرُوا إِذَنْ، لأَنَّكُمْ لَا تَعْرِفُونَ فِي أَيَّةِ سَاعَةٍ يَرْجِعُ رَبُّكُمْ.
٤٣ وَاعْلَمُوا أَنَّهُ لَوْ عَرَفَ رَبُّ الْبَيْتِ فِي أَيِّ رُبْعٍ مِنَ اللَّيْلِ يُفَاجِئُهُ اللِّصُّ، لَظَلَّ سَاهِراً وَلَمْ يَدَعْ بَيْتَهُ يُنْقَبُ.
٤٤ فَكُونُوا أَنْتُمْ أَيْضاً عَلَى اسْتِعْدَادٍ، لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ سَيَرْجِعُ فِي سَاعَةٍ لَا تَتَوَقَّعُونَهَا!
٤٥ فَمَنْ هُوَ إِذَنْ ذَلِكَ الْعَبْدُ الأَمِينُ وَالْحَكِيمُ الَّذِي أَقَامَهُ سَيِّدُهُ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ لِيُقَدِّمَ لَهُمُ الطَّعَامَ فِي أَوَانِهِ؟
٤٦ طُوبَى لِذَلِكَ الْعَبْدِ الَّذِي يَأْتِي سَيِّدُهُ فَيَجِدُهُ يَقُومُ بِعَمَلِهِ.
٤٧ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ سَيُقِيمُهُ عَلَى مُمْتَلَكَاتِهِ كُلِّهَا.
٤٨ وَلَكِنْ إِذَا قَالَ ذَلِكَ الْعَبْدُ الشِّرِّيرُ فِي قَلْبِهِ: سَيَتَأَخَّرُ سَيِّدِي فِي رُجُوعِهِ!
٤٩ وَبَدَأَ يَضْرِبُ زُمَلاءَهُ الْعَبِيدَ وَيَأْكُلُ وَيَشْرَبُ مَعَ السِّكِّيرِينَ،
٥٠ فَإِنَّ سَيِّدَ ذَلِكَ الْعَبْدِ لابُدَّ أَنْ يَرْجِعَ فِي يَوْمٍ لَا يَتَوَقَّعُهُ، وَسَاعَةٍ لَا يَعْرِفُهَا،
٥١ فَيُمَزِّقُهُ وَيَجْعَلُ نَصِيبَهُ مَعَ الْمُنَافِقِينَ، هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ!
٢٥
مَثل العشر العذارى
١ حِينَئِذٍ يُشَبَّهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ بِعَشْرِ عَذَارَى أَخَذْنَ مَصَابِيحَهُنَّ وَانْطَلَقْنَ لِمُلاقَاةِ الْعَرِيسِ.
٢ وَكَانَتْ خَمْسٌ مِنْهُنَّ حَكِيمَاتٍ، وَخَمْسٌ جَاهِلاتٍ.
٣ فَأَخَذَتِ الْجَاهِلاتُ مَصَابِيحَهُنَّ دُونَ زَيْتٍ.
٤ وَأَمَّا الْحَكِيمَاتُ، فَأَخَذْنَ مَعَ مَصَابِيحِهِنَّ زَيْتاً وَضَعْنَهُ فِي أَوْعِيَةٍ.
٥ وَإِذْ أَبْطَأَ الْعَرِيسُ، نَعَسْنَ جَمِيعاً وَنِمْنَ.
٦ وَفِي مُنْتَصَفِ اللَّيْلِ، دَوَّى الْهُتَافُ: هَا هُوَ الْعَرِيسُ آتٍ؛ فَانْطَلِقْنَ لِمُلاقَاتِهِ!
٧ فَنَهَضَتِ الْعَذَارَى جَمِيعاً وَجَهَّزْنَ مَصَابِيحَهُنَّ.
٨ وَقَالَتِ الْجَاهِلاتُ لِلْحَكِيمَاتِ: أَعْطِينَنَا بَعْضَ الزَّيْتِ مِنْ عِنْدِكُنَّ، فَإِنَّ مَصَابِيحَنَا تَنْطَفِئُ!
٩ فَأَجَابَتِ الْحَكِيمَاتُ: رُبَّمَا لَا يَكْفِي لَنَا وَلَكُنَّ. فَاذْهَبْنَ بِالأَحْرَى إِلَى بَائِعِي الزَّيْتِ وَاشْتَرِينَ لَكُنَّ!
١٠ وَبَيْنَمَا الْعَذَارَى الْجَاهِلاتُ ذَاهِبَاتٌ لِلشِّرَاءِ، وَصَلَ الْعَرِيسُ، فَدَخَلَتِ الْعَذَارَى الْمُسْتَعِدَّاتُ مَعَهُ إِلَى قَاعَةِ الْعُرْسِ، وَأُغْلِقَ الْبَابُ.
١١ وَبَعْدَ حِينٍ، رَجَعَتِ الْعَذَارَى الأُخْرَيَاتُ، وَقُلْنَ: يَا سَيِّدُ، يَا سَيِّدُ، افْتَحْ لَنَا!
١٢ فَأَجَابَ الْعَرِيسُ: الْحَقَّ أَقُولُ لَكُنَّ: إِنِّي لَا أَعْرِفُكُنَّ!
١٣ فَاسْهَرُوا إِذَنْ، لأَنَّكُمْ لَا تَعْرِفُونَ الْيَوْمَ وَلا السَّاعَةَ!
مَثل الوزنات
١٤ فَذَلِكَ أَشْبَهُ بِإِنْسَانٍ مُسَافِرٍ، اسْتَدْعَى عَبِيدَهُ وَسَلَّمَهُمْ أَمْوَالَهُ،
١٥ فَأَعْطَى وَاحِداً مِنْهُمْ خَمْسَ وَزْنَاتٍ (مِنَ الْفِضَّةِ)، وَأَعْطَى آخَرَ وَزْنَتَيْنِ، وَأَعْطَى الثَّالِثَ وَزْنَةً وَاحِدَةً، كُلَّ وَاحِدٍ عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِ، ثُمَّ سَافَرَ.
١٦ وَفِي الْحَالِ مَضَى الَّذِي أَخَذَ الْوَزْنَاتِ الْخَمْسَ وَتَاجَرَ بِها، فَرَبِحَ خَمْسَ وَزْنَاتٍ أُخْرَى.
١٧ وَعَمِلَ مِثْلَهُ الَّذِي أَخَذَ الوَزْنَتَيْنِ، فَرَبِحَ وَزْنَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ.
١٨ وَلَكِنَّ الَّذِي أَخَذَ الْوَزْنَةَ الْوَاحِدَةَ، مَضَى وَحَفَرَ حُفْرَةً فِي الأَرْضِ وَدَفَنَ مَالَ سَيِّدِهِ.
١٩ وَبَعْدَ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ، رَجَعَ سَيِّدُ أُولئِكَ الْعَبِيدِ وَاسْتَدْعَاهُمْ لِيُحَاسِبَهُمْ.
٢٠ فَجَاءَهُ الَّذِي أَخَذَ الْوَزْنَاتِ الْخَمْسَ، وَقَدَّمَ الْوَزْنَاتِ الْخَمْسَ الأُخْرَى، وَقَالَ: يَا سَيِّدُ، أَنْتَ سَلَّمْتَنِي خَمْسَ وَزْنَاتٍ، فَهَذِهِ خَمْسُ وَزْنَاتٍ غَيْرُهَا رَبِحْتُهَا!
٢١ فَقَالَ لَهُ سَيِّدُهُ: حَسَناً فَعَلْتَ أَيُّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ وَالأَمِينُ! كُنْتَ أَمِيناً عَلَى الْقَلِيلِ، فَسَأُقِيمُكَ عَلَى الْكَثِيرِ. اُدْخُلْ إِلَى فَرَحِ سَيِّدِكَ!
٢٢ ثُمَّ جَاءَهُ أَيْضاً الَّذِي أَخَذَ الْوَزْنَتَيْنِ وَقَالَ: يَا سَيِّدُ أَنْتَ سَلَّمْتَنِي وَزْنَتَيْنِ، فَهَاتَانِ وَزْنَتَانِ غَيْرُهُمَا رَبِحْتُهُمَا!
٢٣ فَقَالَ لَهُ سَيِّدُهُ: حَسَناً فَعَلْتَ أَيُّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ وَالأَمِينُ! كُنْتَ أَمِيناً عَلَى الْقَلِيلِ، فَسَأُقِيمُكَ عَلَى الْكَثِيرِ. اُدْخُلْ إِلَى فَرَحِ سَيِّدِكَ!
٢٤ ثُمَّ جَاءَهُ أَيْضاً الَّذِي أَخَذَ الْوَزْنَةَ الْوَاحِدَةَ، وَقَالَ: يَا سَيِّدُ، عَرَفْتُكَ رَجُلاً قَاسِياً، تَحْصُدُ مِنْ حَيْثُ لَمْ تَزْرَعْ، وَتَجْمَعُ مِنْ حَيْثُ لَمْ تَبْذُرْ،
٢٥ فَخِفْتُ، فَذَهَبْتُ وَدَفَنْتَ وَزْنَتَكَ فِي الأَرْضِ. فَهَذَا هُوَ مَالُكَ!
٢٦ فَأَجَابَهُ سَيِّدُهُ: أَيُّهَا الْعَبْدُ الشِّرِّيرُ الْكَسُولُ! عَرَفْتَ أَنِّي أَحْصُدُ مِنْ حَيْثُ لَمْ أَزْرَعْ، وَأَجْمَعُ مِنْ حَيْثُ لَمْ أَبْذُرْ،
٢٧ فَكَانَ يَحْسُنُ بِكَ أَنْ تُوْدِعَ مَالِي عِنْدَ الصَّيَارِفَةِ لِكَيْ أَسْتَرِدَّهُ لَدَى عَوْدَتِي مَعَ فَائِدَتِهِ!
٢٨ ثُمَّ قَالَ لِعَبِيدِهِ: خُذُوا مِنْهُ الْوَزْنَةَ، وَأَعْطُوهَا لِصَاحِبِ الْوَزْنَاتِ الْعَشْرِ:
٢٩ فَإِنَّ كُلَّ مَنْ عِنْدَهُ، يُعْطَى الْمَزِيدَ فَيَفِيضُ؛ وَمَنْ لَيْسَ عِنْدَهُ، فَحَتَّى الَّذِي عِنْدَهُ يُنْتَزَعُ مِنْهُ.
٣٠ أَمَّا هَذَا الْعَبْدُ الَّذِي لَا نَفْعَ مِنْهُ، فَاطْرَحُوهُ فِي الظُّلْمَةِ الْخَارِجِيَّةِ، هُنَاكَ يَكُونُ البُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ!
الخراف والجداء
٣١ وَعِنْدَمَا يَعُودُ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي مَجْدِهِ وَمَعَهُ جَمِيعُ مَلائِكَتِهِ، فَإِنَّهُ يَجْلِسُ عَلَى عَرْشِ مَجْدِهِ،
٣٢ وَتَجْتَمِعُ أَمَامَهُ الشُّعُوبُ كُلُّهَا، فَيَفْصِلُ بَعْضَهُمْ عَنْ بَعْضٍ كَمَا يَفْصِلُ الرَّاعِي الْغَنَمَ عَنِ الْمِعَازِ،
٣٣ فَيُوقِفُ الْغَنَمَ عَنْ يَمِينِهِ، وَالْمِعَازِ عَنْ يَسَارِهِ؛
٣٤ ثُمَّ يَقُولُ الْمَلِكُ لِلَّذِينَ عَنْ يَمِينِهِ: تَعَالَوْا يَا مَنْ بَارَكَهُمْ أَبِي، رِثُوا الْمَلَكُوتَ الَّذِي أُعِدَّ لَكُمْ مُنْذُ إِنْشَاءِ الْعَالَمِ:
٣٥ لأَنِّي جُعْتُ فَأَطْعَمْتُمُونِي، عَطِشْتُ فَسَقَيْتُمُونِي، كُنْتُ غَرِيباً فَآوَيْتُمُونِي،
٣٦ عُرْيَاناً فَكَسَوْتُمُونِي، مَرِيضاً فَزُرْتُمُونِي، سَجِيناً فَأَتَيْتُمْ إِلَيَّ!
٣٧ فَيَرُدُّ الصَّالِحونَ قَائِلِينَ: يَا رَبُّ، مَتَى رَأَيْنَاكَ جَائِعاً فَأَطْعَمْنَاكَ، أَوْ عَطْشَاناً فَسَقَيْنَاكَ؟
٣٨ وَمَتَى رَأَيْنَاكَ غَرِيباً فَآوَيْنَاكَ، أَوْ عُرْيَاناً فَكَسَوْنَاكَ؟
٣٩ وَمَتَى رَأَيْنَاكَ مَرِيضاً أَوْ سَجِيناً فَزُرْنَاكَ؟
٤٠ فَيُجِيبُهُمُ الْمَلِكُ: الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: بِمَا أَنَّكُمْ فَعَلْتُمْ ذَلِكَ بِأَحَدِ إِخْوَتِي هَؤُلاءِ الصِّغَارِ، فَبِي فَعَلْتُمْ!
٤١ ثُمَّ يَقُولُ لِلَّذِينَ عَنْ يَسَارِهِ: ابْتَعِدُوا عَنِّي يَا مَلاعِينُ إِلَى النَّارِ الأَبَدِيَّةِ الْمُعَدَّةِ لإِبْلِيسَ وَأَعْوَانِهِ!
٤٢ لأَنِّي جُعْتُ فَلَمْ تُطْعِمُونِي، وَعَطِشْتُ فَلَمْ تَسْقُونِي،
٤٣ كُنْتُ غَرِيباً فَلَمْ تَأْوُونِي، عُرْيَاناً فَلَمْ تَكْسُونِي، مَرِيضاً وَسَجِيناً فَلَمْ تَزُورُونِي!
٤٤ فَيَرُدُّ هَؤُلاءِ أَيْضاً قَائِلِينَ: يَا رَبُّ، مَتَى رَأَيْنَاكَ جَائِعاً أَوْ عَطْشَاناً أَوْ غَرِيباً أَوْ عُرْيَاناً أَوْ مَرِيضاً أَوْ سَجِيناً، وَلَمْ نَخْدِمْكَ؟
٤٥ فَيُجِيبُهُمْ: الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: بِمَا أَنَّكُمْ لَمْ تَفْعَلُوا ذَلِكَ بِأَحَدِ إِخْوَتِي هَؤُلاءِ الصِّغَارِ، فَبِي لَمْ تَفْعَلُوا!
٤٦ فَيَذْهَبُ هَؤُلاءِ إِلَى الْعِقَابِ الأَبَدِيِّ، وَالصَّالِحونَ إِلَى الْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ!»
٢٦
المؤامرة لقتل يسوع
١ وَلَمَّا أَنْهَى يَسُوعُ هَذِهِ الأَقْوَالَ كُلَّهَا، قَالَ لِتَلامِيذِهِ:
٢ «أَنْتُمْ تَعْرِفُونَ أَنَّهُ بَعْدَ يَوْمَيْنِ يَأْتِي الْفِصْحُ، وَسَوْفَ يُسَلَّمُ ابْنُ الإِنْسَانِ لِيُصْلَبَ».
٣ وَعِنْدَئِذٍ اجْتَمَعَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَشُيُوخُ الشَّعْبِ فِي دَارِ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ الْمَدْعُوِّ قَيَافَا،
٤ وَتَآمَرُوا لِيَقْبِضُوا عَلَى يَسُوعَ بِمَكْرٍ وَيَقْتُلُوهُ.
٥ وَلَكِنَّهُمْ قَالُوا: «لا نَفْعَلُ ذَلِكَ فِي الْعِيدِ، لِئَلّا يَحْدُثَ اضْطِرَابٌ بَيْنَ الشَّعْبِ!»
سكب العطر على المسيح
٦ وَإِذْ كَانَ يَسُوعُ فِي بَيْتِ عَنْيَا عِنْدَ سِمْعَانَ الأَبْرَصِ،
٧ جَاءَتْ إِلَيْهِ امْرَأَةٌ تَحْمِلُ قَارُورَةَ عِطْرٍ غَالِي الثَّمَنِ، وَسَكَبَتْهُ عَلَى رَأْسِهِ وَهُوَ مُتَّكِىءٌ.
٨ فَاسْتَاءَ التَّلامِيذُ لَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ، وَقَالُوا: «لِمَاذَا هَذَا التَّبْذِيرُ؟
٩ فَقَدْ كَانَ يُمْكِنُ أَنْ يُبَاعَ هَذَا الْعِطْرُ بِمَالٍ كَثِيرٍ، وَيُوْهَبَ الثَّمَنُ لِلْفُقَرَاءِ؟»
١٠ وَإِذْ عَلِمَ يَسُوعُ بِذلِكَ، قَالَ لَهُمْ: «لِمَاذَا تُضَايِقُونَ هَذِهِ الْمَرْأَةَ؟ إِنَّهَا عَمِلَتْ بِي عَمَلاً حَسَناً.
١١ فَإِنَّ الْفُقَرَاءَ عِنْدَكُمْ فِي كُلِّ حِينٍ؛ أَمَّا أَنَا فَلَنْ أَكُونَ عِنْدَكُمْ فِي كُلِّ حِينٍ.
١٢ فَإِنَّهَا إِذْ سَكَبَتِ الْعِطْرَ عَلَى جِسْمِي، فَقَدْ فَعَلَتْ ذَلِكَ إِعْدَاداً لِدَفْنِي.
١٣ وَالْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ حَيْثُ يُنَادَى بِهَذَا الإِنْجِيلِ فِي الْعَالَمِ أَجْمَعَ، يُحَدَّثُ أَيْضاً بِمَا عَمِلَتْهُ هَذِهِ الْمَرْأَةُ، إِحْيَاءً لِذِكْرِهَا».
يهوذا يتفق على تسليم يسوع
١٤ عِنْدَئِذٍ ذَهَبَ وَاحِدٌ مِنَ الاِثْنَيْ عَشَرَ، وَهُوَ الْمَدْعُوُّ يَهُوذَا الإِسْخَرْيُوطِيُّ، إِلَى رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ،
١٥ وَقَالَ: «كَمْ تُعْطُونَنِي لأُسَلِّمَهُ إِلَيْكُمْ؟» فَوَزَنُوا لَهُ ثَلاثِينَ قِطْعَةً مِنَ الْفِضَّةِ.
١٦ وَمِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ، أَخَذَ يَهُوذَا يَتَرَقَّبُ الْفُرْصَةَ لِتَسْلِيمِهِ.
عشاء الرب
١٧ وَفِي الْيَوْمِ الأَوَّلِ مِنْ أَيَّامِ الْفَطِيرِ، تَقَدَّمَ التَّلامِيذُ إِلَى يَسُوعَ يَسْأَلُونَ: «أَيْنَ تُرِيدُ أَنْ نُجَهِّزَ لَكَ الْفِصْحَ لِتَأْكُلَ؟»
١٨ أَجَابَهُمْ: «اُدْخُلُوا الْمَدِينَةَ، وَاذْهَبُوا إِلَى فُلانٍ وَقُولُوا لَهُ: الْمُعَلِّمُ يَقُولُ إِنَّ سَاعَتِي قَدِ اقْتَرَبَتْ، وَعِنْدَكَ سَأَعْمَلُ الْفِصْحَ مَعَ تَلامِيذِي».
١٩ فَفَعَلَ التَّلامِيذُ مَا أَمَرَهُمْ بِهِ يَسُوعُ، وَجَهَّزُوا الْفِصْحَ هُنَاكَ.
٢٠ وَعِنْدَ الْمَسَاءِ اتَّكَأَ مَعَ الاِثْنَيْ عَشَرَ.
٢١ وَبَيْنَمَا كَانُوا يَأْكُلُونَ، قَالَ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ وَاحِداً مِنْكُمْ سَيُسَلِّمُنِي».
٢٢ فَاسْتَوْلَى عَلَيْهِمِ الْحُزْنُ الشَّدِيدُ، وَأَخَذَ كُلٌّ مِنْهُمْ يَسْأَلُهُ: «هَلْ أَنَا يَا رَبُّ؟»
٢٣ فَأَجَابَ: «الَّذِي يَغْمِسُ يَدَهُ مَعِي فِي الصَّحْفَةِ هُوَ الَّذِي يُسَلِّمُنِي.
٢٤ إِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ لابُدَّ أَنْ يَمْضِيَ كَمَا قَدْ كُتِبَ عَنْهُ، وَلَكِنِ الْوَيْلُ لِذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي يُسَلِّمُ ابْنَ الإِنْسَانِ. كَانَ خَيْراً لِذَلِكَ الرَّجُلِ لَوْ لَمْ يُوْلَدْ!»
٢٥ فَسَأَلَهُ يَهُوذَا مُسَلِّمُهُ: «هَلْ أَنَا هُوَ يَا مُعَلِّمُ؟» أَجَابَهُ: «أَنْتَ قُلْتَ!»
٢٦ وَبَيْنَمَا كَانُوا يَأْكُلُونَ، أَخَذَ يَسُوعُ رَغِيفاً، وَبَارَكَ، وَكَسَّرَ وَأَعْطَى التَّلامِيذَ وَقَالَ: «خُذُوا، كُلُوا: هَذَا هُوَ جَسَدِي!»
٢٧ ثُمَّ أَخَذَ الْكَأْسَ، وَشَكَرَ، وَأَعْطَاهُمْ قَائِلاً: «اشْرَبُوا مِنْهَا كُلُّكُمْ.
٢٨ فَإِنَّ هَذَا هُوَ دَمِي الَّذِي لِلْعَهْدِ الْجَدِيدِ وَالَّذِي يُسْفَكُ مِنْ أَجْلِ كَثِيرِينَ لِمَغْفِرَةِ الْخَطَايَا.
٢٩ عَلَى أَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنِّي لَا أَشْرَبُ بَعْدَ الْيَوْمِ مِنْ نِتَاجِ الْكَرْمَةِ هَذَا حَتَّى يَأْتِيَ الْيَوْمُ الَّذِي فِيهِ أَشْرَبُهُ مَعَكُمْ جَدِيداً فِي مَلَكُوتِ أَبِي».
٣٠ ثُمَّ رَتَّلُوا، وَانْطَلَقُوا خَارِجاً إِلَى جَبَلِ الزَّيْتُونِ.
يسوع ينبئ بإنكار بطرس له
٣١ عِنْدَئِذٍ قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ سَتَشُكُّونَ فِيَّ كُلُّكُمْ. لأَنَّهُ قَدْ كُتِبَ: سَأَضْرِبُ الرَّاعِيَ، فَتَتَشَتَّتُ خِرَافُ الْقَطِيعِ.
٣٢ وَلَكِنْ بَعْدَ قِيَامَتِي أَسْبِقُكُمْ إِلَى الْجَلِيلِ».
٣٣ فَرَدَّ عَلَيْهِ بُطْرُسُ قَائِلاً: «وَلَوْ شَكَّ فِيكَ الْجَمِيعُ، فَأَنَا لَنْ أَشُكَّ!»
٣٤ أَجَابَهُ يَسُوعُ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنَّكَ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ، قَبْلَ أَنْ يَصِيحَ الدِّيكُ، تَكُونُ قَدْ أَنْكَرْتَنِي ثَلاثَ مَرَّاتٍ!»
٣٥ فَقَالَ بُطْرُسُ: «وَلَوْ كَانَ عَلَيَّ أَنْ أَمُوتَ مَعَكَ، لَا أُنْكِرُك أَبَداً!» وَقَالَ التَّلامِيذُ كُلُّهُمْ مِثْلَ هَذَا الْقَوْلِ.
جثسيماني
٣٦ ثُمَّ ذَهَبَ يَسُوعُ وَتَلامِيذُهُ إِلَى بُسْتَانٍ يُدْعَى جَثْسَيْمَانِي، وَقَالَ لَهُمْ: «اجْلِسُوا هُنَا حَتَّى أَذْهَبَ إِلَى هُنَاكَ وَأُصَلِّيَ».
٣٧ وَقَدْ أَخَذَ مَعَهُ بُطْرُسَ وَابْنَيْ زَبَدِي وَبَدَأَ يَشْعُرُ بِالْحُزْنِ وَالْكَآبَةِ.
٣٨ فَقَالَ لَهُمْ: «نَفْسِي حَزِينَةٌ جِدّاً حَتَّى الْمَوْتِ! ابْقَوْا هُنَا وَاسْهَرُوا مَعِي!»
٣٩ وَابْتَعَدَ عَنْهُمْ قَلِيلاً وَارْتَمَى عَلَى وَجْهِهِ يُصَلِّي، قَائِلاً: «يَا أَبِي، إِنْ كَانَ مُمْكِناً، فَلْتَعْبُرْ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسُ: وَلَكِنْ، لَا كَمَا أُرِيدُ أَنَا، بَلْ كَمَا تُرِيدُ أَنْتَ!»
٤٠ وَرَجَعَ إِلَى التَّلامِيذِ فَوَجَدَهُمْ نَائِمِينَ، فَقَالَ لِبُطْرُسَ: «أَهَكَذَا لَمْ تَقْدِرُوا أَنْ تَسْهَرُوا مَعِي سَاعَةً وَاحِدَةً؟
٤١ اسْهَرُوا وَصَلُّوا لِكَيْ لَا تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ. إِنَّ الرُّوحَ نَشِيطٌ؛ أَمَّا الْجَسَدُ فَضَعِيفٌ».
٤٢ وَذَهَبَ ثَانِيَةً يُصَلِّي، فَقَالَ: «يَا أَبِي، إِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُ أَنْ تَعْبُرَ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسُ إِلّا بِأَنْ أَشْرَبَهَا، فَلْتَكُنْ مَشِيئَتُك!»
٤٣ وَرَجَعَ إِلَى التَّلامِيذِ، فَوَجَدَهُمْ نَائِمِينَ أَيْضاً لأَنَّ النُّعَاسَ أَثْقَلَ أَعْيُنَهُمْ.
٤٤ فَتَرَكَهُمْ، وَعَادَ يُصَلِّي مَرَّةً ثَالِثَةً، وَرَدَّدَ الْكَلامَ نَفْسَهُ.
٤٥ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى تَلامِيذِهِ وَقَالَ: «نَامُوا الآنَ وَاسْتَرِيحُوا! حَانَتِ السَّاعَةُ، وَسَوْفَ يُسَلَّمُ ابْنُ الإِنْسَانِ إِلَى أَيْدِي الْخَاطِئِينَ.
٤٦ قُومُوا لِنَذْهَبَ! هَا قَدِ اقْتَرَبَ الَّذِي يُسَلِّمُنِي».
القبض على يسوع
٤٧ وَفِيمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ، إِذَا يَهُوذَا، أَحَدُ الاِثْنَيْ عَشَرَ، قَدْ وَصَلَ وَمَعَهُ جَمْعٌ عَظِيمٌ يَحْمِلُونَ السُّيُوفَ وَالْعِصِيَّ، وَقَدْ أَرْسَلَهُمْ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَشُيُوخُ الشَّعْبِ.
٤٨ وَكَانَ مُسَلِّمُهُ قَدْ أَعْطَاهُمْ عَلامَةً قَائِلاً: «الَّذِي أُقَبِّلُهُ هُوَ هُوَ؛ فَاقْبِضُوا عَلَيْهِ!»
٤٩ فَتَقَدَّمَ فِي الْحَالِ إِلَى يَسُوعَ وَقَالَ: «سَلامٌ يَا سَيِّدِي!» وَقَبَّلَهُ.
٥٠ فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «يَا صَاحِبِي، لِمَاذَا أَنْتَ هُنَا؟» فَتَقَدَّمَ الْجَمْعُ وَأَلْقَوْا الْقَبْضَ عَلَى يَسُوعَ.
٥١ وَإذَا وَاحِدٌ مِنَ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ يَسُوعَ قَدْ مَدَّ يَدَهُ وَاسْتَلَّ سَيْفَهُ، وَضَرَبَ عَبْدَ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ، فَقَطَعَ أُذُنَهُ.
٥٢ فَقَالَ يَسُوعُ لَهُ: «رُدَّ سَيْفَكَ إِلَى غِمْدِهِ! فَإِنَّ الَّذِينَ يَلْجَأُونَ إِلَى السَّيْفِ، بِالسَّيْفِ يَهْلِكُونَ!
٥٣ أَمْ تَظُنُّ أَنِّي لَا أَقْدِرُ الآنَ أَنْ أَطْلُبَ إِلَى أَبِي فَيُرْسِلَ لِي أَكْثَرَ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ جَيْشاً مِنَ الْمَلائِكَةِ؟
٥٤ وَلَكِنْ كَيْفَ يَتِمُّ الْكِتَابُ حَيْثُ يَقُولُ إِنَّ مَا يَحْدُثُ الآنَ لابُدَّ أَنْ يَحْدُثَ؟»
٥٥ ثُمَّ وَجَّهَ يَسُوعُ كَلامَهُ إِلَى الْجُمُوعِ قَائِلاً: «خَرَجْتُمْ بِالسُّيُوفِ وَالْعِصِيِّ لِتَقْبِضُوا عَلَيَّ كَمَا عَلَى لِصٍّ. كُنْتُ كُلَّ يَوْمٍ بَيْنَكُمْ أُعَلِّمُ فِي الْهَيْكَلِ، وَلَمْ تَقْبِضُوا عَلَيَّ!
٥٦ وَلَكِنْ، قَدْ حَدَثَ هَذَا كُلُّهُ لِتَتِمَّ كِتَابَاتُ الأَنْبِيَاءِ!» عِنْدَئِذٍ تَرَكَهُ التَّلامِيذُ كُلُّهُمْ وَهَرَبُوا!
المحاكمة أمام المجلس اليهودي
٥٧ وَأَمَّا الَّذِينَ قَبَضُوا عَلَى يَسُوعَ، فَسَاقُوهُ إِلَى قَيَافَا رَئِيسِ الْكَهَنَةِ، وَقَدِ اجْتَمَعَ عِنْدَهُ الْكَتَبَةُ وَالشُّيُوخُ.
٥٨ وَتَبِعَهُ بُطْرُسُ مِنْ بَعِيدٍ إِلَى دَارِ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ، ثُمَّ تَقَدَّمَ إِلَى الدَّاخِلِ، وَجَلَسَ بَيْنَ الْحُرَّاسِ لِيَرَى النِّهَايَةَ.
٥٩ وَانْعَقَدَ الْمَجْلِسُ مِنْ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخِ كُلِّهِمْ، وَبَحَثُوا عَنْ شَهَادَةِ زُورٍ عَلَى يَسُوعَ، لِيَحْكُمُوا عَلَيْهِ بِالْمَوْتِ،
٦٠ وَلَكِنَّهُمْ لَمْ يَجِدُوا، مَعَ أَنَّهُ حَضَرَ شُهُودُ زُورٍ كَثِيرُونَ. أَخِيراً تَقَدَّمَ اثْنَانِ
٦١ وَقَالا: «هَذَا قَالَ: إِنِّي أَقْدِرُ أَنْ أَهْدِمَ هَيْكَلَ اللهِ وَأَبْنِيَهُ فِي ثَلاثَةِ أَيَّامٍ».
٦٢ فَوَقَفَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ وَسَأَلَهُ: «أَمَا تُجِيبُ بِشَيْءٍ عَلَى مَا يَشْهَدُ بِهِ هَذَانِ عَلَيْكَ؟»
٦٣ وَلَكِنَّ يَسُوعَ ظَلَّ صَامِتاً. فَعَادَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ يَسْأَلُهُ: قَالَ: «أَسْتَحْلِفُكَ بِاللهِ الْحَيِّ أَنْ تَقُولَ لَنَا: هَلْ أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ؟»
٦٤ فَأَجَابَهُ يَسُوعُ: «أَنْتَ قُلْتَ! وَأَقُولُ لَكُمْ أَيْضاً إِنَّكُمْ مُنْذُ الآنَ سَوْفَ تَرَوْنَ ابْنَ الإِنْسَانِ جَالِساً عَنْ يَمِينِ الْقُدْرَةِ ثُمَّ آتِياً عَلَى سُحُبِ السَّمَاءِ!»
٦٥ فَشَقَّ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ ثِيَابَهُ وَصَرَخَ: «قَدْ جَدَّفَ! لَا حَاجَةَ بِنَا بَعْدُ إِلَى شُهُودٍ. وَهَا أَنْتُمْ قَدْ سَمِعْتُمْ تَجْدِيفَهُ.
٦٦ فَمَا رَأْيُكُمْ؟» أَجَابُوا: «يَسْتَحِقُّ عُقُوبَةَ الْمَوْتِ!»
٦٧ فَبَصَقُوا فِي وَجْهِهِ، وَضَرَبُوهُ، وَلَطَمَهُ بَعْضُهُمْ
٦٨ قَائِلِينَ: «تَنَبَّأْ لَنَا، أَيُّهَا الْمَسِيحُ، مَنْ ضَرَبَك!»
بطرس ينكر يسوع
٦٩ فِي تِلْكَ الأَثْنَاءِ كَانَ بُطْرُسُ جَالِساً فِي الدَّارِ الْخَارِجِيَّةِ، فَتَقَدَّمَتْ إِلَيْهِ خَادِمَةٌ وَقَالَتْ: «وَأَنْتَ كُنْتَ مَعَ يَسُوعَ الْجَلِيلِيِّ».
٧٠ فَأَنْكَرَ بُطْرُسُ أَمَامَ الْجَمِيعِ وَقَالَ: «لا أَدْرِي مَا تَقُولِينَ!»
٧١ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى مَدْخَلِ الدَّارِ، فَعَرَفَتْهُ خَادِمَةٌ أُخْرَى، فَقَالَتْ لِلْحَاضِرِينَ هُنَاكَ: «وَهَذَا كَانَ مَعَ يَسُوعَ النَّاصِرِيِّ!»
٧٢ فَأَنْكَرَ بُطْرُسُ مَرَّةً ثَانِيَةً وَأَقْسَمَ: «إِنِّي لَا أَعْرِفُ ذلِكَ الرَّجُلَ!»
٧٣ وَبَعْدَ قَلِيلٍ تَقَدَّمَ الْوَاقِفُونَ هُنَاكَ إِلَى بُطْرُسَ وَقَالُوا لَهُ: «بِالْحَقِّ إِنَّكَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ، فَإِنَّ لَهْجَتَكَ تَدُلُّ عَلَيْكَ!»
٧٤ فَابْتَدَأَ بُطْرُسُ يَلْعَنُ وَيَحْلِفُ، قَائِلاً: «إِنِّي لَا أَعْرِفُ ذَلِكَ الرَّجُلَ!» وَفِي الْحَالِ صَاحَ الدِّيكُ،
٧٥ فَتَذَكَّرَ بُطْرُسُ كَلِمَةَ يَسُوعَ إِذْ قَالَ لَهُ: «قَبْلَ أَنْ يَصِيحَ الدِّيكُ تَكُونُ قَدْ أَنْكَرْتَنِي ثَلاثَ مَرَّاتٍ». فَخَرَجَ إِلَى الْخَارِجِ، وَبَكَى بُكَاءً مُرّاً.
٢٧
انتحار يهوذا
١ وَلَمَّا طَلَعَ الصَّبَاحُ، عَقَدَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَشُيُوخُ الشَّعْبِ اجْتِمَاعاً آخَرَ، وَتَآمَرُوا عَلَى يَسُوعَ لِيُنْزِلُوا بِهِ عُقُوبَةَ الْمَوْتِ.
٢ ثُمَّ قَيَّدُوهُ وَسَاقُوهُ فَسَلَّمُوهُ إِلَى بِيلاطُسَ الْحَاكِمِ.
٣ فَلَمَّا رَأَى يَهُوذَا مُسَلِّمُهُ أَنَّ الْحُكْمَ عَلَيْهِ قَدْ صَدَرَ، نَدِمَ وَرَدَّ الثَّلاثِينَ قِطْعَةً مِنَ الْفِضَّةِ إِلَى رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخِ،
٤ وَقَالَ: «قَدْ أَخْطَأْتُ إِذْ سَلَّمْتُكُمْ دَماً بَرِيئاً». فَأَجَابُوهُ: «لَيْسَ هَذَا شَأْنَنَا نَحْنُ، بَلْ هُوَ شَأْنُكَ أَنْتَ!»
٥ فَأَلْقَى قِطَعَ الْفِضَّةِ فِي الْهَيْكَلِ وَانْصَرَفَ، ثُمَّ ذَهَبَ وَشَنَقَ نَفْسَهُ.
٦ فَأَخَذَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ قِطَعَ الْفِضَّةِ وَقَالُوا: «هَذَا الْمَبْلَغُ ثَمَنُ دَمٍ، فَلا يَحِلُّ لَنَا إِلْقَاؤُهُ فِي صُنْدُوقِ الْهَيْكَلِ!»
٧ وَبَعْدَ التَّشَاوُرِ اشْتَرَوْا بِالْمَبْلَغِ حَقْلَ الْفَخَّارِيِّ لِيَكُونَ مَقْبَرَةً لِلْغُرَبَاءِ،
٨ وَلِذَلِكَ مَازَالَ هَذَا الْحَقْلُ يُدْعَى حَتَّى الْيَوْمِ حَقْلَ الدَّمِ.
٩ عِنْدَئِذٍ تَمَّ مَا قِيلَ بِلِسَانِ النَّبِيِّ إِرْمِيَا الْقَائِلِ: «وَأَخَذُوا الثَّلاثِينَ قِطْعَةً مِنَ الْفِضَّةِ، ثَمَنَ الْكَرِيمِ الَّذِي ثَمَّنَهُ بَنُو إِسْرَائِيلَ،
١٠ وَدَفَعُوهَا لِقَاءَ حَقْلِ الْفَخَّارِيِّ، كَمَا أَمَرَنِي الرَّبُّ».
صلب يسوع
١١ وَوَقَفَ يَسُوعُ أَمَامَ الْحَاكِمِ. فَسَأَلَهُ الْحَاكِمُ: «أَأَنْتَ مَلِكُ الْيَهُودِ؟» أَجَابَهُ: «أَنْتَ قُلْتَ!»
١٢ وَكَانَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخُ يُوَجِّهُونَ ضِدَّهُ الاِتِّهَامَاتِ، وَهُوَ صَامِتٌ لَا يَرُدُّ.
١٣ فَقَالَ لَهُ بِيلاطُسُ: «أَمَا تَسْمَعُ مَا يَشْهَدُونَ بِهِ عَلَيْكَ؟»
١٤ لَكِنَّ يَسُوعَ لَمْ يُجِبِ الْحَاكِمَ وَلَوْ بِكَلِمَةٍ، حَتَّى تَعَجَّبَ الْحَاكِمُ كَثِيراً.
١٥ وَكَانَ مِنْ عَادَةِ الْحَاكِمِ فِي كُلِّ عِيدٍ أَنْ يُطْلِقَ لِجُمْهُورِ الشَّعْبِ أَيَّ سَجِينٍ يُرِيدُونَهُ.
١٦ وَكَانَ عِنْدَهُمْ وَقْتَئِذٍ سَجِينٌ مَشْهُورٌ اسْمُهُ بَارَابَاسُ؛
١٧ فَفِيمَا هُمْ مُجْتَمِعُونَ، سَأَلَهُمْ بِيلاطُسُ: «مَنْ تُرِيدُونَ أَنْ أُطْلِقَ لَكُمْ: بَارَابَاسَ، أَمْ يَسُوعَ الَّذِي يُدْعَى الْمَسِيحَ؟»
١٨ إِذْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُمْ سَلَّمُوهُ عَنْ حَسَدٍ.
١٩ وَفِيمَا هُوَ جَالِسٌ عَلَى مَنَصَّةِ الْقَضَاءِ، أَرْسَلَتْ إِلَيْهِ زَوْجَتُهُ تَقُولُ: «إِيَّاكَ وَذَلِكَ الْبَارَّ! فَقَدْ تَضَايَقْتُ الْيَوْمَ كَثِيراً فِي حُلْمٍ بِسَبَبِهِ».
٢٠ وَلَكِنَّ رُؤَسَاءَ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخَ حَرَّضُوا الْجُمُوعَ أَنْ يُطَالِبُوا بِإِطْلاقِ بَارَابَاسَ وَقَتْلِ يَسُوعَ.
٢١ فَسَأَلَهُمْ بِيلاطُسُ: «أَيَّ الاِثْنَيْنِ تُرِيدُونَ أَنْ أُطْلِقَ لَكُمْ؟» أَجَابُوا: «بَارَابَاسَ».
٢٢ فَعَادَ يَسْأَلُ: «فَمَاذَا أَفْعَلُ بِيَسُوعَ الَّذِي يُدْعَى الْمَسِيحَ؟» أَجَابُوا جَمِيعاً: «لِيُصْلَبْ!»
٢٣ فَسَأَلَ الْحَاكِمُ: «وَأَيَّ شَرٍّ فَعَلَ؟» فَازْدَادُوا صُرَاخاً: «لِيُصْلَبْ!»
٢٤ فَلَمَّا رَأَى بِيلاطُسُ أَنَّهُ لَا فَائِدَةَ، وَأَنَّ فِتْنَةً تَكَادُ تَنْشَبُ بِالأَحْرَى، أَخَذَ مَاءً وَغَسَلَ يَدَيْهِ أَمَامَ الْجَمْعِ، وَقَالَ: «أَنَا بَرِيءٌ مِنْ دَمِ هَذَا الْبَارِّ. فَانْظُرُوا أَنْتُمْ فِي الأَمْرِ!»
٢٥ فَأَجَابَ الشَّعْبُ بِأَجْمَعِهِ: «لِيَكُنْ دَمُهُ عَلَيْنَا وَعَلَى أَوْلادِنَا!»
٢٦ فَأَطْلَقَ لَهُمْ بَارَابَاسَ؛ وَأَمَّا يَسُوعُ فَجَلَدَهُ، ثُمَّ سَلَّمَهُ إِلَى الصَّلْبِ.
الجنود يستهزئون بيسوع
٢٧ فَاقْتَادَ جُنُودُ الْحَاكِمِ يَسُوعَ إِلَى دَارِ الْحُكُومَةِ، وَجَمَعُوا عَلَيْهِ جُنُودَ الْكَتِيبَةِ كُلِّهَا،
٢٨ فَجَرَّدُوهُ مِنْ ثِيَابِهِ، وَأَلْبَسُوهُ رِدَاءً قِرْمِزِيًّا،
٢٩ وَجَدَلُوا إِكْلِيلاً مِنْ شَوْكٍ وَضَعُوهُ عَلَى رَأْسِهِ، وَوَضَعُوا قَصَبَةً فِي يَدِهِ الْيُمْنَى، وَرَكَعُوا أَمَامَهُ يَسْخَرُونَ مِنْهُ وَهُمْ يَقُولُونَ: «سَلامٌ يَا مَلِكَ الْيَهُودِ!»
٣٠ وَبَصَقُوا عَلَيْهِ، وَأَخَذُوا القَصَبَةَ مِنْهُ، وَضَرَبُوهُ بِها عَلَى رَأْسِهِ.
٣١ وَبَعْدَمَا أَوْسَعُوهُ سُخْرِيَةً، نَزَعُوا عَنْهُ الرِّدَاءَ، وَأَلْبَسُوهُ ثِيَابَهُ، وَسَاقُوهُ إِلَى الصَّلْبِ.
٣٢ وَبَيْنَمَا كَانَ الْجُنُودُ يَسُوقُونَهُ إِلَى الصَّلْبِ، وَجَدُوا رَجُلاً مِنَ الْقَيْرَوَانِ اسْمُهُ سِمْعَانُ، فَسَخَّرُوهُ أَنْ يَحْمِلَ عَنْهُ الصَّلِيبَ.
٣٣ وَلَمَّا وَصَلُوا إِلَى الْمَكَانِ الْمَعْرُوفِ بالْجُلْجُثَةِ، وَهُوَ الَّذِي يُدْعَى مَكَانَ الْجُمْجُمَةِ،
٣٤ أَعْطَوْا يَسُوعَ خَمْراً مَمْزُوجَةً بِمَرَارَةٍ لِيَشْرَبَ فَلَمَّا ذَاقَهَا، رَفَضَ أَنْ يَشْرَبَهَا.
٣٥ فَصَلَبُوهُ، ثُمَّ تَقَاسَمُوا ثِيَابَهُ فِيمَا بَيْنَهُمْ مُقْتَرِعِينَ عَلَيْهَا.
٣٦ وَجَلَسُوا هُنَاكَ يَحْرُسُونَهُ؛
٣٧ وَقَدْ عَلَّقُوا فَوْقَ رَأْسِهِ لافِتَةً تَحْمِلُ تُهْمَتَهُ، مَكْتُوباً عَلَيْهَا: «هَذَا هُوَ يَسُوعُ، مَلِكُ الْيَهُودِ».
٣٨ وَصَلَبُوا مَعَهُ لِصَّيْنِ، وَاحِداً عَنِ الْيَمِينِ، وَوَاحِداً عَنِ الْيَسَارِ.
٣٩ وَكَانَ الْمَارَّةُ يَشْتُمُونَهُ، وَهُمْ يَهُزُّونَ رُؤُوسَهُمْ
٤٠ وَيَقُولُونَ: «يَا هَادِمَ الْهَيْكَلِ وَبَانِيَهُ فِي ثَلاثَةِ أَيَّامٍ، خَلِّصْ نَفْسَكَ! إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللهِ فَانْزِلْ عَنِ الصَّلِيبِ!»
٤١ وَسَخِرَ مِنْهُ أَيْضاً رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةُ وَالشُّيُوخُ، قَائِلِينَ:
٤٢ «خَلَّصَ غَيْرَهُ؛ أَمَّا نَفْسَهُ فَلا يَقْدِرُ أَنْ يُخَلِّصَ! أَهُوَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ؟ فَلْيَنْزِلِ الآنَ عَنِ الصَّلِيبِ فَنُؤْمِنَ بِهِ!
٤٣ تَوَكَّلَ عَلَى اللهِ، فَلْيُخَلِّصْهُ الآنَ إِنْ كَانَ يُرِيدُهُ! فَهُوَ قَدْ قَالَ: أَنَا ابْنُ اللهِ!»
٤٤ وَكَانَ اللِّصَّانِ الْمَصْلُوبَانِ مَعَهُ يَسْخَرَانِ مِنْهُ بِمِثْلِ هَذَا الْكَلامِ!
يسوع يسلم الروح
٤٥ وَمِنَ السَّاعَةِ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ ظُهْراً إِلَى السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ بَعْدَ الظُّهْرِ، حَلَّ الظَّلامُ عَلَى الأَرْضِ كُلِّهَا.
٤٦ وَنَحْوَ السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ صَرَخَ يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: «إِيلِي، إِيلِي، لَمَا شَبَقْتَنِي؟» أَيْ: «إِلهِي، إِلهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟»
٤٧ فَلَمَّا سَمِعَهُ بَعْضُ الْوَاقِفِينَ هُنَاكَ، قَالُوا: «إِنَّهُ يُنَادِي إِيلِيَّا!»
٤٨ فَرَكَضَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ، وَأَخَذَ إِسْفِنْجَةً غَمَسَهَا فِي الْخَلِّ، وَثَبَّتَهَا عَلَى قَصَبَةٍ وَقَدَّمَ إِلَيْهِ لِيَشْرَبَ؛
٤٩ وَلَكِنَّ الْبَاقِينَ قَالُوا: «دَعْهُ وَشَأْنَهُ! لِنَرَ هَلْ يَأْتِي إِيلِيَّا لِيُخَلِّصَهُ!»
٥٠ فَصَرَخَ يَسُوعُ مَرَّةً أُخْرَى بِصَوْتٍ عَظِيمٍ، وَأَسْلَمَ الرُّوحَ.
٥١ وَإذَا سِتَارُ الْهَيْكَلِ قَدِ انْشَقَّ شَطْرَيْنِ، مِنَ الأَعْلَى إِلَى الأَسْفَلِ، وَتَزَلْزَلَتِ الأَرْضُ، وَتَشَقَّقَتِ الصُّخُورُ،
٥٢ وَتَفَتَّحَتِ الْقُبُورُ، وَقَامَتْ أَجْسَادٌ كَثِيرَةٌ لِقِدِّيسِينَ كَانُوا قَدْ رَقَدُوا؛
٥٣ وَإِذْ خَرَجُوا مِنَ الْقُبُورِ، دَخَلُوا الْمَدِينَةَ الْمُقَدَّسَةَ بَعْدَ قِيَامَةِ يَسُوعَ، وَرَآهُمْ كَثِيرُونَ.
٥٤ وَأَمَّا قَائِدُ الْمِئَةِ، وَجُنُودُهُ الَّذِينَ كَانُوا يَتَوَلَّوْنَ حِرَاسَةَ يَسُوعَ، فَقَدِ اسْتَوْلَى عَلَيْهِمْ خَوْفٌ شَدِيدٌ حِينَمَا رَأَوْا الزِّلْزَالَ وَكُلَّ مَا جَرَى، فَقَالُوا: «حَقّاً كَانَ هَذَا ابْنَ اللهِ!»
٥٥ وَمِنْ بَعِيدٍ، كَانَتْ نِسَاءٌ كَثِيرَاتٌ يُرَاقِبْنَ مَا يَجْرِي، وَكُنَّ قَدْ تَبِعْنَ يَسُوعَ مِنَ الْجَلِيلِ لِيَخْدِمْنَهُ،
٥٦ وَبَيْنَهُنَّ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ، وَمَرْيَمُ أُمُّ يَعْقُوبَ وَيُوسِي، وَأُمُّ ابْنَيْ زَبَدِي.
دفن جثمان يسوع
٥٧ وَلَمَّا حَلَّ الْمَسَاءُ، جَاءَ رَجُلٌ غَنِيٌّ مِنْ بَلْدَةِ الرَّامَةِ، اسْمُهُ يُوسُفُ، كَانَ أَيْضاً تِلْمِيذاً لِيَسُوعَ.
٥٨ فَتَقَدَّمَ إِلَى بِيلاطُسَ يَطْلُبُ جُثْمَانَ يَسُوعَ. فَأَمَرَ بِيلاطُسُ أَنْ يُعْطَى لَهُ
٥٩ فَأَخَذَ يُوسُفُ الْجُثْمَانَ، وَكَفَّنَهُ بِكَتَّانٍ نَقِيٍّ،
٦٠ وَدَفَنَهُ فِي قَبْرِهِ الْجَدِيدِ الَّذِي كَانَ قَدْ حَفَرَهُ فِي الصَّخْرِ؛ وَدَحْرَجَ حَجَراً كَبِيراً عَلَى بَابِ الْقَبْرِ، ثُمَّ ذَهَبَ.
٦١ وَكَانَتْ هُنَاكَ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَمَرْيَمُ الأُخْرَى جَالِسَتَيْنِ تِجَاهَ الْقَبْرِ.
حراسة القبر
٦٢ وَفِي الْيَوْمِ التَّالِي، أَيْ بَعْدَ الإِعْدَادِ لِلسَّبْتِ، تَقَدَّمَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْفَرِّيسِيُّونَ مَعاً إِلَى بِيلاطُسَ،
٦٣ وَقَالُوا: «يَا سَيِّدُ. تَذَكَّرْنَا أَنَّ ذَلِكَ الْمُضَلِّلَ قَالَ وَهُوَ حَيٌّ: إِنِّي بَعْدَ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ أَقُومُ.
٦٤ فَأَصْدِرْ أَمْراً بِحِرَاسَةِ الْقَبْرِ بِإِحْكَامٍ إِلَى الْيَوْمِ الثَّالِثِ، لِئَلّا يَأْتِيَ تَلامِيذُهُ وَيَسْرِقُوهُ، وَيَقُولُوا لِلشَّعْبِ: إِنَّهُ قَامَ مِنْ بَيْنِ الأَمْوَاتِ، فَيَكُونَ التَّضْلِيلُ الأَخِيرُ أَسْوَأَ مِنَ الأَوَّلِ».
٦٥ فَأَجَابَهُمْ بِيلاطُسُ: «عِنْدَكُمْ حُرَّاسٌ! فَاذْهَبُوا وَاحْرُسُوهُ كَمَا تَرَوْنَ».
٦٦ فَذَهَبُوا وَأَحْكَمُوا إِغْلاقَ الْقَبْرِ، وَخَتَمُوا الْحَجَرَ، وَأَقَامُوا حُرَّاساً.
٢٨
القيامة
١ وَفِي الْيَوْمِ الأَوَّلِ مِنَ الأُسْبُوعِ، بَعْدَ انْتِهَاءِ السَّبْتِ، ذَهَبَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَمَرْيَمُ الأُخْرَى تَتَفَقَّدَانِ الْقَبْرَ.
٢ فَإِذَا زِلْزَالٌ عَنِيفٌ قَدْ حَدَثَ، لأَنَّ مَلاكاً مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ، وَجَاءَ فَدَحْرَجَ الْحَجَرَ وَجَلَسَ عَلَيْهِ.
٣ وَكَانَ مَنْظَرُ الْمَلاكِ كَالْبَرْقِ، وَثَوْبُهُ أَبْيَضَ كَالثَّلْجِ.
٤ وَلَمَّا رَآهُ الْجُنُودُ الَّذِينَ كَانُوا يَحْرُسُونَ الْقَبْرَ، أَصَابَهُمُ الذُّعْرُ وَصَارُوا كَأَنَّهُمْ مَوْتَى.
٥ فَطَمْأَنَ المَلاكُ الْمَرْأَتَيْنِ قَائِلاً: «لا تَخَافَا. فَأَنَا أَعْلَمُ إِنَّكُمَا تَبْحَثَانِ عَنْ يَسُوعَ الَّذِي صُلِبَ.
٦ إِنَّهُ لَيْسَ هُنَا، فَقَدْ قَامَ، كَمَا قَالَ. تَعَالَيَا وَانْظُرَا الْمَكَانَ الَّذِي كَانَ مَوْضُوعاً فِيهِ.
٧ وَاذْهَبَا بِسُرْعَةٍ وَأَخْبِرَا تَلامِيذَهُ أَنَّهُ قَدْ قَامَ مِنْ بَيْنِ الأَمْوَاتِ، وَهَا هُوَ يَسْبِقُكُمْ إِلَى الْجَلِيلِ، هُنَاكَ تَرَوْنَهُ. هَا أَنَا قَدْ أَخْبَرْتُكُمَا!»
٨ فَانْطَلَقَتِ الْمَرْأَتَانِ مِنَ الْقَبْرِ مُسْرِعَتَيْنِ، وَقَدِ اسْتَوْلَى عَلَيْهِمَا خَوْفٌ شَدِيدٌ وَفَرَحٌ عَظِيمٌ، وَرَكَضَتَا إِلَى التَّلامِيذِ تَحْمِلانِ الْبُشْرَى.
٩ وَفِيمَا هُمَا مُنْطَلِقَتَانِ لِتُبَشِّرَا التَّلامِيذَ، إِذَا يَسُوعُ نَفْسُهُ قَدِ الْتَقَاهُمَا وَقَالَ: «سَلامٌ!» فَتَقَدَّمَتَا وَأَمْسَكَتَا بِقَدَمَيْهِ، وَسَجَدَتَا لَهُ.
١٠ فَقَالَ لَهُمَا يَسُوعُ: «لا تَخَافَا! اذْهَبَا قُولا لإِخْوَتِي أَنْ يَذْهَبُوا إِلَى الْجَلِيلِ، وَهُنَاكَ يَرَوْنَنِي!»
تقرير الحراس
١١ وَبَيْنَمَا كَانَتِ الْمَرْأَتَانِ ذَاهِبَتَيْنِ، إِذَا بَعْضُ الْحُرَّاسِ قَدْ ذَهَبُوا إِلَى الْمَدِينَةِ وَأَخْبَرُوا رُؤَسَاءَ الْكَهَنَةِ بِكُلِّ مَا جَرَى.
١٢ فَاجْتَمَعَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخُ وَتَشَاوَرُوا فِي الأَمْرِ. ثُمَّ رَشَوْا الْجُنُودَ بِمَالٍ كَثِيرٍ،
١٣ وَقَالُوا لَهُمْ: «قُولُوا: إِنَّ تَلامِيذَهُ جَاءُوا لَيْلاً وَسَرَقُوهُ وَنَحْنُ نَائِمُونَ!
١٤ فَإِذَا بَلَغَ الْخَبَرُ الْحَاكِمَ، فَإِنَّنَا نُدَافِعُ عَنْكُمْ، فَتَكُونُونَ فِي مَأْمَنٍ مِنْ أَيِّ سُوءٍ».
١٥ فَأَخَذَ الْجُنُودُ الْمَالَ، وَعَمِلُوا كَمَا لَقَّنُوهُمْ. وَقَدِ انْتَشَرَتْ هَذِهِ الإِشَاعَةُ بَيْنَ الْيَهُودِ إِلَى الْيَوْمِ.
الإرسالية العظمى
١٦ وَأَمَّا التَّلامِيذُ الأَحَدَ عَشَرَ، فَذَهَبُوا إِلَى مِنْطَقَةِ الْجَلِيلِ، إِلَى الْجَبَلِ الَّذِي عَيَّنَهُ لَهُمْ يَسُوعُ.
١٧ فَلَمَّا رَأَوْهُ، سَجَدُوا لَهُ. وَلَكِنَّ بَعْضَهُمْ شَكُّوا،
١٨ فَتَقَدَّمَ يَسُوعُ وَكَلَّمَهُمْ قَائِلاً: «دُفِعَ إِليَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ.
١٩ فَاذْهَبُوا إِذَنْ، وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ، وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآبِ وَالاِبْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ؛
٢٠ وَعَلِّمُوهُمْ أَنْ يَعْمَلُوا بِكُلِّ مَا أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ. وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْتِهَاءِ الزَّمَانِ!»
هل تفهم ما تقرأ؟
تواصل معنا على ال واتساب لنجيب على جميع أسئلتكمالكتاب المقدس، كتاب الحياة
.Inc. ،Biblica 2012 ،1997 ،1988 ©
جميع الحقوق محفوظة في جميع أانحاء العالم، مستخدم ب إاذن من الناشر
الكتاب المقدس هو مكتبة صغيرة من الكتب. كتبه كتاب كثيرون بوحي من الله. ويحوي بطياته على ٦٦ كتاب مقسمة على عهدين: العهد القديم والعهد الجديد. لقراءة فصل أو كتاب آخر من الكتاب المقدس، اختر من القائمة التالية.